بعض من الزمن الرمزي المغربي الأمريكي الجنوبي المشترك..

admin
ثقافة وفن
admin25 مايو 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
بعض من الزمن الرمزي المغربي الأمريكي الجنوبي المشترك..

عبد السلام انويكًة

مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث

 بوزويتة 1 - رسبريس - Respress
غلاف الكتاب

    من زمن المغرب المعاصر والراهن وحول علاقة تاريخ البلاد بدول أمريكا الجنوبية أو اللاتينية، كذا سؤال التاريخ والمشترك الرمزي كذاكرة دولية  بأهمية وأبعاد جيوستراتيجية. ارتأينا ورقة مختصر مفيد حول إصدار على قدر عالٍ من القيمة المضافة والأهمية الفكرية والتاريخية لفائدة فعل وتفاعل وثقافة الدبلوماسية المغربية، مؤلف يستحق أن يُرتَّبُ في خانة أعمال بحث في زوايا غير مسبوقة شكلا منهجاً وتوثيقاً وقيمة وظيفية الآن وغداً. كتاب موسوم ب”الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية- الأمريكية الجنوبية”، للدكتور سمير بوزويتة، عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية سايس فاس الباحث في تاريخ المغرب والمحيط الدولي، وكان هذا العمل العلمي قد تطلب فترة تأمل وبحث جمع وتتبع لسنوات قبل انجازه وجعله رهن اشارة القراء والباحثين والمهتمين. وعليه، فقد جاء غنيا بأزيد من أربعمائة صفحة من القطع المتوسط، تقاسمتها ذخيرةُ وثائقَ تاريخيةٍ دبلوماسية هامة نادرة، جعلته بتحليل وتوثيق كرونولوجي وفق زمن منهجي جمع بين ما هو معاصرٍ وراهنٍ.

  وقد تفضل الدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بوضع تقديم تركيبي عميق الدلالات لهذا المؤلف التاريخي تضمن إشارات مُحكمة، أورد فيه أن هذا العمل العلمي البحثي التاريخي يندرج في إطار استراتيجية عمل ثقافية تعتمدها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، خدمة منها للموروث التاريخي المشترك وتثمينا منها للذاكرة المشتركة من خلال توثيقها وتدوينها في أفق استثمارها فيما يخدم قضايا الوطن إقليمياً ودولياً وقارياً. مضيفا أن أهمية وراهنية هذا الإصدار العلمي التاريخي تتجلى ليس فقط في تغييره وجهة البحث التاريخي والدراسة وتجاوزه لمساحة اشتغال تقليدية علائقية مغربية، بل في بسطه ومقاربته لموضوع بتفاعلات لم يُكشَف بعد عن كثير من جوانبها ومضامينها.

   وإذا كان هذا العمل العلمي يعرض لأصالة الدبلوماسية المغربية، فهو يقدم صورة تاريخية موثقة عن تمثيلية الفعل الدبلوماسي وعلاقاته وعن حيثيات صناعته لمواقفه في قضايا دولية عدة. مبرزاً جوانب مهمة تخص أداء وتفاعل الدبلوماسيين المغاربة، وسبل تدبيرهم لقضايا ذات طبيعة وطنية ودولية مشتركة. وهذا ما يجعل الكتاب بمثابة سفرٍ زاخرٍ بمعطيات بالغة الأهمية في حقل بحثٍ علمي تاريخي لا تزال حوله الدراسات محدودة جداً، خاصة عندما يتعلق الأمر بوجهة أمريكا الجنوبية ومجالها.

    إن كتاب “الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية- الأمريكية الجنوبية”، جاء لفائدة واقع وفعل دبلوماسي مغربي معين في جغرافية معينة ولجعل التاريخ وتماسات الزمن وقواسمه المشتركة في خدمة ما هو دبلوماسي مع الآخر. خاصة بجبهات من العالم ووجهات تحكمها علاقات بينية مغربية هي بغير تكامل وتفاعل وتعاون وتواصل منشود، كما الحال بالنسبة لدول أمريكا الجنوبية.

