كم عدد المرضى النفسانيين والعقليين المتورطين في قضايا إرهابية؟

admin30 ديسمبر 2018آخر تحديث : منذ 5 سنوات
كم عدد المرضى النفسانيين والعقليين المتورطين في قضايا إرهابية؟

كم عدد المرضى النفسانيين والعقليين المتورطين في قضايا إرهابية؟

* الهوس والهذيان يدفعان للانخراط في «داعش» وادعاء المهدوية

* الحكم على موظف بالوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بانعدام المسؤولية الجنائية بسبب انفصام الشخصية

عبد الله الشرقاوي

يطرح ملف نازلة اليوم من جديد قضية المرضى النفسانيين والعقليين الذين يرتكبون جرائم ويحال بموجبها المتهمون على القضاء، وهي وضعية تثير جملة من المشاكل المسكوت عنها، اللهم في بعض المناسبات التي تسلط عليها الأضواء وتكتفي معها الحكومة والسلطات العمومية بإقرار الواقع المزري، وقلة “الحيلة”، و”ذات اليد”، والتأسف عن هذا الواقع، وكأن وظيفة الحكومة “البكاء على الأطلال” وممارسة دور المعارضة.

إن قضية المرضى النفسانيين والعقليين بصفة عامة، ومسألة الجانحين من حاملي هذه الأمراض، وخصوصا الذين يحكم القضاء بانعدام مسؤوليتهم، توجب، وتستدعي، وتحتم، وتفرض على الحكومة إيجاد أجوبة للإشكالات المطروحة وحلول عملية لواقع هذه الظاهرة المتفشية، خصوصا وأن الأرقام دالة، وشافية، وكافية من حيث عدد المصابين بأمراض عقلية ونفسية، علما أن حالات كثيرة من هؤلاء المرضى لا يعرضون أنفسهم على أطباء، وأن فئة كبيرة منهم لا تعرف أصلا أنها مريضة ووضعيتها في طريق التأزم، لتصل إلى حالات الانتحار، أو ارتكاب جرائم في حق الغير، والأقربين من الأسر، التي تعاني الويلات في صمت مع بعض ذويها، خصوصا في ظل العوز والفقر المدقع، والهشاشة، والوضع المؤسف له لمستشفياتنا ومراكزنا الصحية…إلخ.

إن قضية المرضى النفسانيين والعقليين الجانحين تطرح مثلا مسألة اختلاطهم مع السجناء “العاديين”، وطبيعة المشاكل والاعتداءات داخل فضاء السجن، سواء بالنسبة للسجناء أو حراس هذه المؤسسات، وكذا قضية استشفاء هؤلاء المرضى حتى في ظل الحكم بانعدام مسؤوليتهم الجنائية، لأنهم يظلون رهن الاعتقال في انتظار إحالتهم على مستشفى للأمراض العقلية، الذي نعرف واقعه وأوضاعه، ثم إشكالية المدة الزمنية الفاصلة بين الإيداع في السجن والحكم بانعدام مسؤولية الجانحين، وبالتالي الفاصل الزمني بين بقائهم بالمؤسسات السجنية وإحالتهم على مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، أم أن ذلك يمكن أن يستمر لسنوات، خاصة وأن منطوق الحكم يمكن أن يشير إلى مكوث المتهم بالسجن لغاية إحالته على المستشفيات التي تفتقر لأسرة العلاج، وغير ذلك من المشاكل التي لم تعد تحتاج إلى مزيد من التشريح .

كما أن خطورة بعض حالات المرضى العقلانيين من المشردين بالشوارع تكمن في إمكانية استغلالهم من طرف المتطرفين والتكفيريين.

لنتابع قضية اليوم المرتبطة بملف شخص متابع أمام محكمة مكافحة الارهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط، والذي أكدت تقارير الخبرة الطبية المنجزة عليه إبان مرحلة التحقيق وأمام هيئة الحكم الابتدائية بانعدام مسؤوليته الجنائية، وأن حالته كانت تستدعي علاجه منذ زمن، علما أن المعني بالأمر كان قد تم توقيفه في وقت سابق وعرض على مستشفى الأمراض العقلية بمدية الدار البيضاء ويحتاج لعلاج طويل الآمد.

————————–

شهادة الماسر … والدعاية ل “داعش”:

قضت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا مكافحة الارهاب بمحكمة الاستئناف بملحقة سلا أخيرا بانعدام المسؤولية الجنائية لموظف بالوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، توبع بتهم تحريض الغير وإقناعه بارتكاب أفعال إرهابية، والإشادة بأفعال تشكل جرائم إرهابية، والإشادة بتنظيم إرهابي.

وكانت مصالح الأمن قد اعتقلت المتابع، المزداد عام 1977، والحاصل على شهادة الماسر في شعبة هندسة وتسيير نظم الإعلام، لنشاطه المكثف عبر “الفايسبوك” وإشادته بالأفعال الإجرامية لتنظيم “داعش” والترويج لها بعدما تولد لديه اهتمام بالأفكار الجهادية إثر توالي متابعته أخبار التنظيمات الجهادية بالثورة السورية….

توقيف عن العمل بأجرة 9500 درهم:

نسب تمهيديا إلى المعني بالأمر أنه إبان سنة 2007 قام بانتقاد مدير الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات التي تعرف «تسيبا في التسيير»، الشيء الذي تسبب في توقيفه عن العمل، كان يتقاضى مقابله أجرا شهريا يصل إلى حوالي 9500 درهم، حيث تمت مطالبته بالإدلاء بشهادة طبية تثبت مدى سلامة قواه العقلية، وهو ما دفعه إلى دفعه تقديم دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالرباط مطالبا بتعويض مالي يبلغ مليون درهم، إلا أن المحكمة حكمت له بمبلغ 20.000، رفض تسلمه وبقي يتردد عن العمل متى رغب في ذلك….

