• ضمن فضاء مواهب وابداعات قصة قصيرة : • الحكيم والبغيض

admin
2019-01-22T01:48:36+01:00
مواهب وابداعات
admin22 يناير 2019آخر تحديث : منذ 5 سنوات
•	ضمن فضاء مواهب وابداعات قصة قصيرة : •	الحكيم والبغيض
  • ياسين لمقدم
  • في ساعة متأخرة من مساءٍ ما، دخل حكيمٌ متجرا يقع منفردا في هامش قصيٍّ من البلدة، وراء الغابة الكثيفة. وكان صاحب الدكان شديد البخل بغيضا، محتكرا، محتقرا للناس، ويستلذ أن ينعث الجميع بالكلاب. فوجدَ الحكيمُ التاجرَ منهمكا في مراجعة حصيلة يومه. فقال الحكيم للتاجر: أرجو أن يكون يومك هذا أفضل مِن أمسِكَ.
  • فردَّ عليه التاجر متبرما: الأيام كالبشر لا تتشابه أبدا، وإن أتيتَ للتَّبضٍّع فخذ حاجتك وانصرف إلى شؤونك فأنا لست في حاجة إلى سماع عوائك.
  • فقال الحكيم : بل دخلتُ لأحذرك من لصوص يترصدون بك خارجا، وهأنذا أنصرف لحالي.
  • وبعدما سمع التاجر كلام الحكيم ارتبك وأفلتَ القطع النقدية من بين يديه، وأحدث ارتطامها بالأرض رنات قوية، ففكَّر التاجر أن ذلك الجرْس كفيل بجلب كل لصوص البلاد إليه. ثم طلب من الحكيم أن ينتظر قليلا لعله يكون سندا له في دفع الشر الذي يترصد به. واستفسر الحكيمَ عن أي سبيل يمكن أن ينجيه من بأس قُطَّاع الطرق ويحفظ له رزقه.
  • فأطرق الحكيم بنظره إلى الأرض ليفكر في أمر التاجر، ثم قال : خير وسيلة للنجاة هي أن تغطي ظهرك وهامتك بجلد الماعز الذي تضعه على كرسيك، وسأقوم بتطويق رقبتك بحبلٍ، وستخرج من دكانك وأنت تحبو متظاهرا بأنك كلبي، ولا تتوقف عن اللهاث، وإن أصدرتَ بعض العواء الخفيف سيكتمل المشهد بنجاح. وبذلك سنجتاز السبيل إلى بلدتنا بأمان في هذه الليلة الغبشية المشؤومة.
  • وافق التاجر المرتعب على اقتراح الحكيم دون جدال. وبعد أن أغلقا أبواب المتجر غادرا في اتجاه البلدة. فأبدى التاجر في حَبْوهِ تصبُّرا كبيرا على ما آلمهُ في طريقه المترب المليء بالأحجار المُسَنَّنة وهشيم الأشواك وبعر الدواب. وكان يمشي وراء صاحبه دون أن يتوقف عن اللهاث، وإن لاح له طيف وراء الأشجار أخذَ يصدر نباحا قويا لا يختلف عن نباح كلب شرس. فينهره الحكيم ويأمره بالصمت بجرِّ الحبل مرات متتالية كما يُفعل عادة مع الكلاب إحكاما للتمثيلية وتمويها لترصدات قُطاع السُّبل.
  • وعندما اقتربا من البلدة، خرجتْ لهما جموع الساكنة التي كانت تختبئ وراء الأشجار وقد استبدَّ بالجميع ضحك جنوني. وكان كل واحد من الناس يحمل في يده مشعلا، فلما أحاطوا بالإثنين، خاطب الحكيمُ التاجر : من هو الكلب الآن؟.
  • بصعوبة استفاق التاجر من صدمته بعد أن فهم خيوط المقلب المهين الذي تعرض له. فدفع عنه الناس بقوة وهرول تجاه عمق الغابة يعوي 
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.