المبدع المغربي يحي زروقي يكتب قصة: الأب نويل..

admin
2022-01-02T15:21:00+01:00
مواهب وابداعات
admin2 يناير 2022آخر تحديث : منذ سنتين
المبدع المغربي يحي زروقي يكتب قصة: الأب نويل..

يحي زروقي

 زروق 1 - رسبريس - Respress

سأل الطفل والده:” أبي..لمَ كل هذه الزينة،وكل هذا الاستعداد للأب نويل؟ هل النصارى يتامى؟ هل لديهم أب وحيد وأمهات كثر؟”.ظل الاب واجما حائرا،فقطب حاجبيه،وزفر زفرة أرعبت الطفل،وجعلته ينكمش كشبل مشاكس في رمشة عين انفلت من قبضة الضرغام. كل هذه الأسئلة جعلت الأب يصاب بالدوار لدرجة أنه توقف عن قيادة السيارة،وخرج وابنَه ليستنشقَ بعض الهواء.استسلم الابن لبركان صمت جاثم على صدر والده لمدة خمسة عشر دقيقة وهي المسافة التي قطعتها السيارة من المدرسة إلى الكورنيش. وقف الأب يرنو إلى النهر وينصت إلى أحاديث الصيادين،والعاشقين للهدوء،فأومأ لابنه ليتأمل معه جمال المشهد،وسكون المكان،لكن الطفل لم يستوعب شيئا،فمن أين له أن يتذوق فن الصمت وهو الذي عايش الصراع اليومي بين والديه،والشجار بين الجيران،وصراخ الأستاذ بسبب ومن دون سبب….

تأمل الطفل أباه،واقترب منه أكثر،وتشبت بركبتيه كأنه يستظل بشجرة الدوح العظيمة،وحينما لم يعره الأب أدنى اهتمام،كرر السؤال،فصرخ الأب في وجهه،وفر مذعورا في اتجاه السيارة المركونة على قارعة الطريق،وأجهش بالبكاء.

عاش الأب لحظات عسيرة؛لأنه أحس بفشل ذريع أمام أسئلة الابن الطبيعية،وأمام أنانيته وإحساسه بالفوقية إذا ما استنتج الابن أنه عاجز أمام تساؤلاته،فأنى له أن يجيب عن انتظارته عندما يكبر.فجأة لمح الأب رجلا في عقده الخامس يداعب ابنته،ويحادثها كأنها راشدة،فتكلما في السياسة،وفي الشعر،وفي المستقبل،وفي بابا نويل،فاندهش الأب كأنه تلقى صفعة على ثغره،فهب نحو ابنه يلثمه،ويعتذر له،والابن يرفض أي مراضاة دون أن يجيبه عن تساؤلاته.

استسلم الأب أخيرا.لأول مرة يحس بأنه جاهل….

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.