نظم مركز التكوين في التنشيط الثقافي والفني لوبيلا بالدار البيضاء، مساء السبت، لقاء جرى خلاله تقديم وتوقيع كتاب “ذهبنا إلى الصين، وعدنا .. من المستقبل” للكاتب والصحفي والمحلل السياسي عبد الحميد جماهري.
وبهذه المناسبة، قال جماهري ، وهو أيضا مدير تحرير ونشر صحيفة ” الاتحاد الاشتراكي ،” إن الكتاب، الذي هو من القطع المتوسط ويقع في 223 صفحة، هو ثمرة رحلات متعددة بقبعات مختلفة كانت أولها سنة 2010 ، حيث كانت الدهشة الأولى، ثم زرت هذا البلد ثلاث مرات أخرى “.
وأضاف أن الكتاب يرصد القفزة ، التي عرفتها الصين، وذلك خلال زياراته لهذا البلد بين سنوات 2010 و2020، واصفا هذه التطور بالكبير جدا والرهيب ، الذي شهده هذا البلد، حيث تولد لديه انطباع أن الناس في الصين يقيمون في المستقبل، مضيفا أن حتى ما يعتقد أن البلدان الغربية المتقدمة ستبذله من مجهود لبلوغ هذا التطور ، فإن الصين بلغته في تلك الفترة.
وخلص جماهري إلى أن السر وراء هذا التطور الهائل، الذي حققته الصين يكمن في العمل ثم العمل ثم الاعتزاز بالصين وثراتها وحضارتها، معتبرا أن الصين هي أكبر من بلد ، بل هي حالة ذهنية للبشرية برمتها ، ومختبر كبير واسع للتاريخ والمستقبل.
من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط عبد العزيز قراقي أن هذا المؤلف، الصادر عن دار النشر المغربية، بمثابة دعوة إلى كافة المغاربة للاستفادة من الدرس الصيني ، وأن يسعوا إلى القيام بثورة على المستوى الحضاري وينخرطوا في العهد الرقمي، مشيرا إلى أن المغرب له حضارة عريقة أيضا ، ويمكن أن نستفيد ما حققته الصين.
وأضاف أن هذا الكتاب جاء في زمانه ، لأنه يطرح رؤية ، حول هذا البلد انطلاقا مما لاحظه الكاتب وما شاهده وعاينه، ومن تمثلاته لهذا البلد الأسيوي، وحول العهد الرقمي الذي انطلق من الصين.
ويحاول المؤلف من خلال هذا الكتاب أن يربط بين الحضارة المغربية مجسدة في ابن بطوطة والحضارة الصينية التي تفتخر بهذا الرحالة المغربي. وأضاف أن الأمر يتعلق بمقارنة تدعو الإنسان إلى أن ينظر لذاته من منطلق آخر ، وأن يبحث في أعماق الذات المغربية العربية على بعض المقومات التي تعد نقط قوة ، ولكن غالبا ما نتجاهلها.
وواصل أن الكتاب هو استمرارية للكتابات الخاصة بالرحلات إلى الصين مثل تلك التي سبق أن قام بها محمد عابد الجابري وابن بطوطة.
وفيما يخص عنوان الكتاب “ذهبنا إلى الصين، وعدنا .. من المستقبل”، أوضح أستاذ العلوم السياسية أنه دعوة إلى القراءة ، لافتا إلى أن هناك اعتقاد أن العلم والمعرفة موجودتان في الصين ، لكن ما شاهده المؤلف هناك من تقدم يتجاوز بعشرات السنين عما هو في أوروبا، وهو الدافع لفرض هذا العنوان.
أما صورة غلاف الكتاب، يشير القراقي، فإنه يحضر فيها ابن بطوطة كتمثال، وسور الصين العظيم الذي هو علامة من علامات هذا البلد الأسيوي ، والذي ظل شامخا على مر التاريخ ، مضيفا أن اللون الأحمر يطغى في الغلاف وهو لون الصين بامتياز.
وأوضح أن الكاتب يحاول أيضا ، من خلال هذا الغلاف، أن يجد عناصر مشتركة بين ابن بطوطة وسور الصين العظيم ، أو بين الحضارة المغربية وهذا البلد الكبير.
من جانبه، اعتبر محمد خليلي رئيس جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، أن هذا المولود الجديد يمكن تصنيفه ضمن أدب الرحلات ، الذي يصور فيه جماهري ما لاحظه واسترعى انتباهه من أحداث، وما صادفه من أمور أثناء زياراته المتعددة للصين.
وأضاف أن “ذهبنا إلى الصين، وعدنا .. من المستقبل” كتاب شيق استطاع فيه الكاتب أن يشد القارئ من بداية الرحلة إلى نهايتها، مضيفا أن المعطيات، التي تضمنها الكتاب حول هذا البلد الأسيوي، غزيرة ودقيقة سواء تعلق الأمر بالجانب الثقافي أو العلمي ، ومدى تقدم هذه الدولة.
وأشار خليل، الذي سبق له أن تابع دراسته بالصين ، إلى الربط الذي قام به الكاتب، بين هذه الرحلة وتلك التي قام بها الرحالة المغربي ابن بطوطة ، حيث ذكر جماهري بهذه الرحلة التاريخية ، ووقف على عدد من محطاتها، خاصة منها كيفية وصف الرحالة المغربي في كتاب المعروف “تحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” وصوله إلى الصين.
ولاحظ أن الدقة التي يصف بها جماهري رحلته في مؤلفه الجديد تشبه إلى حد كبير ما نهج ابن بطوطة في كتابه، خاصة من خلال تقريب القارئ إلى ما عاينه شخصيا حين زياراته للصين.
وتجدر الإشارة إلى أنه صدر لعبد الحميد جماهري أيضا العديد من المؤلفات منها على الخصوص “مهنة الوهم” (شعر / 1991)، و”تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم” (ترجمة معتقل تازمامارت/ 2000)، و”بنصف المعنى فقط” (شعر / 2009).