صدر للأستاذ عكاشة برحاب كتاب جديد في شأن “تدبير الأزمات في مطلع القرن العشرين”، قال إنه يرصد من خلاله “كيفية تدبير شؤون البلاد في مطلع القرن العشرين من جانب المخزن، وذلك من خلال وثائق مغربية وفرنسية، حيث تعددت المشاكل الداخلية وزادت ضغوط الدول الأوربية على الدولة المغربية، سواء في أطراف البلاد التي صارت مهددة بالاحتلال، أو العمل على إضعاف جهاز الدولة في الداخل”.
وأوضح صاحب الكتاب أن “هذا الرصد يكشف عيّنة من القضايا التي أرّقت المخزن آنذاك وشغلت بال المغاربة، وتأتي في الصدارة ردود فعل قبائل التخوم بعد توقيع اتفاق الجزائر سنة 1902، وما ترتب عنه من شعور بالغبن إزاء عجز الدولة عن صون الحقوق وحفظ السيادة الترابية، فصارت بذلك قضية الحدود مطيّة لبعض الزعامات المحلية لإعلان عصيانها بحجة تخاذل الدولة عن الدفاع عن سيادة أراضي القبائل التابعة لها، فشكّل الشيخ بوعمامة نموذجا حيّا لهذه الظاهرة، خاصة بعد أن أعلن تحالفه مع الثائر الجيلالي الزرهوني سنة 1903 (الروكي)”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الكتاب يعدّ أيضا شهادة موثقة عن سوء تدبير جهاز الدولة المغربية ورجالاته لعلاقته الخارجية مع فرنسا، وذلك إثر أزمة سياسية كان بطلها الشيخ بوعمامة ونجله”، مشيرا إلى أن “الوقائع المرصودة في الوثائق المنشورة كشفت التخلف الكبير الذي أبانت عنه حاشية السلطان في حل هذه الأزمة”، وزاد: “برزت التناقضات في اتخاذ القرار بين هذه الحاشية، التي تزعمها وزير الخارجية عبد الكريم بن سليمان، وبين دار النيابة بطنجة التي كان يديرها محمد الطريس؛ ومن جراء هذا التخبط ضاعت حقوق كثيرة وسقطت هيبة الدولة”.
ويوضح الكتاب في الأخير “مظاهر شراء الذمم بالمال والهدايا، سواء من جانب السلطان أو من جانب الدولة الفرنسية، فصارت الإغراءات المالية أداة في تدبير الشأن السياسي؛ وفي هذا الإطار رجح ميزان النفوذ لصالح الجانب الفرنسي بحكم قوته المالية مسنودا بقوته العسكرية”. كما أشار الكتاب إلى أن “الشيخ بوعمامة ونجله يُعدّان نموذجا للزعامات التي وقع التغرير بها بواسطة المال والنفوذ، وهو ما تكشفه الوثائق المنشورة”.
وسجل المصدر ذاته أن “الكتاب المذكور يعتبر مصدرا يؤرخ لفترة عصيبة من تاريخ المغرب، إذ ضمَّ وثائق مطبوعة وأخرى مخطوطة يصعب الوصول إليها في وقتنا الحاضر، سواء في المغرب أو في فرنسا، وهو بذلك يقدّم للباحثين والقراء عموما صورة موثقة عن التدبير الذي انتهجه المخزن في مواجهة التهديد الأجنبي وحل الأزمات الداخلية”.