كيو بوست / رسبريس
توالت بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة حوادث انتحار المغاربة؛ إذ تضاعفت الحالات بمعدل يقارب الـ100% ما بين عامي 2000 و2012، شملت الكثير من المدن والقرى وعلى اختلاف الأعمار والفئات الاجتماعية، ولأسباب عديدة، بعضها بطرق مخيفة، جعلت من البلد الأكثر انتحارًا في العالم العربي بعد السودان.
دوليًا، ينتحر 800 ألف شخص سنويًا، بحسب إحصائية عام 2015، فيما ينتحر في المغرب قرابة 5 أشخاص من بين كل 100 ألف شخص، وفق إحصائية عام 2012. وإذا ما علمنا أن عدد سكان المغرب بلغ عام 2014 قرابة 34 مليون نسمة، فهذا يعني أن 68 مغربيًا ينتحرون سنويًا، أي قرابة 5 أشخاص شهريًا. لكن إحصائيات أخرى كذبت هذه الأرقام وقالت إن 83 مغربيًا ينتحرون شهريًا في المعدل
أهم أسباب الانتحار في المغرب
يرجع الباحثون في علمي النفس والاجتماع تفكير أي فرد في وضع حد لحياته إلى 3 عوامل رئيسة، متداخلة فيما بينها، نفسية واجتماعية وجينية.
ويذكر أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث الفرنسي إميل دركهايم في كتابه “الانتحار” أن العامل الاجتماعي -المتأثر بما هو ديني وسياسي واقتصادي وسيوسيوثقافي- عادة ما يكون الحاسم، بشكل عام.
فيما يخص المغرب، فإن العوامل الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تفشي المخدرات والثورة التكنولوجية، حسب باحثين ومنظمات دولية ووطنية، تقف خلف قتل المغربي لذاته أكثر من غيرها.
فرغم الأوراش الكبرى التي فتحها المغرب مؤخرًا نظرًا لما يزخر به من ثروات طبيعية، وموروث حضاري، وموقع إستراتيجي، لا تزال الرباط تعرف تفاوتًا طبقيًا صارخًا بين فئة غنية تعيش البذخ، وأكثرية تعيش الفقر المدقع
ويرى الباحث في علم النفس الاجتماعي مصطفى الشكدالي أن الأسباب متعددة بتعدد حالات الانتحار، حتى وإن كان الاكتئاب السوداوي هو الحالة التي تسيطر على نفسية المنتحر، فإنه يعتبر في حد ذاته نتيجة لأسباب أخرى، قد تكون مرضية من فصيلة الأمراض الذهانية، دون أن نستبعد الجانب الوراثي.
وربط الشكدالي بين “الانتحار والإخفاقات الاجتماعية؛ إذ إن المجتمع يحدد سلفًا للفرد معايير الفشل والنجاح، دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية النفسية لهذا الفرد أو ذاك، من ناحية إمكانياته وإيقاعه السيكولوجي، ومع ذلك فالإحباط الناتج عن العامل الاقتصادي وارد في مجموعة من حالات الانتحار، غير أنه لا يمكن أن يفسر جل الحالات، على اعتبار أن هناك من المنتحرين من كانوا من الميسورين اقتصاديًا”.
وأكد على أن “الأقرب لتشخيص هذه الأسباب يتمثل في انقلاب الدافعية من الإقبال على الحياة إلى دافعية التخلص منها”، مؤكدًا “أن المنتحر وهو يقوم بعملية الانتحار لا يتخلص من ذاته، ولكنه يتخلص من ذلك الشيء الذي أفقده دافعية الحياة، إنه يقوم بقتل ذاته ليتخلص منها، وهنا تكمن الأسباب التي لا يمكن شرحها فقط بعوامل خارجية”.
طرق الانتحار وأنواعه في المغرب
تتعدد في المغرب طرق الانتحار وأنواعه حسب الجنس أو السن، وتبعًا لنوع المشكلة أو حدتها، والرسالة التي يريد المنتحر إبلاغها لذوي القربى أو للدولة، إلا أن الموت يبقى واحدًا وإن اختلفت الطرق.
يميز المختصون في قتل الذات بين أنواع من الانتحار، منها الفجائي والاحتجاجي، وهناك الطوعي، والعقابي، زيادة على الموت البطيء، والانتحار الاحتمالي، بشكل فردي أو جماعي، عبر قوارب الموت للوصول إلى “الفردوس” الأوروبي، أو مثل تهديد مجموعة من المعطلين بالانتحار دفعة واحدة، إن لم يحصلوا على وظيفة.
