أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، أمس الثلاثاء بالرباط، أن تمكين وحفظ كرامة النزلاء يأتي في صلب التوجيهات الملكية السامية، الهادفة إلى جعل المؤسسات السجنية مراكز لتقويم السلوكيات، وتحقيق التأهيل والاندماج السلس للنزلاء داخل المجتمع.
وأبرز ميراوي، خلال ترؤسه بشكل مشترك مع المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، للاجتماع التحضيري للمناظرة الوطنية التوافقية، حول موضوع: “البحث العلمي في خدمة إعادة إدماج السجناء”، أن هذا الحدث، الذي يندرج في إطار التوأمة المؤسساتية بين المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والاتحاد الأوروبي، تعكس الوعي المتزايد بضرورة الاهتمام الجماعي بالرهانات المتعلقة بالحكامة في تدبير الشأن السجني.
وأوضح ميراوي، وهو أيضا رئيس اللجنة التحضيرية للمناظرة الوطنية التوافقية، أن الأمر يتعلق بـ “مبادرة جديرة بالثناء تهدف إلى تعميق النقاش وإثراء التفكير في مساهمة البحث العلمي، لا سيما من خلال تحديد الحلول المبتكرة لتحسين ظروف إعادة الإدماج السوسيو- اقتصادي للنزلاء، من خلال استلهام التجارب الدولية ذات الصلة في هذا المجال”.
وشدد على أن “العقوبات السالبة للحرية لا ينبغي أن تكون غاية في حد ذاتها، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تبدل الآفاق المهنية والشخصية للنزلاء”، مضيفًا أن النزيلات والنزلاء هم مواطنون يوجدون في وضع معين، كما أنهم يظلون مؤهلين للاستفادة من كافة الحقوق الأساسية التي يكفلها لهم الدستور، ولا سيما الحقوق المتعلقة بالتربية والتكوين.
وبعد أن شدد على ضرورة العمل من أجل تأهيل النزلاء من خلال حصولهم على شهادات علمية ومهنية تساهم في تسهيل عملية إعادة إدماجهم، وتحد من مخاطر العودة إلى الإجرام، الذي يظل الهدف الرئيسي للسياسة السجنية، أكد الوزير على أن البحث العلمي يظل ركيزة أساسية في هذه المقاربة.
من جانبه ، أكد التامك أن هذا اللقاء، الذي يكتسي أهمية قصوى بالنسبة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، يهدف إلى أن يكون أداة لاتخاذ القرار، وفرصة لتعزيز النقاش العمومي حول إعادة إدماج السجناء، من خلال اعتماد رؤية شاملة ترتكز على البحث العلمي، كمقاربة لاستيعاب أفضل لهذا الموضوع.
وشدد على أن نتائج المناظرة ستكون في مستوى انتظارات جميع الشركاء المؤسساتيين وغير المؤسساتيين المرتبطين بهذا الموضوع الهام، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة ستقدم إجابات عن جميع الأسئلة، التي أثيرت حول موضوع إعادة النزلاء، كما أن خلاصاتها ستساهم في صنع القرار، ومراجعة السياسات بهدف إنجاح عملية إعادة إدماج النزلاء، وبالتالي الإسهام في محاربة العودة إلى الإجرام، وفقًا للتوجيهات المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
من جهته، أبرز مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة إدماجهم، بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إدريس أكلمام، أن المناظرة الوطنية التوافقية تمثل مقاربة علمية جديدة تروم بحث الإشكاليات التي تثير اهتمام المجتمع، مشيرا إلى أن أهميتها نابعة، بشكل أساسي، من طابعها الموضوعي والتشاركي.
وأشار إلى أن الأمر يتعلق بأول مبادرة من نوعها تروم خلق فضاء للنقاش حول إعادة إدماج السجناء، مؤكدا أن البحث العلمي، كرافعة لأي مشروع تنموي، سيمكن من تسليط الضوء على مختلف مكونات إعادة الإدماج، وأوجه التقارب بين مختلف الإدارات والفاعلين المعنيين، فضلا عن التوصل إلى استنتاجات تساعد على اتخاذ القرارات، وإعداد استراتيجيات وطنية و/أو مراجعة السياسات الوطنية في هذا المجال.
ومن جانب الاتحاد الأوروبي، قال رئيس فريق مشروع الدعم التقني للمندوبية العامة، بير إيف دياز، إن المناظرة الوطنية التوافقية تعد مبادرة هامة لإدماج جميع الفاعلين، مشددًا على أن إعادة إدماج النزلاء هي مسؤولية الجميع.
وبعد أن نوه بالجهود الجديرة بالثناء، التي بذلتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، شدد الخبير الأوروبي على أهمية إشراك جميع الإدارات الأخرى، والمجتمع المدني، والمقاولات الخاصة لتحقيق أفضل عملية لإعادة الإدماج.
وأكد، في هذا السياق، على دور البحث العلمي في هذا التمرين الهام جدا، بالنظر إلى لأنه يوفر أدوات علمية، مثل برامج المعالجة، وآليات تقييم المخاطر.
يشار إلى أن المناظرة الوطنية التوافقية تندرج في إطار التوأمة المؤسساتية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، المتعلقة بتعزيز القدرات المؤسساتية للمندوبية العامة لإدارة السجون.