على اثر منع رئيس جمهورية القبايل من المرور على قناة “سي.نيوز”..حرية التعبير الفرنسية تختنق بالغاز الجزائري..

admin
2022-10-04T00:40:05+02:00
أخبار
admin4 أكتوبر 2022آخر تحديث : منذ سنتين
على اثر منع رئيس جمهورية القبايل من المرور على قناة “سي.نيوز”..حرية التعبير الفرنسية تختنق بالغاز الجزائري..

رسبريس – العرب اللندنية 

سلط إلغاء مقابلة فرحات مهني زعيم حركة استقلال القبائل (ماك) ليل الأحد/الاثنين مع برنامج “في مواجهة ريوفول” (Face à Rioufol) على قناة “سي.نيوز” (CNEWS) الفرنسية في اللحظة الأخيرة الضوء على الرقابة التي تمارسها فرنسا على وسائل إعلامها لإرضاء النظام الجزائري.

وكان من المقرر أن يحل زعيم “ماك” فرحات مهني ضيفًا على البرنامج على الساعة 8:30 مساءً يوم الأحد الثاني من أكتوبر على قناة “سي.نيوز” الإخبارية التابعة لمجموعة بولوري الشهيرة القريبة من الإليزيه.

وقدم مهني إلى أستوديوهات القناة أين استقبله الصحافيون الذين أعلنوا مباشرة في الساعة 8:25 مساءً مروره على الهواء. بعد لحظات، اقتحم مدير من قناة “سي.نيوز” غرفة الانتظار وأعلن لفرحات مهني إلغاء المقابلة التي من المفترض أن تستمر عشرين دقيقة.

وأظهر فيديو من وراء الكواليس متداول على مواقع التواصل الاجتماعي تلقي إيفان روفيول الصحافي المسؤول عن إجراء المقابلة “الأخبار التي لم يصدقها”. وقال معلقون إن مقطع الفيديو الذي احتوى المشهد السريالي قدم بعض الإجابات التي تسمح بفهم مثل هذا القرار بشكل أفضل.

وسأل روفيول “ماذا حدث؟”. وأجاب ناقل الخبر محرجًا “لا أعرف، يحق لنا ألا نقول أي شيء”. ليقول فرحات مهني بهدوء “إنه الإليزيه.. كان على الجزائر التدخل”.

ويوضح إيفان روفيول “لقد أخبرتك قبل أسبوع وكانت الإدارة على علم منذ أسبوع”. وأضاف “إنه أمر لا يصدق حقًا، إنها المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك”، ليؤكد بعدها أن “تفسير مهني هو الصحيح، لا بد أنه كان هناك ضغط من الجزائر العاصمة”.

ويأتي إلغاء هذه المقابلة قبل أن تسافر رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن إلى الجزائر يومي التاسع والعاشر أكتوبر. وستعقد الأخيرة مع نظيرها الجزائري أيمن بن عبدالرحمن اجتماعا سيتم الإعلان بموجبه عن زيادة محتملة في شحنات الغاز الجزائري إلى فرنسا في خضم أزمة طاقة ناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا.

وبحسب مصادر إعلامية، فقد اتصل مستشارو الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهددوه بإلغاء زيارة رئيسة الوزراء إليزابيت بورن إلى الجزائر العاصمة.

وحرصًا على الحفاظ على علاقات جيدة مع الجزائر، لم يتردد إيمانويل ماكرون في الاتصال بيانيك بولوري مالك القناة التابعة لمجموعة بولوري ليأمره بإلغاء مقابلة فرحات مهني.

وبحسب مصادر استخباراتية مغاربية، فإن يانيك بولوري مالك المجموعة نفسه هو من رد على مكالمة تلقى بموجبها أوامر إيمانويل ماكرون بإلغاء المقابلة مع مهني.

ولا يبدو أن النظام الجزائري يريد منح أي تنازل للمستعمر السابق دون الحصول على إجابات مؤكدة لمطالبه بعد أن جفت تدفقات الغاز الروسي إلى فرنسا تمامًا في نهاية شهر أغسطس الماضي، بعد إعلان شركة غازبروم الروسية العملاقة تعليقًا تامًا لشحناتها إلى مجموعة إنجي الفرنسية. وهي صفقة ينوي النظام الجزائري استغلالها للتلاعب بباريس التي تخشى شتاء قاسيا.

ويتساءل مراقبون، بعد تجاهل حرية التعبير التي ما زالت ترفعها كراية على أراضيها وفي أي مكان آخر، إلى أي مدى ستكون فرنسا مستعدة للانحراف عن قيمها الديمقراطية لإرضاء الجزائر؟

وهذه الرقابة على وسائل الإعلام الفرنسية ليست الأولى منذ زيارة إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في الفترة من الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين أغسطس بعد أزمة دبلوماسية استمرت أشهرا وهي مرتبطة بالنزاع حول الذاكرة بين البلدين.

