شارفت الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش على استكمال عامها الثالث، وسط تكهنات بإمكانية إجراء بعض التغييرات على مستوى التركيبة الوزارية لإعطاء نفس جديد لعملها.
وجرت العادة أن يجري تعديل وزاري في المغرب مع انتصاف الولاية الحكومية، لاسيما وأن الولاية الثانية ستكون مرتبطة باستحقاق انتخابي مقبل.
ومن المتوقع أن يقدم أخنوش حصيلة حكومته في نصف ولايتها الحالية، والتي تهم ما تحقق على مستوى تنفيذ برامج الدعم الاجتماعي لمساعدة الفئات الهشة والفقيرة (الدعم الاجتماعي، دعم السكن..)، وكذا برامج الحكومة في مجال الصحة، وتلك الموجهة إلى العالم القروي ومواجهة البطالة ونتائج الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية.
ودأب رؤساء الحكومات السابقة على تقديم حصيلة الفريق الحكومي في مشاريع القوانين المصادق عليها، وإجراءات الحكومة بعد مرور نصف الولاية الحكومية سنتين أو ثلاث سنوات، حيث نص دستور 2011 على أن لرئيس الحكومة أن يعرض أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين.
ويترافق هذا التمشي مع البحث في إجراء تعديل وزاري لاسيما للوزارات التي كان مردودها دون المأمول أو تلك التي لا تحوز على رضا الشارع المغربي.
وفي هذا الصدد أكد مصدر من داخل الحكومة أنه تم التداول في شأن إجراء تعديل حكومي قبل مدة لكن لم يجر الحسم فيه بشكل نهائي، خصوصا وأن رئاسة الحكومة تعمل على الإبقاء على التناغم بين أحزاب الأغلبية رغم صعوبة الأمر في بعض الأحيان لاختلاف وجهات النظر في عدد من القضايا المحورية.
وأضاف ذات المصدر أن الحسم في توقيت التعديل الحكومي وطبيعته وطريقة تدبيره رهينة بعدد من المؤشرات السياسية ورغبة الأطراف المكونة لها، الذي سيكون بعد الانتهاء من عدد من المشاريع الحكومية الحساسة حتى لا يحدث ارتباك، مثل مدونة الأسرة التي تتم مناقشتها مع فعاليات سياسية ومدنية مختلفة، وأيضا الحسم في مشكلة الإضرابات في قطاع التعليم.
واعتبرت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية أن التعديل الحكومي أصبح مطلوبا نظرا لحدة القضايا التي يعرفها المشهد المغربي، ومنها الغلاء والجفاف والإضرابات التي تشهدها بعض القطاعات ولاسيما قطاع التعليم.
وأضافت لموير في تصريح لـلجريدة أن التعديل الوزاري بات خطوة مهمة لتخفيف ضغط الشارع المغربي، موضحة أن كل المؤشرات كفيلة بالتسريع بالتعديل الذي من شأنه أن يعطي ديناميكية جديدة للحكومة وللمشهد السياسي المغربي ككل.
وترى الباحثة في العلوم السياسية أنه آن الأوان لوقفة تقييم عمل الحكومة التي كانت كل الظروف مهيأة لها من أجل إنجاح هذه المرحلة، خصوصا على المستوى العددي داخل البرلمان، موضحة أن التعديل الحكومي لو حصل فلن يكون موسّعا وسيركز على أحزاب من داخل التحالف نفسه باستبعاد الوزراء الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم وإنهاء عدد القطاعات الوزارية المبالغ فيه نوعا ما.
ودأبت قيادة الأغلبية الحكومية على التأكيد على أن التحالف الحكومي في انسجام تام ولا يواجه أيّ أعطاب على مستوى التسيير، رغم تصريحات سياسيين تؤكد على ضعف أداء بعض الوزراء في تدبير قطاعاتهم الوزارية، ما يجعل التعديل الحكومي مسألة وقت دون أن يؤثر بشكل كبير على توازن الأغلبية والمعارضة على حد سواء.
ويعتبر الاتحاد الاشتراكي المعارض أول حزب يطرح فكرة التعديل الحكومي للنقاش العمومي بداعي التجاوب مع انتظارات الشعب المغربي وقواه الحية، حيث سبق وأكد في بيان، على “ضرورة إحداث رجة لا تقف عند تغييرات في ‘الكاستينغ’ البشري للجهاز التنفيذي الحكومي؛ بل تذهب عميقا في تنشيط دورة القرار الحكومي بما يؤهل الحكومة للدخول في ديناميكية المرحلة الجديدة التي دعا إليها العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويثبت تقاليد سياسية ناجعة بدأت مع حكومة التناوب التوافقي، منها التعديل الحكومي المتجاوب مع أفق انتظار الشعب المغربي وقواه الحية”.
يذكر أن الحكومة السابقة واجهت خلال نصف الولاية الحالية عدة مطبات كادت تعصف بالائتلاف الحكومي من بينها الجدل الذي أثاره القانون الإطار للتربية والتكوين وعدم توافق مكونات الحكومة حول لغة تدريس المواد العلمية، وكذا تعثر الحوار الاجتماعي مع النقابات.
ويرى مراقبون أن أداء وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي شكيب بنموسى لم يكن في مستوى التطلعات، حيث فشل في إنهاء إضرابات قطاع التعليم، إضافة إلى عبداللطيف ميراوي وزير التعليم العالي ومحمد الصديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ويستبعد أن يتم التخلي عن وزير العدل عبداللطيف وهبي في أيّ تعديل كونه رئيسا لحزب الأصالة والمعاصرة وسيكون محرجا للحزب تخليه عن منصبه الحكومي.
وفي حالة توافق قادة التحالف الحكومي على صيغة التعديل المقبل وعدد الوزراء الذين سيغادرون الحكومة يرتقب أن يتقدم رئيس الحكومة بطلب إلى الملك محمد السادس من أجل التأشير على ذلك، وفقا للاختصاصات الدستورية المكفولة لرئيس الدولة.
ولم تعد هناك إمكانية لدخول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى صفوف وزراء الحكومة الحالية في أيّ تعديل مرتقب، بعدما وقّع وثيقة تحالف مع حزب التقدم والاشتراكية نهاية الأسبوع الماضي بهدف التنسيق لأجل الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية التي تتعرض للتهديد، بسبب تحكم الحكومة.
واعتبرت قيادة الحزبين أن “حكومة عزيز أخنوش ضعيفة سياسيا وغير فعالة في الإنجاز، ولا تحسن الإنصات ومخاطبة المواطنين، وتدبير الشأن العام بمنظور تقني محض، أدى إلى تكسير دور الوسائط السياسية والنقابية في تأطير المجتمع”.
وتعتقد لموير، في تصريحها لـلجريدة أنه من المرجح إضافة حزب جديد للائتلاف الحكومي ليس له ثقل عددي كبير داخل البرلمان، دون الجزم بتراجع حزب الاتحاد الاشتراكي عن الرغبة في المشاركة في الأغلبية من خلال التعديل الحكومي، خاصة أن كاتبه الأول لطالما خطب ودّ حزب التجمع الوطني للأحرار، رغم التحالف الذي طرأ قبل أيام مع حزب التقدم والاشتراكية.
المصدر: العرب اللندنية