بعد جمود فرضته الجائحة.. عودة الحياة إلى مؤسسات دور الشباب بوجدة بإقبال كبير..

admin
2022-02-28T15:56:56+01:00
متابعات
admin28 فبراير 2022آخر تحديث : منذ 3 سنوات
بعد جمود فرضته الجائحة.. عودة الحياة إلى مؤسسات دور الشباب بوجدة بإقبال كبير..

نور الدين الرافعي: “نسعى إلى جعل دار الشباب موردا من موارد الرأسمال اللامادي”

عبد اللطيف بنشادلي: “أي طفل يحضر إلى دار الشباب يجد نفسه فاعلا في ورشة من الورشات ومع مرور الوقت يكتشف موهبته”

سميرة البوشاوني

بعد إغلاق دام أكثر من سنتين في إطار الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا، فتحت دور الشباب بمدينة وجدة أبوابها في وجه مرتاديها من أطفال وشباب (ذكور وإناث) أسوياء وذوي احتياجات خاصة، وعادت جمعيات المجتمع المدني النشيطة لاستئناف أنشطتها وممارسة دورها في التنشيط والتأطير والتكوين، لصقل موهبة منخرطيها والبحث عن مواهب جدد وسط الكم الهائل من الأطفال، على الخصوص، الذين قصدوا دور الشباب لممارسة شغفهم الطفولي والقطع مع الروتين الذي فرضته ظروف الجائحة وما نجم عنه من آثار نفسية.

دور الشباب زمن “كورونا”

لعبت دور الشباب بمدينة وجدة دورا مهما في التفاعل الاجتماعي، التربوي والثقافي كما ساهمت في تكوين شخصية روادها، وتفتقت بها المواهب بعدما وجدت الفضاء الخصب للخلق والإبداع بالانخراط في الأنشطة المختلفة التي تزخر بها من مسرح، موسيقى، رسم، رياضة… وغيرها من الفنون الجميلة التي مكنت العديد من شق الطريق نحو مستقبل له ارتباط بهذا الفن أو ذاك، غير أن الجائحة التي اجتاحت العالم فرضت عليها التوقف القسري والجمود.

أغلقت دور الشباب أبوابها ولم تعلق الأنشطة الهادفة بل تم تغييرها بما يتناسب والظروف الطارئة، حيث لجأت بعض الجمعيات إلى تقنية الاشتغال عن بعد مستعينة بوسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية للتواصل والعمل مع فئة معينة من منخرطيها إما لمواصلة مشوار نشاط بدأ (عمل مسرحي، فيلم تربوي…) تفاديا لضياع المجهود، أو للمساهمة في البرامج التي أطلقتها المديرية الجهوية لوزارة الشباب لجهة الشرق خلال هذه الفترة عن طريق تنظيم أنشطة في الموسيقى، المسرح الصامت والرسم… وهي أنشطة قال عنها المدير الجهوي نور الدين الرافعي بأنها “كانت ناجحة ووصلت إلى الفئة المستهدفة، بحيث حققت نسبة مشاهدة تجاوزت 20 ألف مشاهدة…”

وإلى جانب انخراط جل الجمعيات الناشطة بدور الشباب في تنفيذ برامجها مع المديرية الجهوية، انشغلت أيضا بمنخرطيها فأطلقت مسابقات عن بعد كما هو الشأن بالنسبة لجمعية الشروق للطفولة والتنمية الناشطة بدار الشباب ابن رشد، والتي استغلت فترة الإغلاق لتطلق مسابقات لفائدة أطفالها المبدعين في ورشات المسرح، الرسم والأنشودة…