“رؤى”… وتأليف كتاب:

أشار المتابع، في معرض تصريحاته، إلى أنه خلال نفس السنة أضحت تراوده بعض “الرؤى” التي تحققت بعضها، ورأى أنه محب لله، حيث أصبح يقضي معظم وقته في المطالعة وتثقيف نفسه وتصفح مختلف المواقع الالكترونية… مضيفا أنه في سنة 2010 ألف كتابا بالفرنسية يتطرق فيه لوضعية المغاربة والمسلمين التي يعيشونها اليوم، والذي حقق له مبيعات تصل إلى مبلغ 50 ألف أورو، توصل بها من دار للنشر في باريس، باعتبار أن الكتاب صدر في فرنسا..

تمجيد تنظيم “داعش” وتكفيره:

ودائما تبعا للمنسوب تمهيديا للمتهم فإن حماسه الجهادي جعله يرى بأن المجتمع يعرف عدة مظاهر للمنكر والفساد، التي يتعين على كل مسلم تغييرها عن طريق التوعية والرجوع الى الشريعة الإسلامية، وأضحى لا يقر بعقد الزواج ورفض الاحتكام إلى الطاغوت، مضيفا أنه قام سنة 2015 بتدوينات عبر الفايسبوك تدعو إلى الجهاد الذي هو أقوى برهان على حب العبد لله، لأنه يُضحي بكل شيء في سبيل محبوبه… إلا أنه تراجع عن تصريحاته، معتبرا أن تنظيم “داعش” ليس على حق، وأن قادته كافرون، إذ ولج منتدى «الرؤى» على موقع الفايسبوك وأصبح يعبر صراحة عن تبرؤه من هذا التنظيم…

واتضح من خلال الاستماع إلى الظنين أمام الشرطة القضائية أنه يخوض في مواضيع لا علاقة لها بصلب القضية المتابع في إطارها، بعد أن امتنع عن الكلام، وإدلائه بتصريحات غير واقعية ومشوبة بنوع من الاضطراب، جراء ما يدعي أنه يشاهده من «رؤى» وتخيلات على أساس أنها أحداث وشيكة الوقوع، كأمواج البحر التي ستغمر الساحل المغربي في شكل تسونامي باستثناء شقة بمنطقة تامسنا، التي ستنجو من الكارثة سنة 2018.

واعتبر المعني بالأمر أنه مبعوث سماوي مكلف بإرساء الخلافة الراشدة، لأنه الإمام “المهدي المنتظر” الذي سيخلص الأمة الإسلامية من الفساد..

وتم عرض المتهم خلال مثوله أمام المكتب المركزي للأبحاث القضائية بسلا على مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية بذات المدينة، إذ أكدت طبيبة في تقرير طبي أن المعني بالأمر يعاني من مرض مزمن يتعلق بانفصام الشخصية يجعله يتصرف بلا عقلانية، مع تخيلات وأفكار غير حقيقية يعيشها وكأنها واقعية، منها إدعاؤه كونه المهدي المنتظر، وأنه يتلقى توصيات من الله عبر رؤى، وهي وضعية تستدعي علاجه مدى الحياة.

أحيل الظنين على قاضي التحقيق بذات المحكمة الذي سطَّر المتابعة الآنفة الذكر في حقه، والذي كان قد أسند هو الآخر مهمة إجراء خبرة طبية لطبيب بنفس المستشفى، والذي أكد أن المتابع يعاني من انفصام الشخصية الذي تطور منذ سنوات بدون تكفل طبي.

وبعد مناقشة الهيئة القضائية الابتدائية المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بملحقة سلا الملف وتوصلها بتقرير الخبرة الطبية التي أمرت بإجرائها على المتابع أمرت بالإبقاء عليه رهن الاعتقال الاحتياطي إلى غاية عرضه على مستشفى الأمراض العقلية لعلاجه، وذلك بعدما تأكد لها صحة الأفعال المنسوبة إليه، لكنه غير مسؤول عنها جنائيا، حيث أكد تقرير طبيب أخصائي في الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى الرازي بسلا هذه الخلاصة.

وعزا التقرير الطبي أن الأفعال المرتكبة من طرف المتهم كانت بسبب الذهان الذي أدى إلى تدهور قدرته على إصدار الأحكام، وذلك في إطار اضطراب ذهاني لانفصام الشخصية، وهو مرض يتطور عبر مراحل ويحتاج إلى تكفل طبي طويل الأمد….

وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد استمعت للمتهم صيف 2016 بسبب مشاركته عبر موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك” في الإشادة بتنظيم “داعش”، إلا أنه اتضح لها علامات التوتر والاضطراب النفسي الذي كان عليه، حيث تعذر استكمال البحث معه، حينما بدأ يخوض في مواضيع لا علاقة لها بالبحث، لتتم إحالته على الجناح 36 الخاص بالأمراض العقلية والنفسية بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، والذي احتفظ به لمدة 18 يوما من أجل تلقي العلاج، لأنه يعاني من اضطراب في انفصام الشخصية والهذيان في الجانب الديني والهوس والتقلب السريع في المزاج والعصبية

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.