تازة: حول ورش نماء المنطقة بعيون ملكية قبل نصف قرن..

admin
متابعات
admin1 ديسمبر 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
تازة: حول ورش نماء المنطقة بعيون ملكية قبل نصف قرن..

عبد السلام انويكًة

       عندما نتأمل في موقع تازة وطبيعة مناخها ومواردها وفي دينامية ممرها الاستراتيجي الذي يصل شرق البلاد بغربها كذا في أهمية جاليتها المقيمة بالخارج، يتبين ما تملكه المنطقة من مؤهلات رافعة قادرة على جعلها بوضع نموذجي، يهم جوانب هامة من ثراءٍ وثروةٍ تخص أساساً ما هو سياحي وفلاحي ومعدني. بهذا الاشارات وغيرها منذ نصف قرن من الزمن استهل الراحل الملك الحسن الثاني خطاباً بمناسبة زيارة رسمية له للمدينة، قبل أن يضيف رحمه الله “إنني أعرف تازة لقد زرتها وأنا صغير جداً وتجولت بها ووجدت فيها مناظر واطلعت على أودية تحت الأرض، وعلى حسب العلم.. هناك أنهاراً وأنهاراً تنصب فيما لا أدري لكن تمر وجوباً في عمالتكم، فالمسألة مسألة تنقيب والتنقيب لا يعطي نتائجه في المرة الأولى ولا في المرة الثانية، لكن التنقيب مثل العلم إذا اعطيته كلك أعطاك بعضاً وإذا اعطيته بعضك لن يعطيك شيئاً.”  

  وقد أشار جلالته رحمه الله في علاقة بما تتوفر عليه تازة وجوارها من موارد سياحية ثقافية وطبيعية، الى أن ما يدعو للأسف كون المدينة لا تتوفر على ما هو داعم لهذا المجال الحيوي من بنية. مضيفاً أن عدداً من المستثمرين من أهل البلدة في المجال الفلاحي لم يكونوا بدور هام لفائدة تنمية هذا الرهان المحلي، وأن حتى الدولة نفسها لم تخصص له ما ينبغي من العناية.

  في هذا الاطار ومن أجل أسس محلية أولية لورش سياحي، أشار جلالته في لقاءه بساكنة المدينة عبر ممثليها لقرار بناء نزل بمائتي سرير”فندق فريواطو”(نزل السلام)، كطاقة ايوائية رافعة ومنشأة داعمة ولبنة عمومية ومنطقاً لمنشآت أخرى لفاعلين آخرين، تفاعلاً مع ما تتوفر عليه المنطقة من موارد هامة في هذا المجال. ودعماً منه رحمه الله لتنمية المنطقة وتجاوز واقعها بتركيزه على نقاط قوتها ومكامن مؤهلاتها، ووعياً بما للمركزية من أثر في تعطيل المشاريع والمبادرات، أعطى أمره لتوفير جميع مصالح عمالة الاقليم الخاصة، فضلاً عن توجيهاته لاستثمار ما هو متوفر من أملاك حبسية واسعة بالمدينة من أجل ورش البناء والتعمير خدمة لحاجيات الساكنة.

   وكان الدكتور أحمد العراقي الوزير الأول آنذاك قد ترأس بمقر بلدية تازة مساء يوم هذه الزيارة الملكية التاريخية، جلسة عمل حضرها وزراء مرافقون لجلالة الملك فضلاً عن عامل الاقليم وباشا المدينة ورئيس المجلس الاقليمي ورئيس المجلس البلدي والمنتخبون، خُصصت لتدارس قضايا تنمية مقترحة من المنتخبين من جهة وتقديم بيانات من قِبل هؤلاء الوزراء حول سير تنفيذ المخطط الخماسي بإقليم تازة.

 الثاني تازة 2 - رسبريس - Respress

   وبعد خطاب ملكي تاريخي بمقر عمالة تازة حول سبل تنمية المنطقة من خلال خريطة طريق بجملة مشاريع، وبهذه المناسبة وشح جلالته عدداً من المسؤولين بأوسمة رضا من الدرجة الممتازة، منهم السيد محمد بهطاط رئيس المجلس البلدي آنذاك اضافة لآخرين تم توشيحهم بأوسمة رضا من الدرجة الثانية عن مجالس قروية محلية. وكان جلالته قد حل بتازة قادما من فاس في ربيع سنة ألف وتسعمائة وسبعين، لتجديد اتصاله بالساكنة والاطلاع عن قرب على أحوال المنطقة والاستماع لحاجياتها في التنمية واتخاذ ما هو مناسب من قرارات وتدابير في هذا الشأن.

    وكان قد تقدم للسلام على جلالته بعد نزول موكبه بساحة محمد الخامس بتازة السفلى على ايقاع أشكال تعبير شعبي فرحاً بمقدمه وبعد تسليمه مفتاح المدينة، كل من عامل الاقليم آنذاك “صالح زمراكً” ثم عبد المجيد بن الماحي وزير الصحة العمومية ومحمد البرنوسي مدير الخزينة العامة ورئيس المجلس الاقليمي وهما تازيان ثم محمد بهطاط رئيس المجلس البلدي للمدينة، هذا قبل اطلاق المدافع لواحد وعشرين طلقة ترحيباً لمقدم جلالته.

   يذكر أن زيارة الراحل الحسن الثاني لتازة جاءت في اطار رحلة ملكية تاريخية الى الجزائر عبر تازة ووجدة، بعد ما حصل من انفتاح ورؤية تعاون ثنائي بين المغرب والجزائر وبين قيادتين وشعبين شقيقين وبلدين جارين. فترة طبعتها علاقات أخوة تَمَّ فيها تجاوز ما كان يعيق عمل تعاونهما، في سعي لتنسيق وتوحيد مواقفهما اقليميا ودوليا كذا تعاونهما اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً وثقافياً. ناهيك عن النظر في تسوية ملفات كانت تشغل بال الجانبين، خاصة قضية الحدود والاقاليم الصحراوية المغربية التي كانت خاضعة للاحتلال الاسباني.

 مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث       

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.