رصد تقرير جديد صادر عن منظّمة الصحّة العالميّة ومنظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تعرض الحوامل والأمهات المغربيات لممارسات استغلالية من طرف قطاع صناعة مستحضرات حليب الرضّع الصناعي، ممّا يعرض تغذية الأطفال للخطر، وينتهك الالتزامات الدولية.
وأشار التقرير المعنون ب”كيف تؤثر ممارسات تسويق الحليب الصناعي على قراراتنا بشأن تغذية الرضع” إلى أن شركات الحليب الصناعي استهدفت الآباء والحوامل بممارسات تسويق تنتهك في معظمها المعايير الدولية المتعلّقة بممارسات تغذية الرضّع.
وأفاد أكثر من نصف الآباء والأمهات والحوامل والعاملين الصحّيين (51 %) المشمولين بمقابلات أجريت معهم في المغرب وسبعة بلدان أخرى بأن شركات الحليب الصناعي استهدفتهم بهذه الممارسات التسويقية المنتهكة للمعايير الدولية، للتأثير على قراراتهم بشأن تغذية الرضّع.
ومن بين الدول الثمانية المشمولة بالتقرير، أعربت النساء المغربيات بشكل أقل عن رغبتهن في ممارسة الرضاعة الطبيعية حصراً، حيث بلغت نسبتهن 49 بالمئة، في حين بلغت هذه النسبة 98 بالمئة في بنغلاديش.
ويرى التقرير أن أساليب التسويق التي تتّبعها دوائر الصناعة تشمل الاستهداف غير المنظّم والكاسح عبر الإنترنت، وشبكات المشورة وخطوط المساعدة التي ترعاها، والعروض الترويجية والهدايا المجانية، والممارسات المُتّبعة للتأثير على تدريب العاملين الصحّيين وتوصياتهم.
وغالباً ما تكون الرسائل التي يتلقاها الآباء والأمهات والعاملون الصحّيون مضلّلة ولا أساس لها من الصحة علمياً وتنتهك المدوّنة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم، يضيف التقرير.
وأبرز المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، ان هذا التقرير يبين بوضوح تام أن ممارسات تسويق مستحضرات الحليب الصناعي ما زالت منتشرة ومضلّلة وشرسة بشكل غير مقبول، ولابد من التعجيل باعتماد وإنفاذ لوائح بشأن مكافحة ممارسات التسويق الاستغلالية لحماية صحّة الأطفال.
ومن جانبها، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف “تشكل الرسائل الكاذبة والمضلّلة بشأن التغذية بمستحضرات الحليب الصناعي عائقاً كبيراً يعترض الرضاعة الطبيعية التي نعلم أنها الأفضل بالنسبة للأطفال والأمهات، وتلزمنا سياسات وتشريعات واستثمارات متينة في مجال الرضاعة الطبيعية لضمان حماية المرأة من ممارسات التسويق غير الأخلاقية، وتزويدها بما يلزمها من معلومات ودعم لتنشئة أسرتها”.
ويوضح التقرير بالتفصيل كيف أن التدفق المستمر لرسائل التسويق المضلّلة، يعزز الأفكار الخاطئة عن الرضاعة الطبيعية وحليب الأم، ويزعزع ثقة المرأة في قدرتها على ممارسة الرضاعة الطبيعية بنجاح.
وتشمل هذه الأفكار الخاطئة، حسب التقرير، ضرورة إعطاء مستحضرات الحليب الصناعي للرضيع في الأيام الأولى اللاحقة للولادة، وعدم كفاية حليب الأم لتغذيته، وأن مكوّنات معينة من مستحضرات الحليب الصناعي أثبتت تحسينها لنمو الطفل أو مناعته، والتصور القائل إن مستحضرات الحليب الصناعي تبقي الرضيع شبعاناً لفترة أطول، وأن جودة حليب الأم تتدهور بمرور الوقت.
ونبه التقرير إلى أن دوائر صناعة مستحضرات تغذية الأطفال سعت للتقرب من عدد كبير من العاملين الصحّيين في جميع البلدان للتأثير على توصياتهم المقدمة إلى الأمهات الجدد، وذلك من خلال الهدايا الترويجية، والعينات المجانية، وغيرها، ممّا يؤثر مباشرة على خيارات الآباء والأمهات بشأن تغذية أطفالهم.
وقد أفادت أكثر من ثلث النساء المشمولات بالمسح بأن عاملاً صحّياً واحداً على الأقل أوصاهن باستعمال نوع معين من مستحضرات الحليب الصناعي.
ودعا التقرير الحكومات والعاملين الصحّيين ودوائر صناعة أطعمة الأطفال إلى إنهاء الممارسات الاستغلالية لتسويق مستحضرات الحليب الصناعي.
كما اوصى بسنّ ورصد وإنفاذ قوانين لمنع الترويج لمستحضرات الحليب الصناعي تماشياً مع المدوّنة الدولية، بما يشمل حظر الادعاءات التي تطلقها دوائر صناعة مستحضرات الحليب الصناعي بشأن التغذية والصحّة، والاستثمار في سياسات وبرامج تدعم ممارسة الرضاعة الطبيعية، ومنع العاملين الصحّيين من قبول رعاية الشركات المسوّقة لأطعمة الرضّع وصغار الأطفال للمنح الدراسية، أو الجوائز أو المنح أو الاجتماعات أو الفعاليات.