استرجع محمد كريشان الإعلامي الشهير الذي يشتغل في قناة الجزيرة الإخبارية في قطر منذ تأسيسها ، ذكرياته في عالم الصحافة المرتبطة بلقاءاته بالزعماء وخصص مقالا عن شخصية الملك الراحل الحسن الثاني.
كريشان في مقال نشره في موقع جريدة القدس العربي بعنوان “ذكريات مغربية” تذكر واحدة من المهام الصحفية التي جاءت به إلى المغرب وهي تغطية أشغال القمة العربية في سنة 1985، وروى انطباعاته عن واقعة مثيرة للحسن الثاني في المؤتمر الصحفي الختامي للقمة.
يؤكد كريشان: ” كانت تلك أول قمة عربية أشهدها فأعددت قائمة من الأسئلة التي يمكن أن أطرحها وشرعت في تقليب أيها أكثر قوة”.
واضاف: “بدأ المؤتمر الصحافي وبدا جليا أن مزاج الملك لم يكن على ما يرام
يومها إذ شرع في «بهدلة» الصحافيين بلا رحمة. أول الضحايا على ما أذكر كانت منى
نبعة مديرة مكتب وكالة الأنباء الفرنسية في المغرب العربي:
– جلالة الملك… قرارات هذه القمة لم تكن على المستوى الذي كانت تتطلبه الأوضاع
وخطورة المرحلة وتحدياتها.. هل من تفسير لهذا القصور؟؟
– سيدتي لا أعتقد أن كل هؤلاء القادة العرب جاؤوا وتباحثوا في ما تباحثوا فيه
وخاضوا في ما خاضوا فيه حتى تأتي حضرتك لتحكم على قراراتهم ..القرارات أتخذت ليس
لتنال إعجابك أنت!!.”
و سجل الإعلامي التونسي واقعة محرجة عاشها صحفي مصري كان يود توجيه سؤاله إلى الحسن الثاني: ” السؤال التالي كان لمراسل مصري لم يتمكن المسكين حتى من إكمال سؤاله بعد أن عرّف بنفسه إذ عالجه الملك بالقول، وسط دهشة الحضور: «عندما مرضت في الفترة الأخيرة ..رئيسكم لم يكلّف نفسه حتى رفع السماعة ليسأل عن أحوالي..إجلس!! من لديه سؤال آخر؟؟«”
في هذه اللحظة أعاد محمد كريشان النظر في مسألة طلب الكلمة لطرح أسئلته وقرر التراجع خوفا من إحراج الملك له، فيقول عن تلك الواقعة التي عاشها: “نظرت إلى أسئلتي التي كنت أسعى لانتقاء أكثرها إثارة فطويتها مسرعا ودسستها في جيبي كمن اختلس لتوه ورقة نقدية ويخشى افتضاح أمره…مهمهما في سري «خليك في حالك أحسن!!.”
ويستدرك صاحب المقال: “ربما لو كنت على دراية كافية وقتها بشخصية العاهل المغربي لما استغربت الذي حدث فالرجل شديد الاعتداد بنفسه، واسع الثقافة العربية والاسلامية والغربية، سريع البديهة، حاد الذكاء، متحدث لبق باللغتين العربية والفرنسية التي يجيدها أفضل من أهلها، قوي العبارات التي ينفثها بسهولة نفثه لدخان السجائر التي كان لا يتركها حتى خلال اللقاءات الصحافية. والأهم من كل ما سبق أنه كان يستمتع بإحراج الصحافيين، خاصة الفرنسيين منهم، الذين كان يعرف مسبقا أنهم عادة ما يأتونه بأكثر الأسئلة إحراجا وأحيانا استفزازا.”