التشهير بالسياسيين على الشبكات الاجتماعية في المغرب يعتبره البعض تدخّل في حياتهم الشخصية فيما يؤكد آخرون أنه كشف لتناقضهم وتجارتهم بالدين سياق هذا الملف الشائك وأهم تفاعلاته لامستها”العرب اللندنية” نعيد بسطها تعميما للنقاش المصاحب لها على الساحة الوطنية واقعيا وافتراضيا..
يدور نقاش حامي الوطيس على فيسبوك المغربي حول الحريات الفردية واحترام الحياة الشخصية للسياسيين، على خلفية نشر صور للقيادية في حزب العدالة والتنمية الإسلامي أمينة ماء العينين في العاصمة الفرنسية باريس بلباس وصف بالـ“متحرر”.
وظهرت ماء العينين في صورة، دون حجاب، بلباس شبابي ترقص أمام ملهى ليلي يدعى “لو مولان روج”.
واعتبر مستخدمو فيسبوك في المغرب الصورة دليلا على ممارسة قياديي الحزب “التجارة بالدين”.
ولقب مستخدمون لفيسبوك ماء العينين بـ”الذراع العاري” للبيجيدي، على وزن “الذراع الدعوي”، متهكمين من نظرية “الحجاب في المغرب والتبرج في فرنسا”.
وسارعت ماء العينين إلى نفي صحة الصورة الأولى، وهددت من ينشرها باللجوء إلى القضاء.
وكتبت في تدوينة على فيسبوك:
Maelainine Amina@
بدأت تصلني على الخاص بعض الصور المفبركة والتي لا أعرف مصدرها في انتظار إخراج الصور بالبيكيني في الشواطئ والفنادق الفخمة من الأموال العامة كما زعموا. (…) أعلن لجوئي إلى مقاضاة كل من يمس بسمعتي ويشهر بي ويسيء لعائلتي، من خلال حرب منظمة لم تبدأ اليوم فقط. وإذا كان الغرض هو التركيع والتأديب والعقاب فإنني لن أخضع لذلك وسأفوّض أمري لله أولا ثم للقضاء ثانيا. وأعلن أنني لم أسافر يوما في عطلة إلى أي مكان على حساب دافعي الضرائب ولا قصّرت يوما في الالتزام بالحضور والترافع في كل المهام الرسمية التي مثلت فيها بلدي.
لكن موقع “برلمان كوم” رد على تهديدات ماء العينين بنشر صورة جديدة للبرلمانية والقيادية تلبس فستانا قصيرا لكن هذه المرة بساحة “فان دوم” بباريس. وقال إنها لأمينة ماء العينين، ملمحًا إلى أنه يملك صورًا أخرى لها بنفس الوضعية، ويتحداها وحزبها باللجوء للقضاء.
وقال الموقع في معرض تعليقه على الصورة “إننا لا نبتغي من الأمر مسًا بالحريات الشخصية، خاصة حرية فتياتنا اللواتي يرتدين هذا اللباس أو ذاك، بل الأمر يتعلق هنا بقيادية بارزة في حزب ذي مرجعية دينية يقود الحكومة ويرفض اللباس الحداثي كما وقع مرتين تحت قبة البرلمان”.
وشنّ عدد من المعارضين ومن بينهم رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، الحبيب الحاجي حملة ضد سياسة حزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر أن الواقعة تؤكد على الازدواجية التي يمارسها الحزب، لافتا إلى أن ماء العينين نفسها سبق وقالت إن “ارتداء الحجاب هو الفيصل بين المسلمة وغيرها، ومع ذلك فهي لا تمانع من أن تكون أحيانا غير مسلمة عندما تكون خارج الوطن عندما تتخلّص من الحجاب”.
وكتب المحامي لحبيب حاجي في تدوينة:
Lahbib Haji@
السياسية ماء العينين وبشاعة الاتجار بالدين.. ان تكون السياسية والناشطة الكبيرة في مجال الإسلام السياسي ماء العينين ترتدي حجابا “إسلاميا” مسيسا فلا مشكلة في الأمر. بل إن الأمر يدخل في مجال الحريات الشخصية وحق من حقوق الإنسان.
وأضاف:
Lahbib Haji@
لكن إذا كانت تعتبر أن ارتداء ذلك الحجاب هو الفيصل بين المسلمة وغيرها فلماذا تكون أحيانا غير مسلمة عندما تكون خارج الوطن عندما تتخلص من الحجاب. بل وكما أكد مصدري أنها تذهب إلى البحر كأيتها النساء بلباس البحر العادي وليس بلباس البحر الشرعي.
