عبد اللطيف مجدوب
وسط تصاعد وتيرة أسعار المواد الاستهلاكية وتضاعف فاتورة عيش المواطن جراء احتدام الحرب الروسية الأوكرانية، وبإلقاء ظلالها على جميع مناحي الحياة، انتهزت طغمة من التجار والباعة الفرصة لقضم أنامل المستهلكين والتحايل على جيوبهم، برفع سومة بضاعتهم وتسعيرها بما يحقق أرباحا، ضاربين بعرض الحائط كل القوانين الزجرية لقمع الغش وحماية المستهلك، وتتعلل هذه الطغمة الفاسدة أحيانا وفي حالات المساءلة الشفاهية العابرة، بأن السومة مرتفعة جدا انطلاقا من مصدرها. وقد أضحى هم المواطن؛ في الآونة الأخيرة؛ فقط العثور على البضاعة، مهما كانت تسعيرتها، مخافة ندرتها أو نفادها من الأسواق بالمرة. أمام هذا التحايل والتربص بجيوب المواطنين، يتساءل المرء عن أدوار منظمات وجمعيات؛ تعد بعدد نجوم السماء؛ والتي تعنى بمراقبة الأسعار وقمع الغش حماية للمستهلك، وكأنها هي الأخرى باتت معطلة أو تكتفي بالعمل البيروقراطي داخل المكاتب المكيفة، همها الإجابة النادرة عن شكايات المواطنين وإعداد التقارير بشأن “العام زين”.
فكم من جهات؛ أفرادا وجماعات؛ أصبحت تستغل (غياب المراقبة الميدانية) لإنزال سلعها وغزوها للأسواق؛ تسعرها كيفما اتفق لها أولا، أو تعمد إلى تدليسها.. ونزع طابع الجودة عنها، فيصبح المستهلك؛ في ضوئها؛ أمام نارين: الغلاء الفاحش، ثم انعدام الجودة والتي كثيرا ما تفضي بصحة المواطن إلى طرق أبواب المستعجلات، حتى ولو جراء وجبة طعام تناولها في فندق فخم بكل نجوم السماء!
الحكومة في سبات عميق أو…. ؟!
يتسيد منظومة وزارة التجارة والصناعة قانون ضخم برقم 31-08 حول “المحققين القضائيين الذين أنيطت بهم مهمة إجراء عمليات التفتيش لرصد ومعاينة الممارسات المخلة بأحكام القانون في مجالات التجارة والصناعة…”، وقد عززت الوزارة مرفقها هذا ببوابة إلكترونيةwww.khidmat-almostahlik.ma موجهة للمستهلك بقصد الاطلاع على أنشطة الوزارة، وفي آن تخصيص هامش لإيداع “مقترحاتها” وشكاياته وتظلماته.. بيد أنها تظل (البوابة) خرساء، مهما بالغ المواطن في تعبئة خاناتها، وهي نتيجة حتمية، بالنظر إلى ما يسري على كل البوابات الإلكترونية التي بها مواقع وزارية قطاعاتية، في علاقاتها بالمواطن المرتفق، فضلا عن وجود مناديب جهويين، لتطبيق هذا القانون ومعاينة آثاره في الميدان؛ داخل الأسواق والمحلات التجارية، بيد أن طرقهم لهذه المحلات يبقى نادرا مصادفته، كما أن مرافق تواجدهم بداخلها مازال قيد الدراسة.
فإذا كانت البوابة الإلكترونية؛ بهذا المرفق العام لحماية المستهلك؛ شبه مغلقة في وجه شكايات المواطنين وتظلماتهم.. فالأجدر بالحكومة الممثلة في وزارة التجارة والصناعة تعيين مستخدمين تابعين لسلطة المحققين القضائيين في المعاملات التجارية، ببعض الأسواق المسجلة؛ على المستوى الترابي؛ لربط التواصل الميداني بالمستهلك ومعالجة شكواه واستفساراته، بدلا من تركه فريسة سائغة بين أيدي المضاربين والمحتكرين والمدلسين والانتهازيين الاقتصاديين..