ترأس الزميل مصطفى قشنني الكاتب العام للفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بوجدة بمركب فضاء النسيج الجمعوي بوجدة يوم السبت 19 مارس 2022 ، ندوة هامة تحت عنوان: “حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة: لنتقاسم المسؤولية” المنظمة من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومؤسسة “أوكسفام ” حجّ إليها العشرات من الإعلاميين وطلبة مسلك علوم الإعلام والصحافة التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الأول وجدة، أكد الزميل مصطفى قشنني في كلمة له بالمناسبة تقدم بها في مستهل هذه الندوة، أنه في ظل التحولات التي يعرفها الحقل الإعلامي أصبحت تفرض على المهنيين الاشتغال بوتيرة أسرع تجعله تحت الضغط وتجعله تواقا لخوض التنافسية بالإمكانات المتاحة ، موضحا أنه في ظل الشروط المحيطة بالمستجدات التي عرفها القطاع تبقى قضية تنظيم وحفظ وصون الدور الذي تضطلع به الصحافة، كسلطة من أهم القضايا التي تشغل اهتمام وبرامج النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
أفاد قشنني أنه من خلال هذه الندوة سوف تتم إثارة الانتباه إلى مدى احترام مبادئ أخلاقيات المهنة وتحديد المسؤوليات في علاقة الممارسة المهنية وفي العلاقة مع الحوادث الإنسانية ولعل قضية الطفل ريان كحالة إنسانية استطاعت كشف ضعف تشبث منابر إعلامية وصحافيين بمبادئ الأخلاقيات المنظمة وأيضا ضعف تشرب قيم حقوق الإنسان في سموها.
من جهته، وضع عبد الحق العضيمي عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الأصبع على الداء من خلال الكشف عن مجموعة من الإختلالات التي تشوب الممارسة المهنية للصحافيين بالعديد من القطاعات سواء كانت صحافة ورقية أو إلكترونية، منبها إلى الخطورة التي يكتسيها عدم الانضباط لأخلاقيات مهنة الصحافة.
وفضل العضيمي على أن تكون مداخلته تفاعلية مع الجمهو ر الحاضر، مؤكدا على إشراك الحضور بطرح عدد من الأسئلة ومحولة الإجابة عنها، والوقوف عند الاختلافات والتنويعات في الآراء ووجهات نظر المشاركين في هذا اللقاء.
وأشرك عضو المكتب التنفيذي الحضور في بلورة عدد من التعريفات المرتبطة بالممارسة المهنية كمفهوم أخلاقيات المهنة والسرقة في مجال الصحافة والخرق السافر لهذه الأخلاقيات في أكثر من مناسبة وعلى أكثر من مستوى، كما حاول العارض مناقشة العديد من الاقتراحات والبدائل المقترحة من طرف المشاركين من أجل تنظيم ذاتي حقيقي للممارسة المهنية.
وأوضح أنه في ظل تنامي ما صار يعرف بصحافة المواطن وصحافة “الموبايل” غير الملتزمة بأخلاقيات المهنة باعتبار أن ما تنشره من أخبار ومعطيات وآراء تبقى مجانبة لقوعد ومبادئ المهنة، وفي ظل هذا الوضع تصبح الصحافية أو الصحافي المهني أمام مسؤولية حماية المهنة ونشر ثقافة بديلة لما يروج اليوم من وسائط التواصل الاجتماعي، إذ لا يقبل من الصحافي نهج صحافة “الموبايل” لأنه هو من يتحمل مسؤولية حماية المهنة من انحراف وذلك عبر الالتزام بقواعد المهنة وبميثاق الأخلاقيات.
من جهتها قالت المحامية والفاعلة الحقوقية سليمة فراجي في ذات اللقاء ، إن حرية التعبير في حياة أي مجتمع من الحريات الأساسية ، موضحة أن حرية التعبير تمهد السبيل للمساهمة في إدارة الشؤون العامة وكل انتقاص منها يعني الانتقاص من الحق في المشاركة.
وأشارت فراجي في هذا الصدد إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل ، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية .
وأضافت المحامية أن حرية التعبير هي المعيار الحقيقي لتقدم أية امة أو شعب أو مجتمع او دولة وأن هذه الحرية محورا أساسيا في قضية حقوق الإنسان وهي المعيار الذي تقاس به مصداقية الأمم والشعوب والمجتمعات، فان دور الأحزاب و السياسيين والمعارضة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وسلطة الإعلام هي الأخرى مطالبة بممارسات شفافة وأسلوب ديموقراطي لدعم حرية التعبير ليس عن طريق التصادم و نشر الفيديوهات الرديئة التي يقتات البعض منها ولو على حساب الأوطان أحيانا، وإنما بالتوافق والتشارك كقوة اقتراح وليس قوة احتجاج وخطاب المظلومية والعدمية.
