- رسبريس – العرب اللندنية
اتفقت كل من ليبيا والجزائر وتونس، الأحد، على عقد لقاء مغاربي ثلاثي كل ثلاثة أشهر، في خطوة تظهر أن المسؤولين الجزائريين يريدون التخلي عن الاتحاد المغاربي وخلق هيكل بديل من خلال اجتماعات دورية بين رؤساء الدول الثلاث.
ولئن كان الهيكل البديل يستجيب لسياسة العرقلة الجزائرية للوحدة المغاربية، فإنه يصور تونس وكأنها تتحرك خلف أجندة الجزائر بالرغم من غياب أي التزام جزائري واضح بمساعدة تونس على الخروج من أزمتها الاقتصادية والمالية.
ولا يمكن النظر إلى مشاركة محمد يونس المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، على أنها مهمة أو ذات مغزى لكونه رئيسا مؤقتا وموقفه غير ملزم، ما يجعل الهدف من وجوده الإيحاء بأن الأغلبية العددية المغاربية في صف الجزائر.
وتوصل إلى الاتفاق بشأن عقد الاجتماع الثلاثي كل ثلاثة أشهر كل من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال اجتماع الأحد على هامش أعمال القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز الذي عقد في الجزائر.
وقال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي في بيان إنه “تقرر خلال الاجتماع عقد لقاء مغاربي ثلاثي كل ثلاثة أشهر، يكون الأول في تونس عقب شهر رمضان المبارك”. ولا تتحمس الجزائر للاتحاد المغاربي ولا لاجتماعاته ولا تبدي أي التزام تجاه قراراته.
وفي مايو العام الماضي هاجمت الخارجية الجزائرية الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب البكوش، متّهمة إياه بتضليل الرأي العام المغاربي وتزييف الحقائق على خلفية اتهامات وجهها إلى الجزائر بعرقلة العمل المغاربي ومطالبتها بتسديد ديون متخلّدة بذمتها لفائدة الاتحاد، مشكّكة في شرعيته على خلفية انتهاء ولايته.
وكان البكوش قد كشف خلال تصريحات إعلامية منذ أيام أن “الجزائر لم تدفع اشتراكاتها في الاتحاد المغاربي منذ عام 2016”. وتتخذ الجزائر موقفا مناهضا للبكوش، وهو تونسي، على خلفية مواقفه المتزنة الساعية إلى تحييد المنظمة المغاربية عن الصراعات المفتعلة، التي تعوق فرص بناء اتحاد مغاربي حقيقي، ومنها قضية الصحراء المغربية.
وفيما يبدو أن هدف الجزائر من وراء الاجتماع الثلاثي هو جعل المغرب خارج المعادلة المغاربية كرد فعل على نجاح الرباط في تطويقها من الجنوب والغرب من خلال المبادرة الأطلسية والحضور القوي في غرب أفريقيا، يتخوف مراقبون تونسيون من أن يكون الهدف من الهيكل البديل عزل بلادهم ودفعها إلى الاصطفاف وراء الجزائر في ملف الصحراء، وهو ملف خلافي سبق أن التزمت تونس فيه الحياد وحافظت بفضله على علاقات متينة مع الرباط والجزائر في الوقت نفسه.
وتسببت الجزائر في توتير علاقة تونس مع المغرب من خلال تشجيع الرئيس سعيد على لقاء زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي على هامش القمة الأفريقية – اليابانية التي عقدت في تونس في أغسطس 2022، وهو ما قاد إلى برود في العلاقات التونسية – المغربية.
واحتجاجا على هذا الاستقبال الأول من نوعه استدعى المغرب في اليوم نفسه سفيره لدى تونس حسن طارق للتشاور، معتبرا أن ما حدث “عمل خطير وغير مسبوق”. وسعى المسؤولون التونسيون إلى تهدئة الخواطر مع المغرب، الشريك المغاربي الأول لتونس في العقود الأخيرة. وفي أكتوبر الماضي شدد وزير الخارجية التونسي، في حوار مع جريدة “الشروق” المحلية، على أنه لا توجد قطيعة بين تونس والمغرب، قائلا “أطمئن الجميع؛ تونس لم تغيّر موقفها منذ عشرات السنين. المهم ليس هناك قطيعة بيننا وبين المغرب”.
وتعمل الجزائر، كذلك، على جذب تونس إلى التحالفات الإقليمية التي تسعى من خلالها لإظهار أنها ليست معزولة، مثلما يظهر ذلك في العلاقة مع إيران، وهو توجه يمكن أن يسبب لتونس متاعب هي في غنى عنها نتيجة المواقف الغربية تجاه طهران وخاصة موقف الولايات المتحدة.
وبحث الرئيس التونسي في لقاء السبت مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تطوير الشراكة والعلاقات بين البلدين في عدة مجالات، وخاصة منها الاقتصادية.
وقالت الرئاسة التونسية إن “الرئيس سعيد أعرب خلال اللقاء عن استعداد تونس لتعزيز روابط الأخوة والتعاون المتينة التي تجمعها بإيران، وتطلعها إلى أن تتطور هذه العلاقات مستقبلا في عدة مجالات لاسيما منها الاقتصادية والتجارية، واستكشاف فرص التبادل والشراكة”.
ودعا قيس سعيد الرئيس الإيراني إلى “مواصلة تعزيز سنة التشاور والتنسيق وتكثيف نسق تبادل الزيارات على أعلى مستوى، خدمةً للمصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين”، بحسب البيان.
بدوره قال رئيسي إن “لدى إيران إرادة حقيقية لتطوير علاقاتها مع تونس وتبادل التجارب والخبرات معها في عدة قطاعات، بالإضافة إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية”، وفق بيان الرئاسة التونسية.
ووجّه الرئيس الإيراني “دعوة لقيس سعيّد لأداء زيارة إلى طهران، كما دعا الأخير الرئيس الإيراني إلى زيارة تونس”، وفق المصدر ذاته.