ومن المغاربة من اختار حرق الذات على “الطريقة البوعزيزية”، كما حصل مع رجل (36 سنة) أضرم النار في نفسه أمام المارة في أحد شوارع ولاية ساكسونيا الألمانية بعد رفض السلطات طلب اللجوء السياسي الذي كان قد تقدم به.
أما آخرون فعانقوا الموت عبر القفز من أعلى المرتفعات، كما حاولت “مي عيشة” (أمي عائشة) أن تفعل عام 2017.
هذه السيدة العجوز تسلقت عمودًا كهربائيًا يتجاوز علوه 25 مترًا وسط العاصمة الرباط، محتمية بعلم بلدها، في رسالة رمزية اهتز لها الشارع المغربي، وأفرد لها الإعلام مساحة كبيرة. تصرف احتجت به “أمي عيشة” على نصب واحتيال تعرضت له من أقاربها، حسب ما فهم من عبارات كانت ترددها.
ولاحظت رئيسة جمعية «ابتسامة رضى» مريم بوزيدي “أن المغاربة يفضلون الانتحار شنقًا”، وهو ما تؤكده الصحف المغربية التي تنشر يوميًا أخبارًا عن انتحار أو أكثر من هذا النوع، كان آخرها شاب وضع حدًا لحياته شنقًا، بجذع شجرة، في ضواحي الرحامنة القريبة من مدينة مراكش.
لغة الأرقام
وتضاعف معدّل الانتحار في المغرب ما بين عامي 2000 و2012 بنسبة 97.8%، إذ انتقل معدل حوادث الانتحار من 2.7 لكل مئة ألف عام 2000 إلى 5.3 لكل مئة ألف عام 2012.
رغم تضاعف الرقم، شككت مريم بوزيدي العراقي في مصداقيته، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بأكثر من 1000 حالة انتحار تسجل في المغرب كل سنة، حسب دراسة أعلنت عنها جمعيتها بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الانتحار، الذي يوافق الخامس من شهر فبراير..
وبهذا الوضع، يكون المغرب قد احتلّ المركز الثاني في العالم العربي، من ناحية نسبة الانتحار، يتقدّمه السودان فقط، أما بالنسبة إلى الدول المجاورة، فتمّ توثيق 677 حالة في الجزائر و262 حالة في تونس.
ترتيب مخجل يستلزم معالجة جادة للظاهرة الاجتماعية الأكثر إيلامًا بالتركيز على المعطى الوجودي، الإنساني، ووضع حلول له، وليس فقط الاهتمام بما هو سوسيو اقتصادي، فسابقًا كانت نسب الفقر أكثر، وكانت الموارد أندر بالمقارنة مع اليوم، ومع ذلك كان الانتحار غريبًا على المجتمع المغربي.
اليوم، تقول زبيدة أشهبون الباحثة في علم الاجتماع،: “هناك مستجد: الإنترنت الذي جعلنا ننسحب من الواقعي لصالح الافتراضي دون أن نتهيأ، عقول متأخرة ومستويات وعي متدنية، تتعامل مع آخر ما أنتجه العقل الحديث ومجتمع المعرفة، والنتيجة ما تعرفه البيوت الفقيرة والبورجوازية من تفكك أسري، وما نلحظه من تعاط للمخدرات بمقاهي الرباط وفاس ومراكش وأكادير وطنجة وغيرها، “عزلة داخل الجماعة” أفقدتنا الدفء العائلي، ومعه سُلعت القيم الإنسانية فلم يبق إلا التفكير في وضع حد لهكذا حياة”. وتساءلت محدثتنا: “أين الزيارات العائلية؟ أين التفاعل والإحساس بالآخر؟ أين التكافل والتسامح والتضامن؟”، ثم تجيب: “لقد نالت منها المخدرات، وأجهز عليها العالم الافتراضي، وبدون رد الاعتبار لهذه القيم الإنسانية أولًا، والقضاء على مسببات التفكك الأسري وانتشار البطالة والفقر ستكون النتيجة المزيد عمليات الانتحار
الملحاويمنذ 6 سنوات
موضوع جد جد مهم شكرا جزيلا على الفائدة وحسن الاختيار
قدور سويديمنذ 6 سنوات
اسباب الانتحار في بلدنا كثيرة. أهمها= الفقر. البطالة. اأكتئاب. الاخفاق الدراسي. تفشي المخدرات والعجز عن اقتنائها. الفشل في الزواج. الخيانة الزوجية. . المرض المؤلم. التفكك الاسري. هي كثيرة لا يمكن.حصرها…