عبد السلام انويكًة
لا شك أن عزة الناس وكرامتهم وموقعهم الرمزي لا تقاس بما يملكون من مال وجاه، انما بقدر ما أحرزوه من إنجاز علمي وعملي وما كانوا عليه من اضافة وتميز رافع في مشوارهم وتحملهم لأدوار ومهات خدمة للبلاد والعباد. وغير خاف أن مؤسسات المجتمعات تبنى باسهامات من أختار من أبناءها نكران ذاتهم وتسخير حياتهم وزمنهم لرفعتها دون مقابل غير رضى الآخر، وإذا كان هؤلاء بهذا القدر والمكانة صفة وسلوكاً فأولى أن يكون ذكرهم وتقديرهم من المجتمع ومؤسسات فعلهم وتفاعلهم، بتعبير رفيع يليق بمقامهم رغم أن أي احتفاء بهم وأي تكريم لهم كيفما كان مقامه وأثاثه لن يوفيهم حقهم. مع أهمية الاشارة الى أنه بثقافة العرفان والاعتراف يزيد جهد الفرد وبذله وعطاءه ومن ثمة ما يحصل من إغناء وارتقاء، وباعتراف الانسان والمجتمع والمؤسسة بفضل الآخر يسمو كل شيء الى ما هو أفضل ويحصل حفز وتشجيع كل ذي فضل، وعياً بأن الشكر والعرفان هو أعظم محرك دافع لكل بذل واجتهاد وتطوع وابداع ونبل بادرة.
وعياً بروح العلاقة بين سلفٍ وخلفٍ وبكون العرفان بحقِّ كل سابقٍ بخيرٍ ووفاء وبذلٍ واجب لا مناصَ منه، ونهج من المفيد ترسيخه والسير عليه والرهان على ما يحتويه من رمزيةِ مقامٍ ونبلِ مقاصد انسانية قيمية مجتمعية ومؤسساتية. وعياً بكل هذا وذاك كان المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين من خلال فرعه الاقليمي بمدينة صفرو خلال الأسبوع الأول من شهر أبريل الجاري، على موعد مع حفل تكريم متميز لفائدة مديره السابق الأستاذ محمد حيلمة، احتفاء جاء تنظيمه بتنسيق بين الفرع الإقليمي للمركز الجهوي بصفرو وجمعية المبادرة للثقافة والتنمية.
حفل التكريم هذا أثثه حضور علمي تربوي جمع كل من المدير الجديد للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس مكناس الأستاذ الدكتور محمد الأزمي الحسني، والمديرين المساعدين الأستاذ الدكتور الحسن الطاهري والأستاذ الدكتور محمد الفتحي، والمدير المكلف بتسيير الفرع الإقليمي لصفرو الأستاذ عبد المجيد بنحنيني، ورئيس جمعية المبادرة للثقافة والتنمية الأستاذ يونس الأشهب، والمدير السابق لفرع صفرو الأستاذ محمد السون، الى جانب حضور عن أساتذة مكونين وأطر ادارية لفرع المركز الجهوي بصفرو، فضلاً عن ضيوف آخرين عن مجال البحث والتربية والتكوين والثقافة والابداع والاعلام والمجتمع المدني.
حفل احتفاء تخللته كلمات وشهادات أشادت باسهامات الأستاذ محمد حيلمة، وما طبع فترته وتميز به من جهد وعطاء تربوي وتفان في عمله الإداري طيلة مدة قيادته للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس مكناس، ما ترجمه مبدعون شعراء وترجمته نصوص شعرية وكلمات ألقيت بالمناسبة. وقد عبر المحتفى به الأستاذ محمد حيلمة في كلمته عن ابتهاجه بالاحتفاء والالتفاتة وامتنانه للمبادرة، باعتبارها سلوكاً تربوياً وانسانياً يرسخ قيمة وثقافة وروح الاعتراف، مشيراً أن هذه المبادرات الرمزية القيمية الرفيعة المستوى، هي معالم وتقاليد مترسخة في الممارسة الثقافية التربوية لفرع المركز الجهوي بصفرو، المشهود له بتميزه التربوي العلمي البحثي والانساني على المستوى الجهوي والوطني، وكان ممن تمت الاشادة به وبأعماله أيضاً بهذه المناسبة المدير السابق للفرع الإقليمي بصفرو إثر إحالته على التقاعد، وكان من فسيفساء فقرات هذا الاحتفاء تقديم درع تكريم وهدايا رمزية للأستاذين المكرمين ضمن ود انساني عميق وروح احترام وتقدير وعرفان، كل هذا في احترام تام لشروط صحية معمول بها في ظروف الجائحة.