   الكتاب تتقاسمه ستة فصول بمثابة محاور مُمَنهِجَة، تجمع بين كرونولوجيا العلاقات المغربية بدول أمريكا الجنوبية، تحديدا منها البرازيل وفنزويلا والمكسيك والأرجنتين. ثم الذاكرة التاريخية المشتركة بين كل من المغرب والبرازيل، والمسار الدبلوماسي للعلاقات المغربية الفنزويلية. إضافة للمسار الدبلوماسي الخاص بالعلاقات المغربية المكسيكية وبالعلاقات المغربية الأرجنتينية، هذا قبل فصل أخير تناول فيه الباحث رصيدا وثائقيا خاصا بمضامين علاقات المغرب بدول أمريكا الجنوبية، من خلال بسطه لمائة وثمانية وأربعين وثيقة تاريخية دبلوماسية، هي على درجة عالية من القيمة المضافة والأهمية لفائدة البحث والباحثين والمهتمين.

   والواقع أن الأبحاث والدراسات التاريخية العلمية، التي تناولت العلاقات العربية عموماً بدول أمريكا الجنوبية والعلاقات المغربية الأمريكية الجنوبية/ اللاتينية تحديداً لاتزال تحكمها الندرة. مع ما يُسجل حول ما جاء به الاجتهاد في هذا الباب من عدم اهتمام بما هو كاف وشاف، ومن عدم تأريخ لأصول وبدايات هذه العلاقات بشكل مفيد ودقيق؛ على الرغم من أبعادها وأهميتها السياسية والدبلوماسية باعتبارها منطلقا لدعم علاقات بينية حالية ومستقبلية. وعليه، ظل كل ما هو معرفي وحقائق تاريخية حول الوضع في أمريكا الجنوبية محدوداً وسطحيا، عِلماً أن ما يجمع المغرب بدول أمريكا اللاتينية عموما هو بتجليات وروابط مصيرية وقواسم مشتركة عدة ومتداخلة؛ منها معاناة الجميع مع التجربة الاستعمارية- كما يؤكد المؤلَّف- مضيفا أن محدودية المعرفة التاريخية بأمريكا اللاتينية، كانت وراء سبق باحثين مصريين من خلال إعدادهم لملف تم تقديمه للقارئ العربي في هذا الإطار، مشيراً إلى أن الجالية العربية القوية والنشيطة التي تتخذ من أمريكا الجنوبية موطناً لها، لم تنجح حتى اليوم في الاستفادة منها بشكل مُعَبرٍ مفيدٍ وصادقٍ. عِلماً أن أمريكا الجنوبية كمجال دبلوماسي تتمتع بأربعة وعشرين صوتاً في منظمة الأمم المتحدة، المغرب في أمَسِّ الحاجة إليها خدمةً لرهاناته السياسية المصيرية وتحركاته وتفاعلاته الدبلوماسية. وأن المغرب لن يستطيع الاستفادة بشكل كامل من دول أمريكا الجنوبية وتنمية صداقة بينية هادفة معها، إلا مع معرفة كافية تخص ما هو تاريخي تراثي رمزي علائقي ومع إلمامٍ مستمرٍ أيضا بما يهم ويعترض هذه الدول من قضايا سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية.

  وعليه، يُسجل لفائدة كتاب “العلاقات المغربية الأمريكية اللاتينية” أنه عمل علمي تاريخي غيرَ مسبوقٍ في التأليف الجامعي المغربي، جاء ليملأ بياضا حقيقيا في هذا المجال من خلال إسهامه في توفير مادة علمية على قدر عالٍ من القيمة المضافة خدمة للباحث والدبلوماسي والمهتم على حد سواء، في أفق كل ما يساعد على استثمار ما هو تاريخي وذاكرة ومعرفة وعلاقات تاريخية، من أجل ترسيخ علاقات دبلوماسية وصداقة وتعاون بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية.

