رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران اختار اللحظة المناسبة لمكاشفة المغاربة ، ولوضع حد لمواجهة ما يصفه “بالحملة ضده” حول “المعاش الاستثنائي” الذي حظي به بأمر ملكي، بحوار مفتوح مع الصحافة، فتح معه عددا من الملفات والأسرار، التي كان حتى وقت قريب يتكتم عنها.
واستغل ابن كيران الندوة الصحافية التي احتضنها بيته بالرباط السبت 2 فبراير
الجاري، والتي تعد أول حدث إعلامي رسمي ينظمه ابن كيران منذ إعفائه من رئاسة
الحكومة قبل سنتين، للرد أساسا على من اتهمهم بالكذب عليه في قضية المعاش
الاستثنائي، لكنه تجاوز ذلك للحديث في كثير من المواضيع.
بخصوص المعاش الإستثنائي قال ابن كيران أنه تعرض لحملة إعلامية من طرف بعض المنابر
الإخبارية، وأني أقبل انتقاد الناس بسبب المعاش الاستثنائي، ولن أقول كلاما غير
معقول، رغم أن هناك أربع جرائد كذبت علي، وقررت عدم السكوت”.
وزاد “لكن لو طلبت معاشي من العثماني سأبدو متناقضا مع نفسي وما قلته في
البرلمان سابقا في الموضوع، وهذا هو الذي منعني من طلب المعاش”.
وتابع “من يقولون له إنه كان عليك رفض المعاش الاستثنائي، إلى أن ابن كيران
لن يرفض من سيدنا أي شيء، وهم لا يعرفونني، وكان عليهم توقير الملك، وأقول له جزاك
الله خيرا”.
وأوضح “وضعيتي لم تعد تتحمل، فراسلت الإخوة في الحزب، قلت لهم عليكم
تحمل مصاريف، فخصصوا لي مبلغ 10 آلاف درهم في الشهر، فعلم سيدنا بالموضوع وخصص لي
المعاش”.
واضاف ابن كيران قائلا”أتحدى أي واحد يعرفني منذ أربعين سنة أنني كذبت عليه،
لا أستطيع القول أنني لم أكذب أبدا في حياتي، ويوما ما كنت غادي للحج وحاولت جعل
الأمر سرا فلم أوفق”.
وأضاف “سأرد لأني لا أريد أن يقال لأبنائي أن أبوكم كذاب، فلقد سبق واتهموني
بالعمالة وأنني بوليسي وعميل للبصري ثم لوزير الأوقاف ثم للحسن الثاني. أنا لست
قديسا، وتوقعت انتقاد الناس”.
وفي معرض حديثه عن علاقته مع الملك، تحدث ابن كيران عن الحراسة الأمنية التي ترافقه
وأمام بيته، ليسجل أن “الحراسة يستفيد منها بأمر من الملك الذي يتابع وضعيته
الأمنية لحد الآن”.
وأفاد الأمين العام السابق للعدالة والتنمية، “الملك يتابع وضعيتي الأمنية
باستمرار حتى الآن وهو يعرف لماذا؟ فالملك اتصل بوزير الداخلية بينما كان معه
بمكتبه برئاسة الحكومة، وأخبره بأنه قرر وضع حراسة أمنية مشددة له، مهما كان
موقفه”.
وشدد ابن كيران على أن “عدد عناصر الأمن التي كانت بجوار المنزل، حين كان
رئيسا للحكومة هو 40 عنصرا، ليتم تقليصه بطلب مني، بينما انخفض عدد الحراس
المرافقين من 7 إلى ثلاثة عناصر أمنية الآن”.
وأعلن ابن كيران أن “قرر العودة إلى الحياة السياسية خاصة بعد ملاحظات حول
نوع تأطير المواطنين، وكثرة الكذَّابين”.
وسجل أن قرار العودة إلى الحياة السياسية هو جواب عن سؤال هل يمكن أن تكون أمينا
عاما للحزب؟ أنا لا أريد أن أصيب الناس باليأس، لكن أريد أن أقول دعوني وشأني،
فأنا لا أريد أن أرجع لا رئيس حركة ولا نقابة ولا أمين عام حزب ولا موظفا”.
واستطرد” سأتحدث وسأفضح، من سماهم بـ(مؤطري السوء)، وسأتحدث قدر المستطاع إذا
مست الملكية أو مصالح البلاد، والمغرب تميز بحديث رجالات في الوقت المناسب لصالح
الوطن ولصالح جلالة الملك”.
وتحدث ابن كيران عن علاقته بالمستشار الملكي وخصمه السياسي السابق فؤاد علي الهمة،
قائلا: “أقول له سي فؤاد، نعم لأنه مستشار سيدنا، ويوم خرج للسياسة كنت أول
من واجهه، ورغم كل ذلك تجمعنا علاقة الاحترام”.
