فريدة بن سليم/وهران خاص ب”رسبريس”
يصادف 12يناير من كل سنة، الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة ، أو ما يسمى ” يناير ” أو حتى ” الناير”.
يناير: الرمزية و الأصول
يمثل ” يناير” التقويم الأمازيغي، وهو تقويم يختلف عن التقويم الهجري و التقويم الميلادي ،فإذا كان التقويم الهجري يرمز للهجرة النبوية الشريفة، و التقويم الميلادي يرمز لميلاد المسيح ” عيسى ” عليه السلام ، أما التقويم الأمازيغي فهو يختلف عن الاثنين ، إذ تعدد الآراء عن رمزية هده المناسبة و حتى أصلها ففي المخيال الشعبي و الثقافي فهي تعبر عن موسم الحصاد و النماء، فيناير هو تيمنا بموسم الزرع، ووفرة الإنتاج في السنة الجديدة. وبالتالي فهو يرمز للتقويم الفلاحي ، المرتبط بالأرض . بينما يظهر البعض الآخر إلى أن ” يناير” تعود رمزيته لذكرى انتصار الزعيم الأمازيغي ” شاشتاق” على رمسيس الثاني فرعون مصر القديمة . و بالتالي يناير يؤرخ لاعتلاء ” شاشتاق” الحكم .
وليشكل الحدث هو بداية للتأريخ الأمازيغي ، و اعتمد هدا التقويم من سنة 1950ق.م ، و لتوافق سنة2019 سنة 2969 عند الأمازيغ.
طقوس الاحتفال ب”يناير” مابين ” الشر شم”، ” الكسكسي” ،و” الشخشوخة “…و ” المكسرات الطبق الأبرز:
إدا سألت عن الطبق الرئيسي في “يناير “،فأول إجابة تتبادر للأذهان قد تكون ” الشرشم”، أو ” الكسكسي “، أو حتى ” الخشخوشة ” ، لكن ” المكسرات تبقى الإجابة المتفق عليها ، ذلك أنه يشكل طبق رئيسي للاحتفال ب” يناير ” لذى غالبية الجزائريين .
وقد تختلف طقوس وعادات الاحتفال بهذه المناسبة من منطقة إلى أخرى، ذلك أن لكل منطقة خصوصيتها، لكن تبقى المكسرات العادة الوحيدة التي تجمع مختلف المناطق الجزائرية.
ففي منطقة القبائل مثلا ، تزين الشوارع بالزينة لاستقبال السنة الجديدة ، وتعد الجدات و الأمهات طبق ” الكسكسي ” بعد أن يتم ذبح ديك رومي أو حتى ديك عادي ، ليوضع الكسكسى على نار هادئة و تحركه النسوة ، وهن يدندن بعض الأغاني الشعبية الأمازيغية المتوارثة على الأجيال ، كما يعد ” الشر شم ” ذلك الطبق المطبوخ و المتكون من القمح ، وهناك من يضيف عليه بعض البقوليات كالفول و الحمص و غيره .بالإضافة إلى تلك التمور و التين المجفف اللذان يعدان إحدى الأطباق الرئيسية للتحلية في المنطقة.
وليعد كذلك طبق المكسرات المختلفة من الفول السوداني ، الفسق، اللوز ، التين المجفف و غيره إحدى الأطباق الشعبية للاحتفال بالمناسبة ، حيث يتم وضع أصغر فرد في عائلة أي طفل في “قسعة” كبيرة، و ترمى فوقه المكسرات ، اعتقادا منهم أنه يجلب الحظ.ولعل هده العادة مشتركة لدى غالبية المناطق ، ولا يختلف فيها الكثير.
كما تعد من إحدى طقوس الاحتفال هو وضع الحناء للأطفال، و تجمع العائلات على الموائد ليتم توزيع الطعام المحضر من قبل النسوة، فالمناسبة لدى الكثير هي فرصة لاجتماع العائلات و لتجديد أواصر المحبة و المودة بينهم .
أما الاحتفال في منطقة الغرب الجزائري فلا يختلف كثيرا ، ليتم تحضير طبق ” الشر شم “، أو حتى لدى البعض الآخر ” الكسكسى ” ،و تظل ” المكسرات هي الطبق الذي يجتمع عليه الكل ، ليتم توزيع المكسرات على شكل” سرر صغيرة معقودة ” توضع فيها حفنة من المكسرات ، و تقدم للأطفال و لكل نصيبه.
و أما طقوس الاحتفال في الشرق، و تحديدا الأوراس ، تعد المناسبة هي إحياء للسهرات العائلية و تحضير موائد الشاي الساخن و المكسرات من الفول السوداني و غيره ، و جلسات السمر و غيره.
الاحتفال بالسنة الأمازيغية : رمز لموروث ثقافي ووحدة وطنية
يشكل الاحتفال ب”يناير” إحدى روافد الثقافة الشعبية ليس فقط الأمازيغية ولكن حتى الجزائرية ، ذلك أن الاحتفال يوحد بين فئات الشعب الجزائري ، خاصة بعدما أقره المرسوم الرئاسي من قبل الرئيس “بوتفليقة” السنة المنصرمة ،وقد اعتبر أن رأس السنة الأمازيغية هو مناسبة وطنية، لتمنح في هذا اليوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر في كل التراب الوطني ، مما يظهر تلك الإرادة السياسية ويثمن مساعي الدولة في ترقية التراث الأمازيغي وتعزيز الوحدة الوطنية، بعدما أقرت سابقا اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للدولة الجزائرية .
وعليه وبالرغم أن المناسبة تعود أصولها للتاريخ الأمازيغي ، لكن تبقى الاحتفالية كمناسبة يحتفل بها في كل ربوع الوطن الجزائري ، لتشكل بدلك إحدى الموروثات الثقافية الراسخة في التراث الشعبي ، و لتؤكد على الوحدة الوطنية للشعب الجزائري .
محمدمنذ 6 سنوات
موضع جميل وأكثر من رائع