تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغربها من أهم مراكز الوقود الأحفوري في العالم، حيث تنتج ما يقرب من نصف النفط والغاز على كوكب الأرض. وليس من المستغرب أن الدول الغنية بالموارد تميل إلى عدم الاهتمام بالطاقة المتجددة، باستثناء دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التي تعمل حاليًا على تطوير بعض من أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في العالم.
ويقول الباحث أليكس كيماني في تقرير على موقع أويل برايس الأميركي إنه مع ذلك فإن إحدى الدول العربية وهي المغرب تعمل بسرعة على وضع نفسها كمورد محتمل للطاقة المتجددة لأوروبا المتعطشة للطاقة.
وعلى الرغم من أن الدولة الواقعة في شمال أفريقيا لا تتمتع بقدر كبير من النفط والغاز مثل جيرانها، إلا أنها تمكنت من تطوير قطاع طاقة شمسية نابض بالحياة من خلال الاستفادة من أشعة الشمس على مدار العام، والمساحات المفتوحة الواسعة لمشاريع البنية التحتية والحصول على تمويل تنموي وفير من خلال أوروبا.
ويقع المغرب على أعتاب أوروبا ويطمح إلى توليد 52 في المئة من احتياجاته من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وقد برز المغرب كشريك واعد في مجال الطاقة.
وفي عام 2016، وقّعت إسبانيا وفرنسا والبرتغال وألمانيا إعلانا مشتركا مع المغرب للتعاون المستقبلي في مجال الطاقة المتجددة، بينما تقوم مدريد أيضا بتحديث اتصالها البحري بالشبكة الكهربائية المغربية.
وفي وقت سابق من هذا العام، تعهد الاتحاد الأوروبي بتمويل قدره 624 مليون يورو (688.6 مليون دولار) لدعم تحول المغرب إلى الطاقة الخضراء.
ويتطلب التحول استثمارات كبيرة، حيث تحتاج البلاد إلى ما يقدر بنحو 52 مليار دولار لتحقيق أهدافها لعام 2030. ويستورد المغرب حاليا أكثر من 90 في المئة من احتياجاته من الطاقة، معظمها من الوقود الأحفوري.
وسيكون أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة في العالم هو مجمع نور ورزازات للطاقة الشمسية. وتقع محطة توليد الكهرباء قيد الإنشاء بقدرة 580 ميغاواط على بعد 10 كيلومترات شمال شرق ورزازات.
وتُستخدم مصفوفات المرايا الدوارة الكبيرة، والتي يشار إليها عادة باسم الهيليوستات، في تقنية الطاقة الشمسية المركزة لتركيز ضوء الشمس وعكسه على جهاز الاستقبال.
ولعكس ضوء الشمس على جهاز استقبال شمسي كبير تتم إمالة المرايا. ويمكن استخدام هذه الحرارة، والتي يشار إليها أيضًا باسم الطاقة الحرارية، لتشغيل عدد من العمليات الصناعية، مثل الاستخلاص المعزز للنفط، ومعالجة المعادن، وتحلية المياه، والإنتاج الكيميائي، وتجهيز الأغذية التي تتم بعيدًا عن نقطة الحصاد. ويمكن استخدامه أيضًا لتدوير التوربين أو تشغيل المحرك لتوليد الكهرباء.
وفي الوقت نفسه، يقوم المغرب بتطوير مزرعة رياح عملاقة بقدرة 300 ميغاواط في طرفاية، عبر الحدود من الصحراء المغربية وهي مزرعة الرياح الأكبر في أفريقيا.
وتبوّأ المغرب المرتبة التاسعة عشرة عالميًا في مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة، إلى جانب الاقتصادات الكبرى، وفق ترتيب شركة الاستشارات “إيرنست أند يونغ”.
وعلى الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي المغربي قُدَّر، وفق البنك الدولي، بنحو 133 مليار دولار عام 2021، وهو ليس من الأعلى عالميا، فقد فاقت البلاد التوقعات من خلال تطوير خطوط أنابيب الطاقة المتجددة على نطاق واسع، بهدف تلبية الطلب المحلي والأجنبي على الطاقة النظيفة.
وتفوّق المغرب بذلك على اليونان والدنمارك والأردن وتشيلي وأيرلندا وأستراليا في الترتيب، بالإضافة إلى السوق الأكثر جاذبية في العالم للاستثمارات المتجددة وهي الولايات المتحدة التي احتلت المرتبة الحادية والثلاثين خلف البرازيل والصين.
وخلال 2021، سَجلت إمدادات الطاقة المتجددة في المغرب زيادة سنوية بنسبة 10 في المئة لتصل إلى 19 في المئة من إجمالي سوق الطاقة.
ومع ثلاثة آلاف ساعة من أشعة الشمس في السنة يعَدّ المغرب في وضع جيد للاستفادة من الطاقة الشمسية، لكن من المتوقع أن تتجاوز طاقة الرياح الطاقة الشمسية في العقد المقبل، مع تطوير محطات طاقة الرياح البرية والبحرية الكبيرة في المغرب.
ويؤكد الترتيب العالي للمغرب في المؤشر التقارير السابقة التي تؤكد الدور الرائد للبلاد في تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة في أفريقيا، وخفض تكاليف الإنتاج مع جعل الطاقة النظيفة في متناول الكل.