كشفت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن الفساد يحتل المرتبة الثامنة ضمن انشغالات مسؤولي المقاولات، حيث تعتبر الرشوة واستغلال النفوذ وتزوير الانتخابات، الأكثر شهرة لدى مجمل مسؤولي المقاولات.
وأوضحت الهيئة ضمن دراسة نشرتها مع تقريرها السنوي برسم سنة 2023 حول الفساد وعلاقته بالمقاولات، أن 68 في المائة من المقاولات المشمولة بالبحث تعتبر أن الفساد منتشر أو منتشر جدا في المغرب، وأن الحصول على التراخيص، والمأذونيات والرخص الاستثنائية، والصفقات والمشتريات العمومية، والتوظيف، والتعين والترقية في القطاع الخاص، تعد المجالات الأكثر تضررا من الفساد.
وبحسب الدراسة صرح 23% من مسؤولي المقاولات أنهم تعرضوا على الأقل لأحد أشكال الفساد خلال الـ 12 شهرا الماضية، وأن أغلب الحالات أزيد من 90٪ تتعلق بطلبات مباشرة أو غير مباشرة من لدن الموظفين المعنيين، في حين أن نسبة 3 في المائة فقط من المقاولات التي تم استجوابها صرحت أنها قدمت رشاوي بمبادرة منها. وبالنسبة لأسباب طلب أو دفع الرشوة بالنسبة للمقاولات المشمولة، فتتمثل في غالب الحالات في الاستفادة من خدمة للمقاولة الحق فيها، ويأتي بعد ذلك السعي لتسريع الإجراءات أو الاستفادة من الأسبقية.
وأكدت أن الرشوة تبقى هي شكل الفساد لأكثر شيوعا الذي تواجهه المقاولات فيما يتعلق بحصولها على تراخيص الاستيراد والتصدير، ومراقبة المبادلات والتقييم الجبائي والحصول على قروض بنكية، وهذا النوع من الفساد من شأنه أن يعيق التطور المناخ الإيجابي لبيئة الأعمال بما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات أو سحبها.
وسجلت الدراسة المعرفة الضعيفة لمسؤولي المقاولات بالسلطات والهيئات التي يمكن اللجوء إليها للتشكي والتبليغ عن الفساد، مع تسجيل تصور لدى مسؤولي المقاولات بأن أكثر الإجراءات فعالية لمكافحة الفساد في المغرب هي التطبيق الصارم للقوانين والعقوبات ضد الأشخاص المتورطين في أفعال الفساد، تليها إجراءات إرساء قنوات التبليغ عن أعمال الفساد وحماية المبلغين.
ووضع ممثلو المقاولات قطاع الصحة على رأس القطاعات الأكثر تضررا من الفساد، حيث اعتبر 75 في المائة من المستجوبين أن الفساد منتشر أو منتشر جدا بهذا القطاع، وهذه النتيجة تتقاطع مع ما صرح به المغاربة المقيمون بالخارج، ويفسر الأمر بالأهمية التي يليها المواطنون بجميع أصنافهم لهذا القطاع الحساس والمؤثر في حياتهم.
ولفتت الدراسة إلى أنه من بين العوامل الرئيسية المساعدة على تطور الفساد بالمغرب، التي تحددها المقاولات التي شملتها الدراسة، الرغبة في الثراء السريع بنسبة 38 في المائة، وضعف الأجور بنسبة 26 في المائة، وغياب روح المواطنة والمصلحة العامة بنسبة 26 في المائة.
وتتجسد العواقب الثلاثة الرئيسية للفساد حسب رأي ممثلي المقاولات التي شملتها الدراسة في إفقار الدولة وتدهور القيم بنسبة 24% و23% على التوالي، يليها التوزيع غير العادل للثروات بمعدل 19 في المائة.
وأظهرت الدراسة أن 45% من المقاولات صرحت أن الفساد زاد خلال العامين الماضيين في المغرب، من بينها 30 في المائة تعتقد أنه ارتفع بشكل ملحوظ، في حين أن 27 في المائة يعتقدون أنه على العكس من ذلك قد انخفض.
وصرحت نسبة 23% من المقاولات التي شملتها الدراسة أنها تعرضت على الأقل لأحد أشكال الفساد خلال الـ 12 شهرا الماضية، وبالخصوص الرشوة بنسبة 13 في المائة، أما الأشكال الأخرى فهي استغلال النفوذ بنسبة 7 في المائة، والحصول على فوائد غير مشروعة بنسبة 6 في المائة، والشطط في استعمال السلطة بنسبة 6 في المائة.
وأكد 70% من مسؤولي المقاولات الذين صرحوا بقبولهم دفع الرشوة، بأنها تبقى بشكل عام وسيلة فعالة مكنتهم في غالب الأحيان من تحقيق الهدف المنشود أو الاستفادة من الميزة المبتغاة.
وترى 57 في المائة من المقاولات المستجوبة أن إجراءات مكافحة الفساد المتخذة من قبل الدولة في مجال الأعمال غير كافية، كما ترى 59 في المائة أن الإجراءات المتخذة من طرف المقاولات لمكافحة الفساد غير كافية.