الباحث محمد جبار يُقارب أشكال التواصل في التراث الثقافي الحساني بمنطقة تيرس وادي الذهب

admin
متابعات
admin16 أغسطس 2023آخر تحديث : منذ سنة واحدة
 الباحث محمد جبار يُقارب أشكال التواصل في التراث الثقافي الحساني بمنطقة تيرس وادي الذهب

 

    صدر للكاتب والباحث محمد جبار كتاب من الحجم المتوسط عن دار الكرامة بالرباط يحمل عنوان ” أشكال التواصل في التراث الثقافي الحساني بمنطقة تيرس – وادي الذهب دراسة أنثروبولوجية”، يقع في 246 صفحة وقدم له الأستاذ محمد دحمان استاذ علم الاجتماع والثقافة الحسانية بحامعة ابن طفيل بالقنيطرة.

      وقد توخى محمد جبار من خلال هذا العمل الأكاديمي الغوص في أشكال التواصل عند البدو الرحل في التراث الثقافي الحساني بمنطقة تيرس – وادي الذهب، ونتحدث عن سياقات التواصل في الصحراء المغربية، بخلفية اجتماعية، وتاريخية، وثقافية لا بخلفية تكنولوجية (وسائل الاتصال الجماهيري)، بمعنى أننا لا نختزل التواصل في وسائل مادية تقنية أو حتى تكنولوجية بالمعنى التاريخي. كما سنؤكد – من خلال هذه السياقات- الطابع الشفهي للتواصل في الثقافة الحسانية.

فهذه الدراسة حسب الكاتب تشكل جانبا من التاريخ الثقافي والمعرفي العريق الذي تزخر به منطقة تيرس – وادي الذهب، إذن فما طبيعة العلاقة بين التراث الثقافي وأشكال التواصل التقليدية عند البدو الرحل في المجتمع الحساني؟ وهل من الممكن التأريخ للثقافة الحسانية انطلاقا من أشكال التواصل الاجتماعي السائدة بهذا المجال؟.

 إننا بصدد طرح أسئلة عميقة تخص النسق الاتصالي التقليدي عند قبائل أهل الصحراء المغربية، ولا يمكن فهم هذا النسق خارج السياق التاريخي الحساني الممتد من منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، فهذا السياق ضروري لفهم مختلف الممارسات التواصلية التي طوَّرَها الإنسان الحَسَّانِي عبر تاريخه الطويل في تأقلمه مع  المجال الصحراوي، مجال الندرة في كل شيء، هنا يصبح التواصل مطلبا من أجل الاستمرار في العيش.

وإذا كان المبدأ الإنساني لأي كيان بشري هو التواصل والمشاركة في الفعل التواصلي بوصفه الطريقة التي تتمكن عبرها الجماعات البشرية من أن تجد أشياء مشتركة لتعيش سويا، فإن الفعل الثقافي ينمو ويتطور عبر أشكال من التواصل المعتمدة باعتبارها وسائط تواصلية اجتماعية ينظم بها المجتمع نفسه (أمْنير – البَوَّاه – الدَّيار- لَمْنيحة – التويزة…). فهذه التعابير الثقافية الحسانية هي تواصل اجتماعي وثقافي، تتفاعل عبرها هذه المجموعة الثقافية وتنمو، وتتطور وتتواصل، وتستمر في العيش.

وفق هذا المعنى فإن التواصل بأبعاده الاجتماعية، كان في غنى عن تطورات الوسائل المادية التقنية التي تضاعفت وتضاعف الوصول إليها الآن، فهو يقوم على أرضية أخلاقية وروحية، بمضامين وقيم دينية وثقافية واجتماعية.

السؤال المركب والمفترض هو: هل من الممكن إحياء الذاكرة الجماعية للثقافة الحسانية وفق هذا المنظور؟ وهل يمكن إعادة بناء تاريخها الثقافي عن طريق أشكال التواصل التقليدية السائدة اجتماعيا ومجاليا لدى القبائل الحسانية  بتيرس –  وادي الذهب؟.

من المعروف أن ثقافة أهل الصحراء المغربية هي ثقافة شفهية بامتياز، وإن كان المكتوب موجودا فإنه نادر، وظل من اختصاص فئة الزوايا أو قبائل “أزْوَايَا” أو “أهل لَكْتوبْ” وفق التعبير المحلي.

ويتمحور السؤال المركزي لهذه الدراسة حول ماهية أشكال التواصل التقليدية التي أوجدها المجتمع الحساني. ما جدواها؟ وما هي أدوراها ووظائفها؟ وما علاقتها بالتراتبية الاجتماعية التي كانت سائدة مجاليا في الصحراء المغربية؟ وكيف تطورت مع الزمن؟ قبل ظهور وسائل الاتصال الجماهيري خلال المرحلة الكولونيالية الاسبانية. سنكتفي هنا بطرح أسئلة للفهم عوض الغوص في افتراضات غير متناهية، انطلاقا من مسلمة مفادها أن لا وجود لتراكم معرفي يمكننا من توجيه البحث بشكل مسبق.

وبفعل تمكّنه من التأقلم مع اللسان الحساني (بالملاحظة والمشاركة) حاول الكاتب فك الكثير من رموز هذه الثقافة الشفهية، ولعمري فإن اللسان هو دعامة أساسية وضرورية لأي تواصل وتنمية ثقافيتين. إن للسان سلطة تأسيسية للمفاهيم والتعابير الثقافية التي نشتغل عليها وبها في هذا الكتاب.

فإذا كان الفعل الثقافي ينمو ويتطور من خلال أشكال تواصلية اجتماعية ينظم بها الكيان القبلي نفسه، فالثقافة تواصل مستمر عبر وساطة التاريخ والكيان الاجتماعي ببنياته المختلفة ينتج أنواعا من هذه الأشكال يتواصل عبرها ويستمر.

        لقد كان هدفه من خلال هذا البحث الميداني في أشكال التواصل التقليدية عند البدو الرحل، هو توسيع دائرة النظر حول التواصل، من خلال البحث في كل ما له قيمة تواصلية داخل جماعة بشرية تعيش ضمن مجال ثقافي وطبيعي يعرف شحا في كل شيء، كما هو الحال بالنسبة للمجموعة الحسانية لمنطقة تيرس – وادي الذهب، بشكل يتجاوز حصر التواصل في اللغة أو الكلام فقط إلى البحث عن كل ما له قيمة تواصلية من خلال الأدوار والوظائف الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد داخل جماعاتهم البشرية المحتضنة لهذه الأفعال والوضعيات التواصلية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.