يشهد حزب الأصالة والمعاصرة، العضو في الائتلاف الحكومي المغربي، غليانا داخليا غير مسبوق، أفرز “حركة تصحيحية” هاجمت القيادة الحالية للحزب وتبرأت من طريقة إدارتها.
وطالبت الحركة التصحيحية الدولة بمحاسبة “كل من استغل منصبه السياسي لخرق القانون”، كما دعت إلى إعادة مشروع “قانون الإثراء غير المشروع”، الذي سبق للأمين العام للحزب عبداللطيف وهبي أن أقر بأنه كان وراء سحبه من البرلمان.
وجاء البيان إثر اجتماع وطني للحركة عقد في الدار البيضاء الأحد الماضي، وحضره ممثلون من مختلف جهات المملكة، بحثوا “مستجدات الحزب وما يعيشه في هذه المرحلة الحرجة التي تعرف سخطا من طرف مناضليه على سوء تدبير المرحلة”.
واتهم أعضاء في الأصالة والمعاصرةِ القيادةَ الحالية بما أسموه “سرقة” الحزب، وإقصاء “المناضلين وتزكية أشخاص لهم سوابق في الفساد”، في إشارة إلى “الفضيحة السياسية” المتعلقة باعتقال العضوين البارزين سعيد الناصيري وعبدالنبي بعيوي على ذمة التحقيق في القضية المعروفة بـ”إسكوبار الصحراء”.
ونبهت الحركة إلى “عدم مشروعية مخرجات المؤتمر الخامس نظرا لعدم امتثاله لضوابط الحزب في كل ما يتعلق بأعداد هياكله، وأن دعاة تكميم الأفواه والإقصاء ومن يفكرون بمنطق الغنيمة لا يرهبوننا وأن أساليب التينيس لن تثنينا، وإذ أننا نعلنها مدوية بكل فخر واعتزاز، إن ولاءنا هو لثوابت هذا الوطن والدفاع عن مشروع هذا الحزب وذلك وعيا منا بالمسؤولية الملقاة على كاهلنا في هذه اللحظة الاستثنائية من تاريخ حزبنا”.
وعلى المستوى الجهوي أدانت الأمانة الإقليمية لحزب الأصالة والمعاصرة بإفران ما وصفته بالطريقة “البيروقراطية غير الديمقراطية لتحضير المؤتمر الخامس، معربة عن قلقها الشديد من الانحراف الذي عرفته فكرة التأسيس من مرجعية حركة لكل الديمقراطيين إلى سيطرة مجموعة من الكائنات الطفيلية التي لا تتبنى أي مرجعية، وليس لها أي تاريخ نضالي ولا رصيد سياسي ولا تراكم علمي ومعرفي”.
كما أبدى بيان أعضاء الحزب بإفران، وصلت إلى الجريدة نسخة منه، استغرابه من الإقصاء الممنهج لمناضلي ومناضلات الأمانة الإقليمية لإفران من جميع المحطات التنظيمية للشباب والنساء والمؤتمر الجهوي، داعيا إلى إنشاء ائتلاف لمكافحة الريع والكائنات الانتخابية غير النزيهة من داخل حزب الأصالة والمعاصرة، ومستنكرا نهج أسلوب التعيين بدل الانتداب من لدن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس.
وأكد سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الخامس، أنه لن يلتفت إلى “المشوشين” على محطة المؤتمر الوطني، رافضا في تصريحات صحفية أن يكون لهذه الحركة التصحيحية المزعومة تأثير داخل الحزب.
في المقابل كشف مصدر من داخل الحركة التصحيحية أن هذه الحركة الاحتجاجية جاءت كرد فعل على تورط القيادة الحالية في تزكية أشخاص لهم سوابق في الفساد دون وضع ضوابط صارمة، مما وضع الحزب في مواجهة مع المواطنين الذين يراهنون عليه للدفاع عنهم.
وأوضح المصدر ذاته في حديث لـلجريدة أن “الحركة التصحيحية تضم عددا من القياديين الذين استنكروا الطريقة التي يتم بها تدبير الحزب، وسيكون لها حضور قوي قبل وأثناء انعقاد المؤتمر الوطني حتى نقطع الطريق على من أقصى المناضلين الشرفاء ويطبّع مع الفساد”.
وفي يناير 2023 طالبت حركة تصحيح المسار داخل حزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي بالاستقالة من منصب الأمانة العامة، مع الإقرار بذمته المالية، ومصدر ثروته، ووضعيته إزاء مصلحة الضرائب.
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، لـلجريدة أنه “مع حالة الغليان داخل الأصالة والمعاصرة يفترض من الناحية السياسية إفراز حركة تصحيحية حقيقية وبوجوه قيادية وأجندة واضحة لأجل التطهير الذاتي، خصوصا مع اقتراب انعقاد المؤتمر الوطني الشهر المقبل، وتفعيل مسطرة التفتيش الدوري حول أداء أعضائه سواء داخل البرلمان أو في البلديات والمجالس المحلية”.
وتزامنت الحركة التصحيحية مع ما يمر به حزب الأصالة والمعاصرة من تداعيات ملف “إسكوبار الصحراء” الذي يتابع فيه كل من عبدالنبي بعيوي، رئيس جهة الشرق، وسعيد الناصري، رئيس نادي الوداد البيضاوي لكرة القدم، الوجهين المعروفين في الحزب، الأمر الذي أثار سخطا داخل الحزب على طريقة إعطاء التزكيات دون التثبت من خلفيات المتقدمين للعضوية.
وأكد مصدر من داخل المجلس الوطني للحزب، لـلجريدة، أن هناك من يحاول استغلال ارتباك قيادة المكتب السياسي للحزب، بسبب تداعيات ملف “إسكوبار الصحراء”، للنيل من تواجد الحزب سواء داخل الحكومة أو في المشهد السياسي بصف عامة.
ولفت القيادي، الذي لم يفصح عن اسمه لأسباب تنظيمية، إلى أن “الحزب بصدد وضع خطة مرحلية لتجاوز الأزمة وأن عموم المناضلين والقياديين مؤمنون بفصل حزبهم عن أي شبهة فساد، وأي عضو تورط يجب محاسبته حماية لصورة المشروع الحداثي والاجتماعي للأصالة والمعاصرة”.
المصدر:العرب اللندنية