أكد الأستاذ الجامعي، حميد اربيعي، أن توسيع المشرع المغربي لحالات التنافي بين العضوية في مجلس النواب أو مجلس المستشارين وتقلد مسؤوليات ووظائف أخرى، يأتي ضمانا لفعالية دور النائب ونجاعته، وحفاظا على استقلالية المؤسسة التشريعية.
وقال أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بوجدة، في مقال بعنوان “توسيع حالات التنافي بين العضوية في مجلس النواب ومسؤوليات ووظائف أخرى”، إن من المستجدات التي طرأت على القانونين التنظيميين المؤطرين لمجلسي النواب (القانون رقم 27.11) والمستشارين (القانون رقم 28.11)، موضوع حالات التنافي.
وتوقف في هذا الصدد عند عدد من المسؤوليات والوظائف التي تتنافى مع العضوية في مجلس النواب، من بينها صفة عضو في المحكمة الدستورية أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أو الحكومة، وكذا مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية، في مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، أو الأشخاص الاعتباريين الآخرين من أشخاص القانون العام، أو الشركات التي تملك الدولة أكثر من نسبة 30 في المائة من رأسمالها، باستثناء مأمورية مؤقتة بتكليف من الحكومة على ألا تتجاوز 6 أشهر.
ومن الصور الأخرى لحالات التنافي، يضيف اربيعي، العضوية في مجلس النواب مع مهام رئيس مجلس الإدارة أو متصرف منتدب، أو مدير عام أو مدير، وعند الاقتضاء، مع مهام عضو في مجلس الإدارة الجماعية أو عضو في مجلس الرقابة، وكذا مزاولة العمل في شركات المساهمة التي تملك الدولة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، أكثر من نسبة 30 في المائة من رأسمالها، بالإضافة إلى مزاولة مهام غير تمثيلية تؤدي الأجرة عنها دولة أجنبية أو منظمة دولية أو منظمة دولية غير حكومية.
وأبرز أن المشرع وحفاظا على استقلالية النائب العضو في مجلس النواب وتفرغه التام للعمل البرلماني، ألزمه أن يصرح، خلال مدة انتدابه، لمكتب المجلس بكل نشاط مهني جديد يعتزم ممارسته، مضيفا أنه بالنظر إلى إلزامية هذه القواعد القانونية، رتب القانون “نتائج خطيرة” على الشخص الذي يقبل أثناء مدة انتدابه مهمة تتنافى مع هذا الانتداب وهو التجريد بحكم القانون من صفة نائب.
وأشار إلى أنه من المؤكد أن حالات التنافي والمقتضيات المؤطرة لها كفيلة بضمان تفرغ المنتخب بمجلس النواب أو المستشارين للعمل النيابي، غير أن الممارسة العملية، يقول أستاذ القانون الدستوري، أبانت عن بعض التقصير والإهمال من جانب بعض نواب الأمة في التعاطي مع الانتداب الانتخابي وذلك بسبب تقلد أكثر من مسؤولية في نفس الوقت؛ مما جعل المشرع يدخل تغييرات على المادة 13 من القانونين التنظيميين لمجلسي البرلمان.
وأكد أن هذا التغييرات في هذين القانونين التنظيميين تؤكد رغبة المشرع الواضحة في عقلنة وترشيد الانتدابات؛ حيث يصعب التوفيق بين الانتداب النيابي والإكراهات المرتبطة بجسامة مسؤولية رئاسة الجماعات الكبرى التي تستلزم عمليا من الرئيس التفرغ الكامل والكلي لتسيير شؤون الجماعة في أحسن الظروف.
وسجل أنه على الرغم من وضوح المقتضيات القانونية الناظمة لمسألة التنافي، فإن القضاء الدستوري كان مدعوا للبت في العديد من القضايا التي وجد أصحابها في وضعية تناف.
واستعرض الأستاذ اربيعي، في هذا الصدد، عددا من حالات التنافي التي بت فيها القضاء الدستوري؛ من بينها، على الخصوص، وضعية الجمع بين المسؤوليات، حيث قضى بتحقق حالة تناف بين مزاولة أحد النواب لمهام رئاسة جماعة حضرية إضافة إلى رئاسته “مجموعة التجمعات الحضرية لتدبير مرفق النقل الحضري ومخطط التنقل الحضري”.