عبد السلام انويكًة
دوما كانت تازة ومنذ حوالي نصف قرن فضاء فنون أدائية حية كما هو غير خاف عن مهتمين وباحثين، ولعل المسرح من أداءات وتعبيرات المدينة الفنية الذي كافح أعلامه من أجل تيمته ولغته زكيانه وفرجته وترسيخه منذ نهاية ستينات القرن الماضي، ما جعل مساره وفعله وتفاعله بما هو عليه من تاريخ وموقع وهيبة وذاكرة جمعت بين أسماء وتجارب ومن ثمة صنعة مع عشرات الاسهامات الرفيعة المستوى هنا وهناك داخل المغرب وخارجه. مع أهمية الاشارة لِما طبع تجارب تازة المسرحية عموما من ذكاء أدب وشجاعة تحرير وحضور ومخيال نص واخراج وعرض وخشبة وشخص وتشخيص، فكان بما كان عليه من ابداع وتأثيث وتعبير وترفيه وكتابة ورقص وتعبير وفهم وتشارك وطاقة وتفاعل وتواصل مع متلقي. وفضلا عن أثر وطبع وطبيعة مدينة بمثابة مسرح مفتوح وخشبة مسرح كذا جمال فسيفسائي اكثر ايحاء لقصة ورواية ومن ثمة سرد..، يسجل لِما كان لسلفِ مسرح تازة من تأسيس وبناء وتشييد وتميز وبصمة واشعاع وصدى في هذا الاطار جعلت المدينة واحدة من قلاع أب الفنون المغربي المشهود بها ولا تزال.
هكذا كانت تازة مساحة تقاليد مسرحية وعناوين مؤثثة لتلاقي أشكال وعي وفعل وتجارب فرجة، وهكذا تعقبت تازة خطها المسرحي تفكيراً وتعبيراً وحضورا وصدى مرفرفة بين تراث ونصوص ومقامات، وهكذا كان مسرح تازة بنبض حياة وزمن ومكان وخصب وذخيرة رافعة لدراما المغرب، وهكذا كانت أعلام مسرح تازة ببصماتها محلقة دوما في سماء ماض وحاضر وانسان وانسانية، مكافحة بفضل في وجود معبر لمدينة في كيان ما هو ثقافي ابداعي لبلاد وعباد، وهكذا بات مسرح تازة بنهج وأسماء وتأملات وانصات وفضاءات وملتقيات وشاهد ومشهد، على ايقاع تلاقح جمع بين أثر ووقع على سبيل ذكر كل من قويدر الزرهوني، محمد العوفير، الباهي علوي، محمد بلهيسي، أحمد بنجدي، محمد بناني، محمد بنجدي، أحمد بلغازي، فتيحة حيمر، مصطفى أزرق، سلام طنيطن، نور الدين بنكيران، عبد الحق بوعمر، حفيظ سالمي، محمد معزوز، نجيب طريمس، عبد السلام طريمس، محمد بلخدير، يوسف وطاتي، رشيد سهلي، مداني عدادي رشيد فناسي وغيرهم كثير من ناشئة مسرحية جديدة، كذا بين أثر ووقع تجربة لواء مسرحي، ومسرح تأسيس، ومسرح بلدي، وفوانبس، ونادي مسرح وسينما…مع ما هو سلف من تجارب واعدة.
بهذا الارث الرمزي الثقافي المسرحي والذاكرة الفنية الابداعية المحلية والوطنية والمغاربية والعربية، احتفت تازة باليوم العالمي للمسرح ربيع هذه السنة بفضاء مسرح المدينة، من خلال عرض مسرحيي موسوم ب” الكونتيسا” أو “عيشة قنديشة” كما في مخيال المغاربة الشعبي المغربي، عرض مسرحي أثثه نص بديع من تأليف الفنان والممثل والمخرج والكاتب المسرحي القدير نور الدين بنكيران الشهير في المدينة ب”الهائم”، ومن اخراج ودراماتولوجيا الفنان سعيد غزالة ومن تشخيص فرقة أفلوم عن مدينة الرباط. عرض مسرحي رفيع وفرجة صادفت الذكرى الستين لليوم العالمي للمسرح، التقليد الذي يعود الاحتفاء به لسابع وعشرين مارس من سنة ألف وتسعمائة وإثنين وستين اثر مقترح مؤتمر فيينا قبل ستة عقود.
واذا كان احتفاء الأفراد والجماعات والتجارب والدول والمؤسسات في كل بقاع العالم حيث المسرح، يرتبط بتقليد كلمة رمزية بالمناسبة يتم انتقاء علم من أعلام وذاكرة هذا المجال لإعدادها من أجل تقديمها بكل فضاءات مسارح العالم، فإن كلمة احتفاء تازة بالحدث كان فرجة ارأى لها الفنان نور الدين بنكيران “الكونتيسا” مساحة لقاء وتلاقي ونصر وانتصار لمسرح المدينة ومساره وبصمته وأعلامه وتجاربه. عرض مسرحي رفيع بمناسبة احتفاء تازة والمغرب والعالم باليوم العالمي للمسرح، حضره وأثثه هدوء وانصات وجمهور عاشق لكل جميل وجديد وجاد ملأ فضاء مسرحٍ تنفس فرجة مسرح، كما أثثه أيضا حضور نوعي جمع بين عاشقين ومسرحيين ومثقفين واعلاميين وباحثين وجمعويين وغيرهم، فضلاً عن رفقة درب وأزمنة مسرح فكان ما كان من طيب كلمة كالتي تقدم بها الفنان والممثل القدير نور الدين بوعمر في حق رفيق مدرسته ودربه الفنان والممثل نور الدين بنكيران، وكان ما كان من سمو تعبير وجمال فرجة وبديع لقاء وحس حضن وقيم تثمين وتحفيز وثقافة ترحيب كالتي تقدم بها جمهور تازة وعاشق مسرحها.
هكذا كان الموعد راقيا على ايقاع أداء رفيع لفرقة أفلون للمسرح بالرباط وهكذا كان الاحتفاء والعرض باذخا رفيعا على ايقاع تشخيص رفيع للفنانة ايمان الادريسي التي اطربت بصمتها وصوتها وركحها، فكانت بما كانت عليه من متعة فرجة واثارة وذات كونتيسا ضمن عمل مسرحي منودرامي رفيع القامة والمقام. وهكذا كانت كلمة مسرح تازة وربيع مسرح تازة وأعلام مسرح تازة بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، وهكذا تم إلقاء كلمة اليوم العالمي للمسرح فوق خشبة مسرح المدينة على ايقاع عمل مسرحي رفيع من توليف الممثل المسرحي التازي القدير نور الدين بنكيران، الذي ترجم روح مسرح ووجود وبصمة وكيان وربيع مسرح.