الشروق: تفاعل حضوري وعن بعد

لم تجمد جمعية الشروق للطفولة والتنمية أنشطتها خلال السنتين الماضيتين، بل استغلت هذه الفترة -حسب المنسق التربوي للجمعية عبد اللطيف بنشادلي- لخلق متنفس لأطفالها واستمرت في أنشطتها بواسطة تقنية التواصل عن بعد، حيث نظمت مسابقات للمواهب تفاعل معها الأطفال بحماس كبير، وتوصلت الجمعية بفيديوهات مصورة وكبسولات رقمية أبرز فيها المشاركون مواهبهم وقدراتهم في مجالات المسرح، الموسيقى، الرقص، الرياضة وفن الخطابة… كما توصلوا مباشرة بعد الإعلان عن مسابقة في الرسم بعدد كبير من الرسومات و”كانت المشاركة والتفاعل كبيرين حتى في السهرة الختامية، في التتويج وتقديم المواد وتوزيع الجوائز، بحكم أن تلك الظرفية كانت صعبة على الأطفال الذين كانوا محبوسين داخل البيوت” يقول بنشادلي مضيفا بأنهم صوروا أيضا أفلام تربوية تعالج ظاهرة البقاء في المنازل والاحترازات المتخذة، زيادة على المشاركة في مجموعة من التكوينات عن بعد “نظرا لأهمية التكوين والتكوين المستمر في مسيرة الأطر الجمعوية لأنه لا يمكن للمؤطر أن يأتي إلى الفضاء الجمعوي بدون تكوين يمكنه من بيداغوجية التنشيط…”

أهمية تواجد الطفل في العمل الجمعوي

أكدت ظروف الجائحة أهمية دور الشباب والأنشطة التي تقدمها الجمعيات المدنية للأطفال ومساهمتها في تنمية مؤهلاتهم وإبراز طاقاتهم، وفي هذا الإطار أكد المنسق التربوي لجمعية الشروق على ضرورة تواجد الطفل في العمل الجمعوي “لأنه يكسبه مهارات لن يجدها في الشارع أو أمام التلفاز وهي مهارات تكتسب وسط الجماعة وفي الورشات”، مضيفا بأن دور الشباب “تاريخيا تخرجت منها مجموعة من الطاقات والمواهب وهي تزيد صقل موهبة الطفل، لأن الطفل الذي يلعب في الشارع ليس هو الطفل الذي يلعب داخل دار الشباب، ففي الشارع يلعب لعب مفتوح وفي دار الشباب يلعب لعب منظم، يعرف اللعبة والهدف منها ويتعلم القيادة من اللعبة، والنشيد أيضا عندما يحفظه في الجمعية ليس كما يحفظه عن طريق الاستماع أو عن طريق التلفاز، في الجمعية يعرف ما هو النشيد ما هو موضوعه والهدف منه ويصبح لديه معارف ومكتسبات لغوية كبيرة ويصبح لديه زاد من الأناشيد يحفظها في إطار دار الشباب”، وأبرز عبد اللطيف بنشادلي بأن الغلاف الزمني المخصص للجانب الجمالي والفني داخل المدرسة أصبح قليلا جدا وبالتالي “تملأ دار الشباب ذلك الفراغ الفني والجمالي الذي لا يجده الطفل داخل المدرسة أو يجده بصفة قليلة في حين يجده داخل دار الشباب بزخم كبير في إطار مشروع  يشتغل على موهبته ويصقلها ويكسبه مجموعة من الآليات التي يشتغل عليها طوال حياته”.

ودعا المتحدث جميع الآباء وأولياء الأمور إلى الإيمان بدور دور الشباب في تنمية قدرات الطفل وبدعم أطفالهم ومحاولة التواصل مع دور الشباب “لأن الشارع ليس هو دار الشباب والبقاء في المنزل ليس هو دار الشباب، فهذه الأخيرة هي قاطرة للطفل لكي ينمي مهارات لا يمكن أن يجدها في مكان آخر كما يجدها في فضاءات دار الشباب وداخل المخيمات والورشات”، مضيفا “عندما نتحدث عن الورشات والمخيمات نتحدث عن كل ما هو فني وما هو جمالي، ففي المدرسة مثلا هناك مهرجانات للمسرح والرسم لكنها لا تشمل جميع الأطفال، في حين أن أي طفل يحضر إلى دار الشباب يجد نفسه فاعلا وحاضرا في ورشة من الورشات ومع مرور الوقت يكتشف موهبته…”

أنشطة، ورشات متنوعة وإحياء للموروث

أنشطة متنوعة تقدمها جمعية الشروق للطفولة والتنمية لمنخرطيها الصغار، ورشات الرسم والمعامل اليدوية، الشطرنج وكرة الطاولة، المسرح والأنشودة ورشات استقطبت الكثيرين كل حسب رغبته وميوله، واكتشفت من خلالها مواهب وطاقات، يلتئمون جميعهم يوم الأحد في النشاط الطفولي ليرددوا معا الأناشيد ويشاركوا في الألعاب والمسابقات الثقافية والدينية…

