“زواج” المال بالسلطة في العالم العربي مصالح لا تضمن نهاية سعيدة..

admin
2020-06-21T22:21:14+02:00
تقارير وتحليلات
admin21 يونيو 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
“زواج” المال بالسلطة في العالم العربي مصالح لا تضمن نهاية سعيدة..

نزاعات مالية، أبرزها في سوريا، ومحاكمات قضائية، أحدثها في الجزائر، كلها نماذج لعلاقات جمعت رجال المال والسلطة معا في العالم العربي “بما لا يحقق الصالح العام”. علاقة تجلب لأطرافها المال وكثيرا ما تنتهي بفضائح فساد؟

فالخلاف الدائر حاليا بين النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، وبين ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف يفتح الباب على مصراعيه للحديث عن علاقة المال بالسلطة في العالم العربي.

وهذا النوع من العلاقات بين رجال المال ورجال السلطة، تحيط به العديد من علامات الاستفهام. ورغم أن الإرث العربي الطويل لهذه العلاقات يظهر أنها كثيرا ما تبدأ بالربح وتنتهي بخسائر باهظة؛ إلا أنها علاقات متكررة ومتجددة في الدول العربية وذلك لأسباب عديدة!

الأنظمة مصدر القوة والثروة

في الجزائر مثلا، يحاكم رئيسا الوزراء السابقان، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ومعهم وزراء وولاة سابقون بتهم فساد تتضمن “تلقي مزايا غير مستحقة وتبديد مال عام واستغلال الوظيفة الحكومية لأغراض شخصية”. ويحاكم معهم أيضا رجل الأعمال المعروف علي حداد وكذلك محي الدين طحكوت.

وإذا كان أويحيى وسلال يعتبران أول رئيسي حكومة في تاريخ الجزائر يصدر ضدهما أحكام قضائية بالسجن: 15 عاما لأويحيى و12 عاما للسلال في القضية المعروفة إعلاميا باسم “مصانع تركيب السيارات الأجنبية” فإن على حداد، صاحب أكبر شركة تعمير خاصة في الجزائر، يعد أول شخصية عامة على صلة بالرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة  يصدر في حقها حكم بالسجن، في قضية متعلقة بجواز سفره.

وفي حوار يشير خالد بن راشد الخاطر، المتخصص بالاقتصاد السياسي، إلى أن “غياب الشفافية والرقابة والمحاسبة على المال العام في العالم العربي يؤدي لتحول القطاع الخاص إلى امتداد للدولة، سواء من خلال رجال أعمال محسوبين على الأنظمة أو شبكات منتفعين”.

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، فيوضح أن الأنظمة في العالم العربي دائما ما تلعب دورا أساسيا في الاقتصاد إما لكبر حجم القطاع العام بالدولة أو لأن المصدر الأساسي للدخل يأتي من قطاعات تسيطر عليها الدولة. وفي كلتا الحالتين يظل رجال الأعمال بالعالم العربي في حاجة دائمة لعلاقة طيبة مع السلطة باعتبارها “ضرورية” سواء للحصول على فرص للإنتاج أو من أجل حماية ثرواتهم لأن الأنظمة في الدول العربية “ما زالت مصدر القوة والثروة معا”.

 القطاع الخاص ودفاعه عن مصالحه

يؤكد كامل السيد أن إقامة علاقة بين رجال المال والسلطة في بلد ما يتسبب في مشاكل، عندما لا تصب تلك العلاقة في إطار تحقيق الصالح العام، كتوفير فرص عمل وخدمات لائقة للمواطنين مثلا. وبدورها قد تؤدي تلك العلاقة إلى إهمال قطاعات مهمة كالتعليم والصحة، مثلما حدث في مصر وتونس قبل عام 2011 على حد تعبيره.

ويقول المستشار الإعلامي لجمعية رجال الأعمال المصريين سعيد الأطرش، إن “الصالح العام يمكن أن يكون معيارا” للحكم على العلاقة بين رجال الأعمال والسلطة. ويؤكد: “ليس من العيب أن يدافع القطاع الخاص عن مصالحه، والتي تعود بالنفع أيضا على قطاعات واسعة في المجتمع”.

وعلى ذكر مصر وتونس، فقد شهدت الدولتان بعد نشوب ثورتين بهما عام 2011 محاكمات لرجال أعمال محسوبين على نظامي الرئيسين الراحلين حسني مبارك وزين العابدين بن على.