رقابة ناعمة تستهدف الأصوات المنتقدة للنظام الجزائري

وعلى إثر هذه الزيارة نُشر عمود في صحيفة “لوموند” قبل سحبه، كتبه الباحث بول ماكس موران وعنوانه “اختزال الاستعمار في الجزائر بـ’قصة حب’ يكمل تبني ماكرون موقف اليمين بشأن مسألة الذاكرة”.

وكتبت النسخة المسائية للصحيفة في توضيح لسبب سحب العمود أن “جملة ‘قصة حب لم تخل من مأساة’ التي قالها ماكرون في المؤتمر الصحافي، وإن كان يمكن أن تخضع لتفسيرات مختلفة، فإنها لم تكن تتحدث عن الاستعمار بالتحديد كما ورد في العمود، بل عن العلاقات الفرنسية – الجزائرية الطويلة”. وأضافت صحيفة “لوموند” أنها “تعتذر لقرائها وكذلك لرئيس الجمهورية”.

وقال موران إن “سحب النص ممارسة غير طبيعية وغير مفهومة”، مستنكرا محتوى رسالة الاعتذار التي نشرت، وقال إن “هذا النص يوحي بأن تفسيري كان خاطئا. هذا يقوض مصداقيتي كباحث. تحليلي هو نتيجة عمل بحثي طويل”.

وكانت تصريحات لماكرون نشرتها صحيفة “لوموند” في أكتوبر 2021 واتهم فيها النظام “السياسي العسكري” الجزائري بالحفاظ على “إيجار تذكاري”، أدت إلى أزمة بين الجزائر وباريس.

وكان الملياردير الفرنسي كزافييه نيل أحد المساهمين الرئيسيين في “لوموند” من بين الوفد المرافق لإيمانويل ماكرون إلى الجزائر.

ولا يعرف إلى أي مدى سيذهب الإليزيه باسم “قصة الحب مع الجزائر”، هل ستكون مستعدة لتسليم فرحات مهني الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عن المدعي العام في محكمة الجزائر في السادس والعشرين أغسطس الماضي بزعم أنه أمر بإشعال الحرائق التي دمرت منطقة القبائل في صيف 2021 وخلفت 103 قتلى؟

وفي أبريل 2021 اتُهمت الحركة التي تعتبر غير قانونية في الجزائر، دون أي دليل من قبل الحكومة الجزائرية بالتخطيط لهجمات ضد مسيرات الحراك المؤيدة للديمقراطية، قبل تصنيفها على أنها “منظمة إرهابية”، وكذلك الحركة الإسلامية المحافظة “رشاد” ومقرها بالخارج أيضًا وبالتحديد في لندن.

وقال منتقدون إنه للحصول على بعض الغاز من المجلس العسكري في الجزائر، بدأت فرنسا بقيادة ماكرون رقابة ناعمة تستهدف الأصوات المنتقدة لـ”النظام الكاكي”.

وقد ندد مهني (70 عامًا) وهو لاجئ في فرنسا منذ عشرين عامًا مرارا بـ”هوس” السلطة الجزائرية بوصف المنظمة السلمية التي يرأسها بأنها “إرهابية”. وقال في عام 2021 “منذ عدة أشهر كانت السلطات الجزائرية تبذل قصارى جهدها لتشويه سمعتنا، ولترهيبنا”، مستنكرًا هوس “الجزائر بجعل الحركة التي تنادي بتقرير مصير منطقة القبائل منظمة إرهابية”.

من جانبها قدمت حركة “أنافاد” طلبا لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تدعوه إلى دعم تسليط عقوبات ضد الجزائر بسبب الحرائق التي دمرت ثلثي منطقة القبائل وقتلت أكثر من 500 شخص، معتبرة ذلك إبادة ممنهجة للقبائليين، كما تتهم النظام الجزائري بالارتهان إلى الكرملين. وولدت الحركة في أعقاب “ربيع القبائل الأسود” عام 2001، وتتهم السلطات الجزائرية الحركة بأهداف “انفصالية”، وهي ذريعة شاملة لاضطهادها.

يذكر أن القبائل هي منطقة ناطقة باللغة الأمازيغية تقع في شمال شرق الجزائر وتعارض شرعية الحكم العسكري. وهي من معاقل الحراك.

وفي سياق آخر، يسلط مراقبون الضوء على “ازدواجية” سلوك السلطات الفرنسية مع الانفصاليين. بينما تقدم القناة الإخبارية فرانس 24 نفسها كمنبر في جميع المواسم للانفصاليين في بوليساريو باسم احترام حرية التعبير. وتراقب السلطات الفرنسية من أعلى مستوى من الدولة عندما يتعلق الأمر بانتقاد الجزائر. ويقولون إنها ازدواجية لا يمكن فهمها لأن فرانس 24 هي قناة للخدمة السمعية والبصرية العامة الفرنسية والتي يتم توفير الجزء الأكبر من ميزانيتها من قبل الحكومة، على عكس قناة “سي.نيوز” الخاصة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.