وقال إنه ذهب عند الهمة قبل أن يأتي الأخير عنده بخصوص المعاش الاستثنائي، فهو من
اتصل بي لأن الملك طلب منه ذلك، وبعدها بأسبوع جاء عندي سي فؤاد وأخبرني أن سيدنا
قرر تسوية وضعيتك”.
واعتبر ابن كيران أن “لما كنت رئيس حكومة، كان الوزراء لا يأتون عندي
حتى يحصلوا على موافقة الملك، الذي قال لي أنا أقول لهم لأن يذهبوا عندك”.
وكشف أن “العديد من الوزراء لي عندهم صلة مباشرة مع لفوق والله ما يجي عندك،
وفيهم حتى وزراء من العدالة والتنمية، إلا أن الخلفي كان هو الاستثناء من بين
الوزراء، حيث كان يستشير رئيس الحكومة لكن من بعد ما يعرض الأمر على الملك”.
وأكد أن مكتبه برئاسة الحكومة، كان بالقرب من مكاتب مستشاري الملك، “كنا داخل
القصر وكنت أعتقد زعما أننا سنتعاون، وكانت المكاتب تقابل بعضها، لكن بينهما برزخ
لا يبغيان”.
وكشف ابن كيران عن تفاصيل غضبة ملكية عليه، قائلا: “كم غضب علي الملك أحد
الأيام، مضى يوم كامل وهو غاضب، وأنا قلت له لن أرد عليك سيدنا، لكنه دوزها الله
يجازيه بخير، بدون أن أذكر أمور أخرى”.
وأوضح أن الغضبة الملكية كانت بسبب تصريح له حول مستشاري الملك، قلت فيه إنه يحز
في نفسي أني ومستشاري الملك لا ننسق فيما بيننا”.
وأضاف إن الوزير الأول في حكومة التناوب عبد الرحمان اليوسفي “يُقارن مع بوستة،
وعلال الفاسي مع عبد الله إبراهيم، وليس معي”، وذلك في رد منه على عدد من
التعليقات التي تشبه بينهما.
وزاد “فهو في مرحلة مختلفة عن مرحلتي، وإذا كان هو قد ساهم في انتقال الحكم
للملك، فحتى بنكيران ساهم بقدر، وموقفنا من 20 فبراير ضمن هذا الإطار، فاليوسفي
أكن له الاحترام ويبادلني نفس الأمر”.
وشدد ابن كيران، إنه يؤمن بأن قائد حراك الريف المعتقل ناصر الزفزافي ومن معه
“هم ضحية”.
وتابع أتوقع أن حل ملف الريف بالعفو الملكي، ولقد كنت طلبت من الملك إصدار عفو عن
المعتقلين على خلفية الحراك. وأقول لمناصري الزفزافي، آتوا البيوت من أبوابها، ولا
تنتظروا منا المساعدة في الضغط على الدولة”.
وسجل أن أكبر ما قدمه للبلد هو الكشف عن أن حزب الأصالة والمعاصرة حزب خطر على
البلاد، وليبحثوا فيمن كان يؤطر سياسيا ما يحدث في الريف”.
وشدد على أن “الملك يتدخل بشكل حاسم في اللحظات المناسبة لتجنيب البلاد
اضطربات”.
وانتقل إلى الحديث عن إصلاحاته، وشدد على أن “جهات في الدولة هي من رفضت
خطوته في توجيه الدعم المباشر لكل المعوزين، مقابل رفع الدعم عن غاز
البوتان/البوطا”.
وزاد إن “هناك من القيادات السياسية من اتصل بالقصر الملكي ليحتج عليه بسبب
هذا الإجراء، فيما وقف الأمين العام الحالي لحزب الاستقلال نزار بركة إلى
جانبي”.
وتابع “كنا سنربح عشرة ملايير درهم، وهو الفرق بين كلفة توزيع بوطة لكل أسرة
في الشهر، وهو ما كان سيكلف فقط 6 مليار، والآن تكلفنا 16 مليار، لكن جهات في
الدولة رفضت الخطوة خوفا من الاضطراب الاجتماعي، وعارضوا الدعم المباشر، لأنهم
كانوا يقولون إذا تمت الخطوة سيخلد ابن كيران في رئاسة الحكومة”.
ابن كيران كعادته شرح وملح
في كل شيء ومرر الرسائل في كل الإتجاهات ومن شأن خرجته الاعلامية الغير المتوقعة
ان تجني عليه الكثير من ردود الأفعال .فبعدما توفي سياسيا وانتهى هاهو يعود من
جديد الى واجهة الأحداث غير مكترث بما قد تجنيه عليه خرجاته هذه المرة من عواقب من
قبل اخوانه في الحزب قبل اعدائه..