أفادت “القدس العربي” أن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش أجرى يوم الجمعة لقاءات مع كل من وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة ومع زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في العاصمة بروكسل على هامش أشغال قمة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الإفريقي. ويعد الاجتماع الأخير سابقة وقد يزيد من توتر العلاقات بين الرباط ومدريد.
وهكذا، فقد احتضنت العاصمة بروكسل يومي الخميس والجمعة الماضيين قمة زعماء الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ضمن ما يسمى مشروع “البوابة العالمية”، حيث تهدف أوروبا إلى مواجهة النفوذ الصيني في القارة السمراء. وتشكل عادة قمم من هذا النوع فرصة للقاء بين المسؤولين لمعالجة قضايا ثنائية.
في هذا الصدد، نقلت وكالة أوروبا برس تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش أول أمس بعد عقده لقاء مع وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة الذي قام بتمثيل المغرب في هذه القمة. وأبرز سانتيش أهمية العلاقات مع المغرب الذي وصفه بـ”الدولة الاستراتيجية” وأبرز المساعي لتجاوز الأزمة الحالية.
ويعد هذا أول لقاء بين مسؤولي البلدين منذ شهور طويلة، تاريخ انفجار الأزمة بين الرباط ومدريد بسبب نزاع الصحراء. وكانت إسبانيا قد رفضت قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، مما دفع الرباط إلى الاحتجاج عليها. كما احتجت الرباط على استقبال مدريد لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بهوية مختلفة للعلاج من كوفيد-19 لتفادي المثول أمام القضاء.
في الوقت ذاته، اعترف رئيس حكومة إسبانيا أنه تحدث مع زعيم البوليساريو إبراهيم غالي الذي حضر قمة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الإفريقي، لكنه رفض تقديم معطيات وتوضيحات حول القضايا المعالجة في اللقاء. ويعتبر هذا أول لقاء بين زعيم البوليساريو ومسؤول إسباني بصفته رئيسا للحكومة مما يعد سابقة، علما أن رؤساء حكومات سابقين مثل خوسي ماريا أثنار ولويس رودريغيث سبتيرو استقبلوا زعيم البوليساريو السابق محمد عبد العزيز بصفتهم كأمناء للأحزاب السياسية الحاكمة وليس كرؤساء حكومات، وكان الاستقبال يتم في مقرات الأحزاب وليس في مقر رئاسة الحكومة في العاصمة مدريد.
ولم تتطرق رئاسة الحكومة إلى اللقاء من قبل سواء مع ناصر بوريطة أو إبراهيم غالي حتى كشف عنهما سانتيش في تصريحاته الصحافية.
ولم يعلق المغرب على هذا الاستقبال حتى الآن، وبدون شك سيساهم هذا الاستقبال في استمرار الأزمة لأنه يعد إشارة غير ودية تجاه الرباط. واشترطت الأخيرة على مدريد ضرورة الاعتراف بمغربية الصحراء وتأكيد الحكم الذاتي لاستئناف العلاقات الثنائية. غير أن مدريد تستمر في سياستها التي تؤكد على دعم مساعي الأمم المتحدة لحل نزاع الصحراء.
وعمليا، يعد هذا الاستقبال -الذي لم يتم تحديد نوعيته: اجتماعي ثنائي رسمي أم غير رسمي- ثالث إشارة غير ودية من إسبانيا بعد تفادي رئيس الحكومة سانتيش عدم اختيار الرباط وجهته الأولى بعد توليه رئاسة الحكومة، علما أن كل رؤساء الحكومات السابقين كانوا يزورون المغرب كأول محطة خارجية لهم، ثم قرار معارضة ترامب، وهو ما يؤكد قرار الدولة العميقة في إسبانيا عدم الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء في الوقت الراهن. وكان مدير الاستخبارات السابق والخبير في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، خورخي ديسكيار، قد كتب منذ أيام أن “الاعتراف بمغربية الصحراء من طرف إسبانيا مثل اعتراف الدول بضم روسيا لأوكرانيا”.