وأكدت أنه في هذا الصدد يتعين التمييز بين حرية الصحافة والنشر وحرية التعبير من طرف أشخاص عاديين . وبما أن قانون الصحافة والنشر ينظم شروط ممارسة مهنة الصحافة ونشرها، فإنه يطبق على النشرات الصحفية الورقية والإلكترونية المنظمة بمقتضاه، ويتحمل مدير النشر المسؤولية عما ينشر ( المادتان 17 و 95 ).
وأفادت أن قانون الصحافة وفر للصحافي المهني عدة ضمانات وأن العقوبة المقررة في الفصل 72 اقتصرت على الغرامة دون العقوبة السالبة للحرية ، لذلك فانه لا يعقل ان نساوي جميع من يريد أن ينشر خبرا زائفا يقصد منه الإساءة إلى الأشخاص والمؤسسات بالعمل الصحافي المسؤول والذي يقع تحت رقابة مدير النشر المسؤول عن جميع ما ينشر عكس النشر العشوائي الذي يلحق أضرارا و مساسًا بالأمن والسلم الاجتماعيين.
عزيز اجهبلي الصحافي بجريدة العلم، قال إن الصحافي مسؤول أمام المهنة من جهة وأمام المجتمع من جهة أخرى، بمعني أن هذه المسؤولية مزدوجة، متسائلا، أين تبدأ وأين تنتهي مسؤولية المهنيين بالرغم من أنها مسؤولية تتسع أيضا لتشمل محاربة الأخبار الزائفة التي تضر بصورة الصحفي داخل المجتمع.
وأكد اجهبلي على إبراز خط التماس بين حرية الصحافة وأخلاقيات المهنية، باعتبار أن حرية الصحافة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا. واعتبر أخلاقيات المهنة مرتبطة بحرية التعبير، والحق في تلقي وإرسال المعلومات التي هي التعبير المباشر لحرية تكوين الآراء العامة، وتكوين أيضا التصورات والمعارف ولهذا أكدت عليها المواثيق والعهود الدولية لكونها ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية، وأحد مظاهرها الأكثر بروزا.
وأفاد صحافي جريدة “العلم” أن ميثاق أخلاقية مهنة الصحافة المغربي ، يشير إلى أن المسؤولية التي يتقيد بها الصحافيون إزاء المجتمع تعلو على أية مسؤولية أخرى تجاه آية جهة بما فيها المشغل، ولا يمكن أن ينفذوا أي أوامر إذا كانت متعارضة مع القوانين الجاري بها العمل.
وقال إن المهنيين من خلال النقابة الوطنية للصحافة المغربية اهتموا بمسألة أخلاقيات المهنة ونظموا عدة ندوات وأصدروا تقارير كما تشكلت لجنة مكلفة بالموضوع تكلفت بدراسة الشكاوى الواردة على النقابة، وإعداد بلاغات ورسائل وتنبيهات وهو عمل كان له أثر في العديد من المرات وأصبح الحديث الشائع عن مشكل أخلاقيات المهنة وتحول أولئك الذين امتهنوا ممارسات القذف والسب والابتزاز والرشوة إلى مجموعة صغيرة معزولة يشير إليها الجميع وينظر إليها بإزدراء.
وأوضح اجهبلي أن موضوع أخلاقيات المهنة مازال يمثل موضوعا يتخلله الشد والجذب. طرف رئيسي في هذه المعادلة يتمثل في من يحاول ضرب مصداقية مهنة الصحافة في عمقها ونبل رسالتها ودورها كسلطة مراقبة عن طريق تمييعها بهدف الطعن في مصداقيتها ومحاربة كل تحول ديموقراطي يلعب فيه الإعلام دور القاطرة.
وفي ختام الندوة التي كانت ناجحة وفق جميع المقاييس المهنية والعلمية والأكاديمة تمّ فتح نقاش جدي و مسؤول بين جميع الحاضرين فيما يتعلّق بإكراهات ومسؤوليات مهنة الصحافة، كما تمّ التطرق إلى الوضع السيء الذي تعيشه السلطة الرابعة في المغرب والتي أصبحت تعجّ بالدخلاء والمتطفلين والعابثين، كما شدّدت على ضرورة التزام الجميع بميثاق أخلاقيات المهنة والقانون والإحتكام إلى الضمير، وبعد تفاعل المحاضرين مع الأسئلة والأفكار المطروحة، أكّد الزميل مصطفى قشنني في الأخير،أن التخليق سيظل ورشا مفتوحا على مصرعيه، ولا يقتصر على الإعلام لوحده، بل يتعداه إلى مختلف دواليب ومناحي الحياة (تعليم طب قضاء أحزاب …)وهذا ما أصبح يتطلّب فتح نقاش مجتمعي قيّمي عالي السقوف، لترميم الشروخ واستئصال الأورام المتعفّنة والمُسرطنة، لضمان تعافي جسم الأمّة وتحصينه وتمنيعه ضدّ مختلف الأدواء والفيروسات والطفيليات..