مهرجان “سلطان الطلبة” موروث تاريخي تحييه الجمعية وتنظمه لفائدة منخرطيها لتكريم وتتويج حفظة القرآن الكريم، يقول عبد اللطيف بنشادلي بأن “الأطفال يحفظون القرآن داخل الجمعية ويتعرفون على التجارب العلمية والحكايات ورجل وموقف وأعمدة من يتمكن منها زيادة على حفظ القرآن يتوج سلطان الطلبة”، كما تعمل على إحياء الألعاب الشعبية القديمة، حيث يخصصون يوما لهذه الألعاب التي “يتفاعل معها الأطفال بصفة عجيبة لأن الطفل مشتاق للألعاب القديمة التي ترسم هويتنا”، وأيضا سيتم خلال هذه السنة إحياء مهرجان أغنية الطفل الذي كانت تنظمه الجمعية وكانت آخر نسخة منه سنة 2012، يضيف ذات المتحدث.

وإلى جانب ذلك، تنظم الجمعية مسابقات للمواهب في إطار النشاط الطفولي ومسابقات ثقافية وأخرى تعتمد على قيم المواطنة تنظم في الأعياد الوطنية كعيد الاستقلال. كما تنظم مخيمات حضرية داخل المجال الحضري لمدينة وجدة ومخيمات خارج المدينة إما في مناطق جبلية أو شاطئية، ورحلات وخرجات استكشافية داخل المدينة وخارجها…

إقبال وإكراهات

شهدت دور الشباب بعد إعادة فتحها إقبالا كبيرا، وسارع الكثير من الآباء والأمهات إلى البحث عن متنفس لأبنائهم فوجد الكثير منهم غايته بهذه الفضاءات، خاصة وأن الأنشطة المتنوعة التي توفرها الجمعيات الناشطة لا تكلف سوى انخراط سنوي لا يتعدى 50 درهما.

إقبال قالت عنه مديرة دار الشباب ابن رشد بوجدة خديجة الصغيري، بأنه عكس تعطش الأطفال، الشباب وحتى الكبار للأنشطة الترفيهية، التربوية والرياضية بعد فترة عصيبة عاشها الجميع بسبب انتشار فيروس كورونا، مضيفة “رغم أن الأنشطة كانت عن بعد إلا أنها ليست كالأنشطة الحضورية، حيث يشبع الطفل رغباته ويمارس الأنشطة التي توفرها دار الشباب بحرية وطلاقة ونشاط كبير”.

إقبال تواجهه إكراهات ضعف الموارد البشرية المسيرة لدور الشباب وإكراه الأمن لأن جل هذه المؤسسات تتواجد داخل أحياء مدارية تعرف كثافة سكانية، زيادة على نقص التجهيزات والموارد المالية حيث تعتمد الجمعيات على موارد ذاتية تتمثل في انخراطات الأطفال المحددة في 50 درهما، كما تعتمد على بعض المحسنين وأسر الأطفال الذين لديهم غيرة على هذا المجال، وفي هذا الإطار يقول بنشادلي “المعامل اليدوية تستقطب عددا كبيرا من الأطفال وفي كل أسبوع ورشة بحاجة إلى لوازم، وأيضا فريق المسرح بحاجة إلى ديكور وأزياء… والموارد ضعيفة مقارنة مع الأطفال الذين تستوعبهم الورشات، لهذا يجب أن تنفتح الجمعيات على مشاريع تمكنها من الموارد المالية”.

الشباب وتجويد الخدمات

نوه المدير الجهوي لوزارة الشباب لجهة الشرق نور الدين الرافعي بالدور الذي تلعبه الجمعيات الناشطة في دور الشباب، مبرزا بأن بعض دور الشباب تسيرها أطر مساعدة و”هناك جمعيات هي التي تشرف على هذه الفضاءات وتعطي إضافة كبيرة بفضل أطر لديهم تجربة وخبرة عالية في مجال الطفولة والشباب”.