هكذا اجتمع المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة فاس مكناس من خلال فرعه الاقليمي بصفرو، احتفاء وتكريماً لثلة من المتميزين هذه المرة من الاداريين الذين حملوا على عاتقهم وتحملوا مسؤولية قيادة المؤسسة لسنوات إن على مستوى المركز أو فروعه، والذين بقدر ما أبانوا عن كفاية عالية رافعة لاشعاع المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين على أكثر من صعيد، بقدر ما كانوا وأعطوا من نفس الوقت للخلف إدارة ومكونين معاً، مثالاً رائعاً عن أهمية الاشتغال وتوجيه العناية لما هو أعمق داعم من شأنه تنمية المؤسسة ونماءها، فكانوا قدوة ونموذجاً يستحق الاحترام والفخر والاعتزاز. وفي هذا الاطار وتعبيراً من الخلف عن عدم إغفال كل هذا وذاك من السلوك والعمل القويم، ووعياً بأن الاحتفاء بهؤلاء كيفما كان قدره لن يكون شافيا وكافيا فلا الكلمات ولا الهدايا يمكنها أن تضاهي ما كانوا عليه من حس وجهد ونشاط واضافة وعطاء.
بادرة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين كسلوك أخلاقي وانساني من خلال الفرع الاقليمي بصفرو، جاءت في اطار ثقافة امتنان وعرفان وجميل وتقدير صوب من كان بأداء رفيع وعمل دؤوب واخلاص ووفاء وقيم وطن. لقد كان احتفاء “صفرو” بالأستاذ محمد حيلمة مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس مكناس السابق تعبيراً صادقاً عن وشائج محبة وعرفان، ولعل ما تردد في هذا الموعد الانساني من كلمات وشهادات عميقة ترجم حجم اعتزاز بمن كان رمز عطاء وانسانية وفعل وتفاعل وانجاز. ولم يكن ما غمر هذا اللقاء من مشاعر عفوية مجرد كلمات وجدانية، بل احتفاء بعمل واسهامات على قدر عال من القيمة المضافة لفائدة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة فاس مكناس. وعليه، استحق الاستاذ محمد حيلمة بادرة نبيلة بهذا القدر بمدينة صفرو وهذا التقدير الذي لا يقل أهمية عمن كتبت أسماءهم في صفحات تاريخ وبقدر كبير من الوفاء.
إن ما هناك من معاني انسانية قيمية رمزية في سلوك وتقليد الاحتفاء، هو ما جعل الجهات المنظمة تفكر فيه اعترافاً بالفضل لأهله. ولا شك أن ثقافة العرفان من الأمور الرافعة لتجارب الفرد والمؤسسات ومن ثمة المجتمعات ورقيها وإغناء عطاءها وانتاجها، ذلك أن هذه القيم الانسانية والاعتراف بالفضل مكون دافع للانسان من أجل تميز أفضل واستمرارية وتفوق وبذل، فضلاً عما هناك من صيانة وحفظ لنشاط وحيوية وتنافس شريف وريادة. إن الاحتفاء بمن كان أهلاً متميزا في مهمته لا يشكل جانباً على قدر كبير من الأهمية ضمن قيم الانسان والانسانية فقط، بل أداة تعبئة وحفز من أجل سير بنفس الخطى ونفس النهج القويم، عملاً بقوله تعالى:”يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير”.