ولحقت بهذه القضايا فيما بعد محاولات لتسوية بعضها، لعل أبرزها في مصر كان إعلان جهاز الكسب غير المشروع عن التصالح مع رجل الأعمال الراحل حسين سالم. وتمت الصفقة مع سالم في مقابل تنازله عن 75 في المئة من ثروته إلى الدولة، بما قُدر حينها بأكثر من خمسة مليارات جنيه مصري.

أما في تونس، فقد أعلن الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي عام 2015 عن مشروع للمصالحة الوطنية بشأن قضايا الفساد المالي والاعتداء على المال العام، ليصدق البرلمان التونسي على القانون عام 2017.

وبالعودة لقضية رامي مخلوف، يعد رجل الأعمال السوري من الداعمين الأساسيين لنظام الأسد، وهو ما دفع أمريكا والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات عليه. وحسب تقارير صحافية يسيطر مخلوف على قطاعات بعينها بالكامل، في مقدمتها الاتصالات والكهرباء “كما أن هناك مجالات لم يكن لأحد أن يعمل فيها من دون المرور عبره” على حد وصف تلك التقارير.

لكن الحكومة السورية بدأت نهاية العام الماضي في إصدار سلسلة قرارات بالحجز على أموال مخلوف وزوجته بتهم “التهرب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011”.

ولا تعد قضية رجل الأعمال السوري النموذج الوحيد لاتهامات احتكار رجال الأعمال لقطاعات اقتصادية بعينها في العالم العربي، فخلال فترة حكم حسني مبارك لمصر، استطاع رجل الأعمال وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم حينها، أحمد عز، السيطرة على أكثر من خمسين في المئة من سوق صناعة الحديد في مصر. ولطالما واجه عز اتهامات بالاحتكار، حتى قامت ثورة يناير عام 2011 لتحيله نيابة الأموال العامة للمحاكمة بتهمة “ارتكاب ممارسات احتكارية بالمخالفة للقانون”.

واعتبر مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قضية أحمد عز “مثالا على محاولة استخدام رجل الأعمال لعلاقته مع السلطة بهدف تعزيز موقفه والسعي لوضع احتكاري بشكل لا يخدم المجتمع”. ويحذر السيد من هذا النموذج لأنه يؤدي إلى “زيادة الشعور العام بفساد كبار رجال الأعمال، كما أنه يوحي بخطر مثل تلك العلاقة بين أصحاب السلطة والثروة”.

بينما يرى سعيد الأطرش أن جمعيات ومنظمات الأعمال المستقلة، التي تخلو من التدخل الحكومي هي دليل على صحة المناخ الاقتصادي في الدولة. ويقول إن تلك الجمعيات تلعب دورا أساسيا في ضمان عدم العمل لصالح جهة معينة. إضافة إلى ذلك فإنها تسعى لسن القوانين التي تحول دون ظهور ممارسات احتكارية. ويشير الأطرش إلى أنه في حالة ظهور النماذج الاحتكارية في أي دولة، فغالبا ما تكون خارج هذه الكيانات التنظيمية.

صاحب الثروة منافس للحاكم؟

وقد تعكس العلاقة بين رجال السلطة والمال في العالم العربي مجرد اتفاق يحقق الفائدة للطرفين، ولكن في واقع الأمر ربما تتضمن هذه العلاقات تنافسا يدعو للحذر!

ويشير مصطفى كامل السيد، إلى أن الدولة قد تقوم بمشروعات ينفذها القطاع الخاص بالنيابة عنها، ولكن رجال الحكم في العالم العربي “يرون في أصحاب الثروة منافسا لهم، فإما أن يتعاون رجال الأعمال مع الحكومة أو تفرض الحكومة عليهم الرقابة وتحد من نشاطاتهم” على حد تعبيره.

ويؤكد المتخصص بالاقتصاد السياسي، خالد بن راشد الخاطر، أن المسؤولية الأكبر يتحملها الحاكم أكثر من رجل الأعمال ويقول: “تظهر حقيقة العلاقات بين الطرفين فقط عند وقوع خلافات، لكن السياسي هو من تجد له شركات تعمل في مجالات مختلفة، فهؤلاء يمارسون السلطة والتجارة في آن استنادا إلى سلطاتهم”.  (DW)

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.