كل يوم ينتظر أسعد مقدمة النشرة الجوية على أحر من الجمر علها تبشره بالغيث،فتروى أرضه،وترعى غنمه،وتهنأ نفسه…لكن قي كل مرة تنكس رايته الليلة كلها.يغادر النوم جفنيه،وبالكاد يغفو قليلا،فيستيقظ مذعورا يبحث عن جواله فلايعثر عليه،ثم يهرع الى الساعة الحائطية،فيسب عقربها وينسى أنه لم يشحن بطاريتها.يتجه نحو النافذة، فيطل على المارة ويسألهم عن الساعة،لكنهم يسخرون منه،فيصرخ بأعلى صوته:’تبا ..كلكم ضدي’.
لحظة صمت سرعان ما انقضت .بحث أسعد عن جواله،لكن بطاريته كانت بحاجة للشحن ففعل.أخيرا هاتفه سيعمل،ويتلقف التوقيت.يتنهد،ويزفر من أعماقه كأنه ينفث حقده التاريخي مذ تلقى أول صفعة على خده الأيسر.
كانت الساعة تشير الى التاسعة.موعد النشرة الجوية قريب ولايفصله الا ربع ساعة على الأكثر لتطل عليه الاعلامية وتبشره بالفيث.
يتأفف أسعد من الأخبار المسائية ومن كثرة التفاصيل والاسهال الذي يطال الاشهارات الاستهلاكية ويصرخ:’ثرثارون..’
يكاد ينفد صبره،فيتمالك نفسه،ويرسل اخر زفرة.
أخيرا تطل عليه كعادتها بأناقتها…لكن ليست هي.يدعك مقلتيه ويصرخ:’أين هي؟.’هل يمكن أن…لايمكن..’.
كان ينظر الى التلفزة لكنها تتمثل اليه.لم يكن يسمع سواها..صوتها الرقيق الذي يشبه أنثى الكناري.يمني نفسه أن الغد سيحمل معه خبرا سارا…لكنها لم تظهر.تساؤل أسعد:’ماذا وقع لها؟أمريضة هي؟وهل غادرت القناة؟تبا لوزيرة الاتصال.هي الغيرة اذا’.
لم يتردد في الاتصال بالقناة.لم يصدق سمعه.كان الصوت لها.ظلت تردد:’من معي؟’وهو جامد لاينبس ببنت كلمة.كان لايتوق الى أي شيء سوى سماع صوتها.وضع الهاتف في جيبه وقال:’ لن تمطر بعد الان’