حياة جبروني
لا ريب أن إهانة المبدع الشاعر وإذلاله، إهانة وإذلال للجمال ولروح الإنسان، وجرح لقلبه وانكسار لخاطره… فمن البديهي أن يمنح المثقف منزلة عالية ومعتبرة من التقدير والتوقير باعتباره رسول المحبة وسفير القيم الإنسانية، لكن ليس في بلد يحكمه الانحدار الثقافي ، يحط فيه المبدع العالم ويُسْمى فيه المتخلف الجاهل..
نعم، بعد إهانة الشاعر اللامع الدكتور محمد علي الرباوي وما أدراك ما يعني هذا الاسم المضيء في ربوع المملكة وخارجها، رمز الثراء الإبداعي، فقيه وشيخ الشعر العربي، شاعر أفنى حياته مصورا للحس والجمال.. يتعرض لأبشع معاملة من طرف موظفي ومسؤولي المقاطعة الحضرية واد الناشف سيدي أمعافة، التي أصبحت عبءا جسيما على المواطن والدولة.. فوجودهم مثل عدمهم والكل يعلم رداءة خدماتهم وسوء معاملتهم وقد لا يسعفنا الوقت للكشف عن عوراتهم وعن معاناة المواطنين وما يتكبدونه جراء التجاهل والعجرفة وسوء المعاملة.. . لكن أن يحدث هذا السلوك المُهين مع شاعر وأستاذ جامعي تخرج على يديه اجيال وأجيال وتعلموا فنون الشعر وأضربه وأساليبه. فنهل من فيض شعره طلبة ومبدعون حملوا مشعل المعرفة وواصلوا تأثيث المشهد الثقافي وطنيا وعربيا.
هذا الصرح الإبداعي يُعنّف بالعجرفة والتجاهل واللامبالاة من موظفة لا تتوفر على أدنى إحساس بالمسؤولية المهنية والإنسانية .. نعم، السي محمّد وجد نفسه، في وضع حاط بكرامة الإنسان فلم يشفع له لا علمه ولا ثقافته ولا مهنته النبيلة التي تشبهت بالرسل ولا سنه ولا مرضه.
فبأي حق يُحرم من السفر للعلاج ويُسلب من حقه في الصحة والحياة ، بدعوى انتشار فيروس كورونا وخروجه عن السيطرة. هذا الانتشار الذي تتحمّل فيه السلطة الوجدية جانبا وافرا من المسؤولية، لتراخيها وتساهلها في اعمال القانون وتطبيق الإجراءات الاحترازية اللازمة. والان الجهة تتجرع يوميا مرارة هذه الجائحة لينضاف يوميا العشرات إلى لائحة الأموات…
يا سادة لقد أهين شاعرنا وأرادوا حرمانه من حقه في العلاج رغم ما يملكه من مزايا واعتبارات…….
يا سادة لقد التجأ شاعرنا إلى السلطة من أجل استئصال الورم لكنه ابتلي بأورام الجهل والفظاعة والقسوة.. .
نعم سيلتئم جرح شاعرنا انشاء الله، لكن لا يلتئم جرح الحكرة والغبن والاقصاء.
وعلى ضوء هذا الحدث المؤلم ارتأينا استقصاء موقف الكاتب العام لاتحاد كتاب المغرب بجهة الشرق الشاعر والكاتب الصحفي مصطفى قشنني لتقديم تصريحه وموقفه من هذا السلوك الشاذ تجاه شاعر ومبدع ومثقف فأكد لنا ما يلي:”شخصيا لا يمكنني إلا ان أندّد بهذا السلوك الأرعن، الذي أحسست فيه أن سماء هذا الوطن لا زالت مع كل ّ أسف تُمطر ألوان المهانة.. لازال في هذا الوطن العظيم من يغتال بلا رحمة أشواقنا للحياة..
نعم أدين اهانة كبرياء الشاعر الكبير السي محمد علي الرباوي، الرجل الدمث الطيب والإنسان النبيل الخلوق.. وأؤكد أن مشهد الإهانة هذا، لا يُستغرب من سلطة يركبها الجهل والغباء، وتضيق درعا بمنائر الثقافة االشامخة، نعم مثل هكذا سلوك لا بدّ أن يصفعنا، وأن يحملنا على مواجهة ذواتنا، بعلامات استفهام استنكارية كبرى، إلى متى يعصف بنا الناكرات، إلى متى يُطوّح بنا الجهلة الأوغاد”.