قفز رئيس الوزراء السابق وأمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، من قارب السلطة، بينما يخيم الغموض والتخبط على هرم السلطة، حول كيفية التعاطي مع استمرار موجة الاحتجاجات السياسية، الداعية إلى تنحي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ورحيل السلطة القائمة.
وأحدث أويحيى الذي كان يشكل إلى غاية الاثنين، أحد عرابي السلطة، مفاجأة بدعوته النظام السياسي القائم إلى الاستجابة الفورية لمطالب الحراك الشعبي، وهو ما يشكل تحولا عميقا في معسكر الموالاة، وتفككا هاما يضعف من حظوظ قصر المرادية في مواجهة موجة الغضب الشعبي.
وقال أحمد أويحيى، في رسالة وجهها إلى مناضلي حزبه “لا بد من الاستجابة في أقرب الآجال، للمطالب التي عبر عنها الجزائريون بسلمية خلال المظاهرات الشعبية، ومثلما يحيي الجميع المطالب السلمية لشعبنا فلا بد من الاستجابة لها في أقرب الآجال، حتى نجنب بلادنا أي انزلاق لا قدر الله، وحتى تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلة مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية”.
ووصف مراقبون للشأن السياسي الجزائري، رسالة أويحيى المفاجئة لمناضلي حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بأنها تعتبر رسالة وداع، خاصة في ظل الحديث عن وجود تمرد داخلي تقوده قيادات مؤسسة، من أجل سحب البساط منه ومن الفريق العامل معه، ولذلك اختار استباق التطورات لضمان خروج مشرف، بدل الطرد من النافذة.
وكان الرجل صاحب طموح خلافة بوتفليقة في قصر المرادية خلال الأشهر الماضية، أحد القياديين الأربعة (معاذ بوشارب، عمار غول، عمارة بن يونس)، الذين أعلنوا خلال الأسابيع الماضية، عن ترشيح قوى الموالاة للرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وشرعوا في ترتيبات الحملة الانتخابية، قبل أن يفاجئهم الحراك الشعبي، برفض خيار الاستمرارية والدعوة إلى رحيلهم.
وجاءت مفاجأة رئيس الوزراء السابق، أياما قليلة فقط، بعدما كان يحذر المتظاهرين في وسائل الإعلام وفي البرلمان، من مغبة الزج بالبلاد في السيناريو الليبي أو السوري، ويشدد على تحكم السلطة في الشارع وعلى حظر المظاهرات بالعاصمة، لحماية الحياة العادية والممتلكات العمومية والخاصة.
وانضافت تصريحات أويحيى إلى مسلسل التفكك الذي يضرب القوى السياسية والأهلية المؤيدة لبوتفليقة، حيث تتوالى بيانات التمرد على القيادات في المركزية النقابية، والمنظمات، والأحزاب السياسية.
وكان إعلان العشرات من المسؤولين في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم (المحافظين)، عن دعمهم للحراك الشعبي وسحب الثقة من القيادة الحالية، ضربة قاصمة أدخلت السلطة في أزمة معقدة.
واستمر التخبط في هرم السلطة، لاسيما بالمقاطعة الشاملة لدعوات المشاركة في المشاورات الأولية حول الندوة الوطنية التي يشرف عليها الدبلوماسي ووزير الخارجية الأسبق الأخضر الإبراهيمي.
وانضم الاثنين أئمة المساجد في محافظة البويرة (120 كلم شرقي العاصمة)، إلى مسلسل الاحتجاجات الشعبية، عبر مسيرة نظموها في وسط المدينة، للتنديد بما أسموه “ضغط وزارة الشؤون الدينية عليهم لتسويق خطاب ديني مناهض لإرادة ومطالب الحراك الشعبي”.
كما نظم منتسبو وموظفو قطاع التكوين المهني، مسيرات احتجاجية الاثنين، في العاصمة وبعض المدن والمحافظات، للتعبير عن تأييدهم للحراك الشعبي، ودعوتهم إلى رحيل السلطة، وعلى رأسهم شقيق الرئيس ناصر بوتفليقة، كونه يشغل منصب مدير ديوان الوزارة.
وأمام المطبات التي يتخبط فيها ثلاثي المرحلة الانتقالية (الإبراهيمي ولعمامرة وبدوي)، تستمر حملة التعبئة على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل جمعة خامسة تعبر عن تمسك الحراك الشعبي بمطالبه السياسية، الرافضة لمحاولات الالتفاف عليها، والداعية إلى رحيل السلطة.
وفشل رئيس الوزراء المكلف نورالدين بدوي، في تشكيل فريق حكومي، نتيجة رفض العديد من الوجوه والشخصيات، المغامرة بمستقبلها السياسي، في ظل تفاقم الغضب الشعبي ووضوح المطالب الشعبية.
وذكر مصدر مطلع أن “نورالدين بدوي، سيكون ضحية الأيام المقبلة، حيث سيتم الاستغناء عن خدماته، وتكليف شخصية أخرى، في محاولة من السلطة للتخفيف من حدة الغضب الشعبي، لاسيما وأن الرجل ظهر منذ ندوته الصحافية في ثوب العاجز عن مواكبة المرحلة والتطورات”.
رسبريس- العرب