وذكر في لقاء مع “الاتحاد الاشتراكي” بأن توجههم اليوم لم يعد مشتتا بعد انفصال قطاع الشباب عن قطاع الرياضة، بل موجه للشباب مباشرة، “وسنحاول جاهدين العمل في هذا الإطار بتشاور مع المجتمع المدني النشيط داخل وخارج دار الشباب وفق برنامج تنشيط يمتد لثلاث سنوات (2022، 2023، 2024)”، مضيفا بأنهم سيعملون خلال هذه المدة على استكمال التجهيزات الخاصة بدور الشباب وخصوصا قاعات المسرح بدعم من الوزارة، والتفكير في تمديد وقت إغلاق هذه الفضاءات إلى العاشرة ليلا بدل السادسة مساءا بعد تجاوز إكراه الحراسة…

وأشار نور الدين الرافعي إلى أن الخدمات التي تقدمها دور الشباب أصبحت كلاسيكية بالنسبة للشباب، وفي هذا الصدد تم التفكير في تجويد الخدمات حيث تم “تجهيز دار للشباب بوجدة بأجهزة خاصة بالألعاب الإلكترونية في إطار شراكة مع الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية، في انتظار انخراط الجمعيات المهتمة في هذا التوجه بهدف اكتشاف المواهب وخلق أندية تستطيع الانتساب للجامعة والمشاركة في المسابقات الجهوية والوطنية”، مضيفا بأن تجربة ناجحة شهدتها دار للشباب ببركان حيث استقطبت عددا كبيرا من الشباب وتم خلق فريق نهضة بركان للألعاب الإلكترونية…

وإلى جانب ذلك، ذكر بأنهم توصلوا باقتراحات وبرامج مهمة من بعض الجمعيات المدنية تهم “مقهى المقاول” وهم بصدد دراستها “لإرسالها إلى الإدارة المركزية من أجل الدعم المادي واللوجيستيكي لنتمكن من جعل دار الشباب موردا من موارد الرأسمال اللامادي تخلق فيها مناصب شغل وتساهم في التخفيف من البطالة”…

توصيات في انتظار التفعيل

احتضنت مدينة وجدة شهر دجنبر من سنة 2019، المنتدى الأول لجمعيات المجتمع المدني الناشطة بدور الشباب وجدة وتاوريرت، منتدى التقت خلاله الجمعيات وأطر ومديري ومديرات مؤسسات دور الشباب وتمحور حول اهتمامات الشباب وتجويد عمل المجتمع المدني داخل دور الشباب من خلال ورشات أفضت، بعد دراسة ونقاش مستفيضين، إلى بلورة مجموعة من التوصيات أهمها إعادة النظر في البرامج والأنشطة وجعلها تتلائم ومتطلبات الشباب، وتوفير الأجهزة اللوجيستيكية والانفتاح على مختلف المقاربات التنشيطية الحديثة وطنيا ودوليا، مع خلق تكوين يعنى بالتنشيط العلمي وإدراج مشاريع وتظاهرات تنشيطية تهم المجال القروي كقافلات متنقلة للتنشيط…

كما اقترح المشاركات والمشاركين في المنتدى انفتاح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مشاريع دور الشباب، وتنظيم دورات تكوينية حول كيفية صياغة المشاريع، وفي ما يتعلق بالتسيير تم اقتراح توفير الموارد البشرية بدور الشباب عن طريق التعاقد مع أطر الجمعيات ذات الكفاءات التنشيطية وتحديد الاختصاصات والعمل التشاركي للتدبير الأمثل لاستغلال فضاءات وتجهيزات دور الشباب…

ودعت فعاليات المجتمع المدني المشاركة في المنتدى أيضا، إلى بذل مجهودات أكبر سواء من قبل الوزارة أو من قبل الجمعيات والمنظمات النشيطة بدور الشباب، وإلى إعادة هيكلة وتهيئة هذه المؤسسات خاصة على مستوى البنية التحتية مع احترام المعايير الإيكولوجية، ثم على مستوى التجهيزات سواء منها الأساسية أو البيداغوجية الخاصة بالتنشيط وكذا التجهيزات المعلوماتية…

وإلى جانب ذلك، دعت التوصيات إلى إنشاء دور للشباب جديدة بمواصفات حديثة تأخذ بعين الاعتبار اعتماد مقاربة القرب والأمن والسلامة، وتوفير الولوجيات لذوي الاحتياجات الخاصة، وخلق قافلة للتنشيط (دار الشباب متنقلة)، ورقمنة هذه المؤسسات وعصرنة إدارتها وإنشاء منصة إلكترونية للتكوين (التكوين عن بعد)، زيادة على تشييد قاعات بمواصفات تلاءم طبيعة الأنشطة ومكتبات تواكب صيرورة العصر ومتطلبات وحاجيات المستفيدين..

thumbnail received 253607920234967 - رسبريس - Respress
thumbnail مسابقة المواهب - رسبريس - Respress
thumbnail المعامل اليدوية والألعاب الشعبية - رسبريس - Respress

.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.