أن تكون سياسيتنا بهذه الازدواجية الغريبة والخطيرة؛ “مسلمة” في المغرب وحرة في أوروبا لهو الاتجار بالدين في أبشع صوره. ومراوغة سياسية لجلب التأييد الديني واستغلال الخلفية الدينية للمغاربة في الوصول إلى المكاسب. إن مناصبها الحالية التي تجلب لها أكثر من 80 ألف درهم شهريا من مال الشعب لهو نجاح في هذه التجارة الدينية المربحة. نفس الأسلوب ينتهجه العديد من “الإسلاميين”.
ورفع المحامي سقف التحدي في تدوينة أخرى مطالبا من البرلمانية ماء العينين اللجوء إلى القضاء.
وأعادت صور ماء العينين إلى الأذهان صور محمد يتيم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، التي انتشرت قبل شهور، ويظهر فيها رفقة “خطيبته” وهو لا يزال متزوجا في باريس، والتي أثارت جدلا واسعا على الشبكات الاجتماعية.
وسبق لقياديي حزب العدالة والتنمية أن تعرّضوا لفضائح أخلاقية شغلت المغاربة.
من جانبه، أصدر الحزب بيانا الأحد، أكد فيه “أن ما تتعرّض له البرلمانية ماء العينيين، يندرج في إطار حملات الاستهداف السياسي والإعلامي للحزب من خلال استهداف بعض مناضليه”، وفق تعبيره. واستنفر الذراع الإلكتروني للحزب على الشبكات الاجتماعية رافعا شعار “لن نسلمكم أختنا”.
يذكر أن كثيرين من “خصوم” ماء العينين السياسيين دافعوا عنها، مؤكدين أن تسريب الصور يعد “تدخلا في الحياة الخاصة”.
وقالت لطيفة البوحسيني، الناشطة الحقوقية واليسارية، في تدوينة على فيسبوك “لا يهمني الاتفاق أو الاختلاف مع ماء العينين بخصوص مواقفها السياسية، بقدر ما يهمني اليوم ما تتعرض له كشابة سياسية”.
ومن جانبه قال عزيز ادمين، رئيس مركز الشباب للحقوق والحريات “وصلنا لمستوى منحط في الأخلاق والأخلاقيات، وانحدرنا إلى مستوى النذالة والحقارة والسفاهة”.
وأعلنت ابتسام عزاوي، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، تضامنها مع زميلتها ماء العينين، إثر ما اعتبرته “حملة إعلامية شرسة ضدها”، وأوضحت أن “المنتخبين والمسؤولين يجب محاسبتهم صحيح، لكن بالاحتكام إلى أدائهم ونتائجهم، ومدى وفائهم بالعهود والبرامج، وليس على أساس حياتهم الشخصية”.
واعتبرت حفيظة فرفاشي، القيادية في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، أن “حملات التشويه التي تتعرض لها النساء بسبب بروزهن في الحياة السياسية، هي قتل رمزي تجعل أي امرأة كيفما كانت توجهاتها وقناعاتها الفكرية والسياسية، تفكر ألف مرة قبل المشاركة في الشأن العام”.
من جانبه، أشار قال الخبير البرلماني المغربي، وأستاذ القانون، رشيد لزرق إلى أن القضية لا تتعلق بالحرية الشخصية للنائبة في ارتداء ما تريده من ملابس، ولكن في طبيعتها المتشددة وشهرتها داخل المجتمع المغربي بآرائها الإسلامية المتشددة، فضلا عن انتمائها الحزبي الإخواني.
وقال خالد البكاري، المحلل السياسي، إن المزعج في عملية تسريب الصور هي الجهة المسرّبة لها، موضّحا أن هناك فرقا بين صور تسرّبها صحافة المشاهير وبين تسريبات “تبدو مفتعلة”. ويؤكد أن المزعج هو “التطبيع مع استهداف الحياة الخاصة للجميع، لأنه مع هذه الممارسات سيصبح الصراع دون ضوابط أخلاقية”. ويرى الخبير الاجتماعي صلاح الوديع أن اهتمام الرأي العام بقضية “صور ماء العينين” مردّه إلى كونها “شخصية سياسية بنت سمعتها على خطاب يجعل من الحجابِ دليلا على استقامة أخلاقية وانتماء إلى فضاء العفة والسلوك الحسن”، مضيفا أن ما أثار المجتمع في هذا الموضوع هو “التناقض