عبدالقادر كتــرة
دعا الوزير الأسبق مراد بن أشنهو (وزير إعادة الهيكلة الصناعية والمشاركة، في حكومة مقداد سيفي .بين سنة 1994 و 1995)، السلطة الحالية لأن تكون أكثر جدية في “ملف محاسبة رئيس العصابة (بوتفليقة)، باعتبارها حاكمت عصابته، كما طالب بسحب جميع الرتب والنياشين والامتيازات والعقارات التي تحصّل عليها طيلة سنوات حكمه لينتهي به الأمر في أحد دور العجزة، إضافة إلى حرمانه من الجنازة الرئاسية في حال وفاته”.
واعتبر الوزير الأسبق في مقال مطول بصحيفة الوطن الجزائرية الفرنكوفونية، “تمتع الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة بنفس الامتيازات التي كان يتمتع بها وهو على رأس السلطة طيلة عشرين سنة، ضرب لمصداقية السلطة الحالية التي ترفع شعار الجزائر الجديدة، وأضاف مستغربا “سجن ما أسمته السلطة بـ”العصابة” دون سجن رئيسها ومدبرها الأول، معتبرا ذلك غير منطقي ولا قانوني”.
ويعيش عبدالعزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري السابق، منذ سنة ونصف في عزلة تامة في منزله قرب العاصمة، محاطا بشقيقته، بعد إرغامه على مغادرة كرسي المرادية والتنحي عن السلطة تحت ضغط الحراك الشعبي الذي انتفض معارضة لولايته الخامسة وقيادات الجيش بزعامة قائد الأركان الراحل أحمد قايد صالح.
الرئيس الجزائري المخلوع (83 سنة) يقاوم المرض في عزلة تامة في منزله المجهز بمعدات طبية في بلدة زرالدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط التي تبعد نحو 40 كيلومترا جنوب غرب الجزائر العاصمة، والذي لم يغادره منذ 2013 إلا نادرا.
الصحافي الجزائري فريد عليلات، مؤلف آخر سيرة ذاتية له، أكد في مقابلة نشرتها الأسبوعية الفرنسية “لوبوان” “يستقبل القليل من الزوار. ولا يزال مُقعداً على كرسيه المتحرك”، علما أنه غير قادر على الكلام بسبب مرضه” مضيفا “لكنه يدرك كل ما يجري في الجزائر”.
وكان بوتفليقة يمارس مهامه في شكل قرارات ورسائل ولقاءات مع كبار المسؤولين في الدولة وضيوف أجانب، يبثها التلفزيون الرسمي دون الظهور في نشاط ميداني يتطلب جهدًا بدنيًا بحكم أنه ما زال يتنقل على كرسي متحرك، تبين من بعد أن شقيقه السعيد هو الذي كان يمارس السلطة، من خلف ستار، نيابة عنه بدعم من رجال أعمال نافذين.
وقدم بوتفليقة، مساء الثلاثاء 2 أبريل 2019، في نشرة للتلفزيون الرسمي وهو منهك، يرتدي قميصا أبيضا، وقدم بنفسه رسالة الاستقالة لرئيس المجلس الدستوري بحضور رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي خلفه في المنصب مؤقتا.
وخلف هذه الصورة البروتوكولية أظهرت تسريبات إعلامية أن أركان حكمه وخاصة شقيقه السعيد، خاض حربا ضروسا مع قيادة الجيش في الخفاء من أجل منع تنحيه عن الحكم، وصلت حد محاولة عزل قائد الأركان الراحل الفريق أحمد قايد صالح.
وكانت هذه اللحظة بمثابة إسدال الستار على فترة حكم دامت 20 سنة (منذ 1999)، جعلت من بوتفليقة أكثر رؤساء الجزائر مكوثا في الحكم منذ استقلالها عام 1962.
وبعد تنحيته عن السلطة، بدأ القضاء الجزائري تحقيقات في قضايا فساد خلال فترة حكمه ما زالت متواصلة إلى اليوم، وكانت وراء الزج بأغلب رموز نظامه في السجن، في حين فر آخرون إلى الخارج وتوارى بعضهم عن الأنظار.
وإلى جانب شقيقه السعيد الذي أدانه القضاء العسكري بـ 15 سنة سجنا نافذا بتهمة “التآمر على الجيش والدولة”، تم إسناد التهمة نفسها إلى رئيس وزرائه السابق أحمد أويحيى، إضافة إلى 12 سنة سجنا بحق رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال في قضايا فساد.
كما تم الزج بعشرات الوزراء ورجال الأعمال البارزين في عهد بوتفليقة في السجن، إلى جانب حملة تطهير غير مسبوقة طالت مسؤولين في المؤسسات الكبرى والوزارات، كانت وراء إقالة المئات من المحسوبين عليه بينهم شقيقه الآخر عبد الرحيم الذي كان أمين عام وزارة التدريب المهني.
ولا زالت المتابعات والاعتقالات والمحاكمات متواصلة للعديد من الوزراء والولاة والمسؤولين السابقين في مختلف القطاعات.
ويعدّ بوتفليقة أكثر رؤساء البلاد مكوثا في السلطة، حيث امتد حكمه نحو 20 عاما بداية من 27 أبريل 1999.