يحل اليوم العالمي للصحة النفسية (10 أكتوبر) وسط استمرار التنبيهات للدولة المغربية إلى تزايد أعداد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية، في الوقت الذي يشهد فيه عرض العلاجات ضعفا كبيرا، سواء فيما يتعلق بالطاقة الاستيعابية أو الموارد البشرية، وهو ما تؤكده تقارير رسمية.
وإذا كان نصف المغاربة تقريبا، يعانون من اضطراب نفسي طفيف أو كبير، حسب الأرقام المعتمدة، فإن حوالي 85 في المئة من الأشخاص الذي يحتاجون للرعاية النفسية لا يتلقون أي علاج، سواء بسبب الوصم أو بسبب ضعف البنية الاستشفائية، وقد أكد وزير الصحة قبل أشهر النقص المزمن في أطباء التخصص، وهو الخصاص الذي لن يتم تجاوزه قريبا.
ويفتح باب ضعف البنية الاستشفائية إلى جانب الوصم الذي لا يزال يلحق بمن يعانون من اضطرابات نفسية، الباب أمام مجموعة من الممارسات التي تشكل خطرا كبيرا على حياة المرضى، بما في ذلك طقوس الشعوذة التي لا تزال تشهدها عدة أضرحة، والضرب المبرح تحت اسم “الرقية الشرعية” لإخراج “الأرواح الشريرة”، واللجوء لخلطات الأعشاب، فضلا عن التشرد.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بلاغ لها بالمناسبة إن استفحال الاضطرابات النفسية بالمغرب، تشهد عليه شوارع المدن وأزقة القرى المليئة بالمشردين من المرضى الفاقدين للوعي، وهم يعيشون على الهامش، يقتاتون من القمامات ويبيتون في العراء معرضين لقسوة الطقس البارد أحيانا والحار أحيانا أخرى، ومنهم من يموت وهو تحت رحمة هذا الوضع.
وأضافت الجمعية أن هذه الفئة تزداد وضعيتها سوءًا حين تلجأ السلطات العمومية، في بعض المناسبات الخاصة بالزيارات أو الاحتفالات الرسمية، إلى إبعادهم عن محيطهم الأصلي، والرمي بهم في أماكن بعيدة بدون رحمة ولا شفقة.
وتوقف البلاغ على تقارير رسمية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، التي رصدت مظاهر الاختلال والنقص في مؤسسات الطب النفسي، والبنيات التحتية غير الملائمة، والخصاص في التجهيزات وخراب المتوفر منها، و”ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية”، حيث تبقى الصحة العقلية الحلقة الأضعف في السياسات العمومية.
وأكد حقوقيو الجمعية تفاقم الأوضاع سنة بعد أخرى، وهو ما يعكسه امتلاء الشوارع بالمرضى النفسيين، مما يدل على خطورة الوضع وعلى انعدام الوقاية والرعاية. كما أن الطريقة التي تلجأ إليها السلطات العمومية للتخلص منهم في سبيل تزيين الواجهة بالمساحيق الزائفة، ستبقى وصمة عار.
واعتبر ذات المصدر أن تباهي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بكون المغرب يتوفر على 7090 زاوية وضريحا، يدل على أن الدولة تقر بالإهمال واللامبالاة وترعى بوعي، بدون حشمة ولا خجل، ثقافة الشعوذة والخرافة التي تعود الى القرون الوسطى.
واستنكرت الاستمرار في سياسة هدر الموارد في رعاية الفكر الخرافي وتشجيع الشعوذة، عوض الاستثمار في الصحة والتعليم بما يناسب العصر الذي نعيش فيه، وبما يستشرف المستقبل لتحقيق التنمية المستدامة ويحفظ كرامة الأجيال بين الأمم التي تتسابق نحو النهوض بالحقوق والحريات.
وتطالب الجمعية، إلى جانب المدافعين عن حقوق اأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، الدولة باتخاذ إجراءات مستعجلة لإيجاد حل لهذه الفئة، والعمل على ما يضمن حقها في العلاج والحماية والوقاية، وفق ما ينص عليه الدستور والاتفاقيات الأممية ذات الصلة.