   إن كتاب “العلاقات المغربية الأمريكية الجنوبية” الذي تفضلت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بنشره تعميما للفائدة  ضمن خيار هادف ونبيل لها منذ عدة سنوات، يزخر بعرض وتتبع دقيق يخص أهم الأحداث التاريخية التي طبعت تطور دول أمريكا اللاتينية مع إبراز علامات سياساتها على الصعيد الدولي. وهذا الكتاب الذي صدر عن مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط ضمن طبعة أولى، يروم في العمق تقديم عمل علمي توثيقي لبدايات هذه العلاقات، خدمة لكل ما هو بحث ودراسة ودبلوماسية واقتصاد وإعلام وذاكرة تراث.. ويروم أيضا قراءة تاريخ مغرب حديث ومعاصر وراهن بناء على رصيد هام يخص انفتاح الدولة المغربية على محيطها منذ القدم.

    وعليه، يشدد الدكتور سمير بوزويتة على ما هو وثائقي في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودول أمريكا الجنوبية خلال ق19م ومطلع ق20م، من خلال رصد جميع المناحي المتعددة لأوجُهِهَا. وبقدر ما يشكل هذا المؤلَّف نقلة نوعية في الكتابة والتوثيق التاريخي العلمي المنفتح على فعل ورهان الدبلوماسية المغربية، بقدر ما هو دعوة لإحياء ذاكرة تاريخ بعيد وقريب يجمع بين المغرب ودول أمريكا الجنوبية، وطبع البلاد بدينامية اقتصادية تجعلها قبلة للسفن القادمة من ضفاف مثلث بيرمودا. نفس ما يمكن أن تكون عليه مطارات مدن العيون وأكادير والدار البيضاء وطنجة، والتي تعد الأقرب إلى مطارات المكسيك العاصمة أو برازيليا أو ساوباولو أو ليما..ويؤكد المُؤلِّف أن موقع المغرب جيو ستراتيجيا، يمنحنه مكانة متميزة بالنسبة لدول أمريكا الجنوبية، مضيفا أن هذه الدعوة تفرضها ظرفية تاريخية تجعل الفاعل الدبلوماسي مُلزماً بعملٍ أهمَّ وأوسعَ، من أجل تمتين العلاقات المغربية الأمريكية الجنوبية، واستثمارها سياسيا واقتصاديا وثقافيا.

   إن كتاب “تاريخ العلاقات المغربية الأمريكية الجنوبية أو اللاتينية، الذي يستمد أهميته من إعادة طرحه للفعل الدبلوماسي وللممارسة الدبلوماسية المغربية ومن وضعه للقارئ المغربي والعربي أمام صورة حية لنشاط هذه الدبلوماسية خلال القرن التاسع عشر، هو دعوة لقراءة تاريخ للدولة المغربية المعاصر من زاوية الفعل الدبلوماسي لكي تكتمل بحق صورة تاريخ مغربٍ عميقٍ. ويبقى المؤلَّف شكلاً بغلافٍ بنائيِّ جاذبٍ وترتيب مُحكمٍ لكُتلٍ ومكوناتٍ متفاعلةٍ، بذكاءٍ تعبيريِّ رمزي تم فيه إبراز نِقاط تماساتٍ، تجمع بين أزمنة وأمكنة في علاقات المغرب بدول أمريكا الجنوبية، مع أهمية الإشارة إلى أن إيفاء كتابٍ بهذا القدر العلمي والسَّبق جاء غنيا بمحطات ومعطيات تاريخية دبلوماسية بالغة الأهمية، أمر ليس من السهل تحقيقه لما يحتويه ويطبعه من روح علمية وشجاعة أدبية معاً

   .وإذا كان هذا العمل العلمي قد توجه بعنايته لرصد فعل وتفاعل دبلوماسية تاريخية مغربية أمريكية جنوبية، من خلال وقائع ووثائق بعض منها يذكر لأول مرة، فإنه بقدر ما استهدف توسيع وعاء تراكم في هذا المجال وإغناءه سياقاً ونصوصاً، بقدر ما أبرز قيمة المشترك الرمزي التاريخي في عمل الدبلوماسية المغربية من خلال الأرشيف، فضلاً عما خلص اليه حول أهمية تقوية التنقيب في هذا الاطار وتحفيز الباحثين للإقبال على ما هو جمعي تاريخي مشترك بين الشعوب كذاكرة، وعيا بما يمكن أن تُسهم به هذه الأخيرة وبما يمكن أن يسهم به التاريخ عموماً لفائدة حاضر أوراش البلاد ومستقبلها.

مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.