ناقش الباحث المتميّز الأستاذ محسن أفطيط أطروحته الأكاديمية لنيل درجة الدكتوراه من جامعة سيدي محمد بن عبد الله تحت اشراف الدكتور والعالم السوسيولوجي أحمد شراك بعنوان: ا”لثقافة في برامج الأحزاب السياسية بالمغرب : أحزاب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، والعدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة تحديدا “، والذي سعى من خلاله الباحث إلى استكشاف مقدار اهتمام هذه الأحزاب بالثقافة، انطلاقا من التركيز على برامجها الانتخابية، والوقوف – ما أمكن- على الدوافع الكامنة وراء تهميش البعد الثقافي في هذه البرامج عموما.
و تندرج إشكالية هذا البحث في إطار علاقة الثقافي بالسياسي في المغرب؛ هذه العلاقة التي اتخذت أوجها عديدة تراوحت بين الإنفصال، والاتصال. إن هذه العلاقة ستطرح بشكل مكشوف وبارز منذ البدايات الأولى لتأسيس الأحزاب الوطنية عام 1936؛ حيث تم في هذه اللحظة التاريخية تبلور الوعي بالمسألة الثقافية في صفوف الحركة الوطنية، وأسفر عن ظهور موقفين متواجهين بخصوص العلاقة بين السياسي والثقافي؛ الموقف الأول تشبث بتسييس الثقافة والأدب، في حين دعا الموقف الثاني إلى الفصل بينهما، على اعتبار أن لكل واحد منهما مجالُه الخاص.
و يشكل هذا البحث مناسبة للإجابة عن بعض الإشكالات والتساؤلات التي تطرحها هذه العلاقة،- يقول الباحث أفطيط – ومنها :
كيف تعاطت الأحزاب السياسية المغربية عموما، وأحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة خصوصا، مع الثقافة في برامجها الانتخابية؟ وما مدى احتواء برامجها الانتخابية على الثقافة؟.
وما هو الحيز الذي تحتله القضايا الثقافية داخل هذه البرامج مقارنة مع باقي القضايا؟
وإذا كانت الثقافة تحتل حيزا محدودا في البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية المغربية، فما هي المتغيرات المفسرة لهذا الحضور الضعيف ؟ وهل هي متغيرات مرتبطة بالثقافة السياسية للفاعل الحزبي أم هي متغيرات ترتبط بالواقع المتخلف للمجتمع المغربي؛ مما يفرض على الأحزاب السياسية إيلاء أهمية أكبر، في برامجها الانتخابية، للمسائل الاجتماعية والاقتصادية على حساب المسائل الثقافية؟
وإذا كان حضور الثقافة حاصلا على مستوى برامج الأحزاب السياسية المغربية، فما طبيعة القضايا الثقافية المدرجة في هذه البرامج؟ وهل تنسجم هذه القضايا مع المرجعيات الإيديولوجية التي يمتح منها كل حزب؟ وهل التعددية الحزبية في المغرب تعكس تعدديةً في البرامج الانتخابية؛ وبالتالي تعددية في تصوراتها الثقافية؟ باختصار، هل تملك الأحزاب المغربية سياسة ثقافية واضحة المعالم؟ وهل حضور الثقافة في برامج الأحزاب المغربية هو نتيجة لوعي هذه الأحزاب بأهمية الثقافة في النهوض بالمجتمع أم هو حضور شكلي يفرضه المنطق الانتخابي البراغماتي الذي يروم استمالة الناخبين من خلال صياغة برامج انتخابية عامة تتضمن جميعَ القضايا، وتستهدف كافَة الشرائح؟
وما هو تمثل الفاعل السياسي الحزبي للثقافة؟ وهل استطاع هذا الفاعل أن يدرك أهمية الثقافة، ودورَها الفعال في التنمية والرقي بالمجتمع في عالمنا اليوم، أم إنه مازال حبيس ثقافة سياسية تجعل الثقافة في أسفل سلم الأولويات؟ وما موقفُه من بعض القضايا الثقافية الراهنة؟ وهل تنسجم مواقفه مع التوجهات الإيديولوجية لحزبه؟
كانت هذه جملة من الإشكاليات التي طرحها الباحث وأجاب عنها مسنودا بعمق أكاديمي وبحثي توّجه لنيل التنويه والتوصية بالطبع من قبل اللجنة العلمية الوازنة المشرفة على هذا البحث العلمي الذي سيشكل نقلة نوعية هامة للبحث العلمي المغربي المتميّز .