أصدر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني مؤخرا نتائج الخبرة التي أجراهاعلى المشاريع التي قدمتها الجامعات المغربية بعد أن أطلقت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي “دعوة لتقديم مشاريع” في إطار برنامجها لدعم البحث العلمي متعدد التخصصات في المجالات المرتبطة بـ كوفيد 19.
وقد أسفرت النتائج عن قبول اثني عشر (12) مشروعا من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.وهو أكبر عدد من المشاريع المقبولة على مستوى القطب الجامعي الجهوي، الذي يشمل جامعات جهة فاس مكناس وجهة الشرق وجهة درعة تافيلالت. وتظهر هذه النتائج أن أغلب الحقول المعرفية وأغلب المؤسسات التابعة للجامعة كانت ممثلة ضمن المشاريع المختارة. وتجدر الإشارة إلى أنه بموجب هذا القبول سيتم تمويل مشاريع جامعة سيدي محمد بن عبد الله بميزانية إجمالية قدرها مليونان وسبعون ألف درهم (2،070،000 درهم)، وهو مايمثل 41.4٪ من إجمالي الميزانية المخصصة للقطب الجامعي الجهوي.
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصار على المشاريع الإثني عشر المشار إليها فرضته إكراهات الميزانية، وإلا فإن أغلب المشاريع التي تقدمت بها الجامعة لها أهميتها. ولذلك فقد تحظى باقي المشاريع مستقبلا بالدعم في سياقات وشراكات أخرى. وستحرص الجامعة على اغتنام أي فرصة أخرى لدعوة أساتذتها الباحثين لتقديم مشاريعهم، سواء في إطار الجهة أو وطنيا أو دوليا. وفي هذا السياق نشير إلى أن فريقًا من كلية الطب والصيدلة بفاس له مشروع يتعلق بلقاح كورونا، اتصلت به مؤخرا شبكة أوروبية ذات اهتمام علمي مماثل. من أجل التنسيق والتعاون الدوليين في المستقبل.
إن جامعة سيدي محمد بن عبد الله في إطار التزاماتها العلمية والوطنية –يُؤكد مصدر رفيع من الجامعة- تسعى باستمرار إلى تشجيع مختبراتها على الانخراط في القضايا المجتمعية والاجتماعية الاقتصادية ذات الأولوية، وإجراء أبحاث مبتكرة ذات الوقع الإيجابي. ولا شك في أن هذا المسعى سيتعزز أكثرمن خلال جودة وتنوع المشاريع المختارة، وتجربة الفرق الحاملة لها.مما سيسمح بإجراء تحليل عميق للوباء وطرق انتشاره واستخلاص الدروس من هذا الوضع الاستثنائي لإعداد بلادنا بشكل أفضل لمواجهة الأزمات المحتملة مستقبلا.
وقد اكتسبت الفرق المشاركة في هذه المشاريع خبرة كبيرة في البحث العلمي التطبيقي، يُضيف ذات المصدر، مما سيسهل عليها الحصول على نتائج دقيقة وعملية. ولإعطاء أمثلة للمشاريع المقترحة نشير إلىأن بعضها يعمل على تحسين طرق الوقاية من داء كوفيد 19من خلال دراسة جوانبه الفيروسية والمناعية والوبائية.ومن الباحثين من يعمل على تقييم الطرق المعتمدة حاليا قي المراقبة والفحص من أجل تقديم مقترحات تساعدعلى اتخاذ القرار.ومنهم من يهتم بتقييم آثار بعض المنتجات ذات المخاطر الصحية أثناء الوباء مثل ثاني أكسيد النيتروجين.
كما تعمل فرق جامعة سيدي محمد بن عبد الله على تهييء منصة خاصة بالأوبئة من نوع كورونا، مهمتها الرصد والتحليل والتنبؤ بناءً على نماذج موحدة للتمثيل والتخزين والمعالجة الفورية للبيانات. وتستكشف فرق أخرى حلولاً للتعامل مع آثار الوباء، من خلال تطوير مهارات الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين عبر منصات للتعليم عن بعد (Innoskills). كما يتم توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال آخر، ولا سيما من خلال تطبيق “COV19Sim Maroc” ، الذي سيتم تطويره في شكل نظام ذكي للتنبؤ والتحكم في انتشار فيروس كورونا في المغرب. ومن بين المبادرات التكنولوجية أيضًا تصميم وإنتاج قوالب خاصة بأقنعة حماية الوجه.
وتعمل فرق أخرى على الجوانب الاجتماعية والنفسية والمعرفية المرتبطة بالوباء. وقد ركز بعضهاعلى دراسة تمثلات خطر كوفيد19 عند المغاربة،وتأثيرها على الوقاية لديهم .بينما اهتمت أخرى بالوسائل القادرة على تحسين حياة الأفراد والأسر خلال فترة الحجر الصحي.
ويوجد أيضا ضمن المشاريع الممولة موضوع يهتم بالتغذية وآثارها الصحية. بحيث يقترح فريق من الجامعة دراسة أنماط التغذية وأهمية الجودة الغذائية في الوقاية من الأمراض.
ويمكن القول بأن هذه “الدعوة للمشاريع” التي أطلقتها الوزارة الوصية قد كشفت حجم الحماس والدينامية والروح الوطنية التي ميزت مشاركة باحثي جامعة سيدي محمد بن عبد الله سواء من حيث عدد المشاريع المقدمةوالبالغ أربعة وخمسين (54) مشروعًا. أو من حيث نوعية الأبحاث المقترحة والتي تميل إلى الموضوعات التطبيقية، التي يمكن أن تؤدي في المدى القصير إلى نتائج ملموسة. ويعد هذا التوجه من أولويات استراتيجية تطوير البحث التي تم تسليط الضوء عليها ضمن توصيات “أيام البحث العلمي والابتكار” التي أطلقتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله سنة 2018. والتي عمل باحثو الجامعة على تنزيلها من خلال حرصهم على راهنية أبحاثهم. وهو ما يتضح جليا الآن من خلال ما قدموه من مشاريع تسعى إلى البحث عن الحلول الأكثر ملاءمة لمواجهة التحديات الآنية المرتبطة بوباء كوفيد 19، وأيضا التحديات المستقبلية لبلدنا بوجه عام.