دخلت الجزائر، الأربعاء (3 أبريل 2019)، رسميا، في مسار دستوري لانتقال السلطة، بعد أن أجبرت مسيرات شعبية سلمية، بدأت قبل ستة أسابيع، الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة (82 عاما)، على تقديم استقالته، الثلاثاء.
أصرت قيادة الجيش على إيجاد مخرج للأزمة، التي عرفتها الجزائر منذ 22 فبراير الماضي، وفقا للمواد 7و8 و102 من الدستور، وتفادي الوصول إلى مرحلة شغور منصب الرئيس خارج الآجال الدستورية.
قدم بوتفليقة، الذي حكم عشرين عاما، استقالته إلى رئيس المجلس الدستوري، مساء الثلاثاء، وتثبت الأخير، خلال اجتماع له الأربعاء، من حالة شغور المنصب بالاستقالة، وفقا للمادة 102.
ما بعد الاستقالة
استقالة بوتفليقة، الذي يعاني متاعب صحية منذ سنوات، قبل نهاية ولايته الرابعة، في 28 أبريل/نيسان الجاري، تفرض اتباع خطوات إجرائية يقتضيها الدستور.
الخبير في القانون الدستوري، خالد شبلي، قال إن البرلمان بغرفتيه بات ملزما بالاجتماع “وجوبا”، بعد تلقيه بلاغا من المجلس الدستوري بالشغور النهائي لمنصب الرئيس.
وأضاف شبلي أن البرلمان سيصوت، خلال جلسة علنية، يثبت خلالها حالة الشغور النهائي، بنصاب ثلاثة أرباع عدد الأعضاء.
وتابع: “وفقا لنص المادة 102، يتولى رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظم بعدها مباشرة انتخابات رئاسية”.
وأوضح أنه “وفقا للدستور، لا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة، كما لا يحق له إقالة أو تعديل الحكومة القائمة حاليا”.
رفض شعبي
كان يمكن لاستقالة بوتفليقة أن تكون الحل الأنسب والأكثر ربحا للوقت، للخروج سريعا
من مرحلة انتقال سلس للسلطة، وفق مقتضيات الدستور.
غير أن الرفض الشعبي لتولي رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، مهام رئاسة
الدولة بالنيابة، لكونه من رموز نظام بوتفليقة، يطرح عقبات أمام المخرج الدستوري
الذي دافع عنه الجيش بصرامة.
كما يرفض الشارع الجزائري الحكومة التي عينها بوتفليقة قبل أيام، وعلى رأسها رئيس
الوزراء، نور الدين بدوي، باعتباره من رجال الرئيس المستقيل، في السنوات الأخيرة.
وأعلنت قوى المعارضة رفضها الاعتراف بالحكومة؛ إذ تعتبر أن رئاسة الجمهورية فقدت
شرعيتها، منذ 22 فبراير/شباط 2019، تاريخ انطلاق الحراك الشعبي السلمي.
استقالة الحكومة و”بن صالح”
وفقا للمحلل السياسي، إسماعيل معراف، فإن “المخرج الدستوري، الذي قطع خطوته الأولى، يحتاج إلى اجتهادات حقيقية، لإرضاء مطالب الشعب”.
واقترح معراف، أن “تقدم الحكومة الحالية خطة عملها أمام البرلمان، ليرفضها الأخير، وبالتالي تقدم استقالتها وفق المادة 194 من الدستور”.
وأضاف أن “رئيس مجلس الأمة (عبد القادر بن صالح) يمكن ألا يكون رئيسا انتقاليا، إذا قدم استقالته”.
لكن معراف رأى في المقابل أن الاستجابة لمطالب الحراك، وفق النصوص الدستورية، هو “أمر في غاية التعقيد والصعوبة من حيث التنفيذ”.
وتابع أن المادتين 7و8، اللتان تنصان على أن “الشعب مصدر كل السلطات” و”ممارسة الشعب لسلطته عبر الاستفتاء أو الانتخابات”، يدخلان ضمن فلسفة الدستور، ويتطلب تفعيلهما فتوى قوية تنتهي إلى تشكيل قيادات توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية.
“إعلان دستوري مؤقت”
اقترح الخبير الدستوري، خالد شبلي، مخرجا دستوريا يستجيب لمطالب الشعب برحيل كل رموز النظام الحاليين.
وقال شبلي: “للاستمرار على الحل الدستوري يمكن تفعيل حلول دستورية أخرى أكثر توافقية، تطبيقا للأحكام الدستورية المعيارية والمنصوص عليها في المواد 7 و8 و12 من الدستور”.
وأوضح أنه “يمكن الذهاب إلى إعلان دستوري مؤقت”، يتضمن تعيين مجلس رئاسي من شخصيات وطنية وحكومة انتقالية تكنوقراطية توافقية، من أجل “الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية في جو أكثر هدوءا، بضمانات فعلية”. (الأناضول)