الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب:هل بتنا نتوفر على فائض في “الخبراء”؟!

admin
كتاب واراء
admin13 أغسطس 2022آخر تحديث : منذ سنتين
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب:هل بتنا نتوفر على فائض في “الخبراء”؟!

عبد اللطيف مجدوب

ظاهرة إعلامية مبتذلة

لدى تصفح القارئ لما تجود به المواقع الإلكترونية، الرسمية منها وشبه الرسمية، يصطدم بمقالات أو بالأحرى إعلانات، تتصدرها مداخل نكرة، من قبيل: “صرح خبير”، ” أكد خبير”، “أوضح خبير”، “أعلن خبير”… عادة ما تقتحم ميادين ومجالات قطاعاتية، إن في ميدان التربية والتعليم أو المجال الصحي والمرضي منه خاصة، أو ميادين الزراعة والمناخ؛ حتى إن بعض هذه المواقع، في نسختيها الورقية أو الرقمية، تستهل مادتها الإعلامية بكلمة خبير نكرة أشبه “بطعم” لاصطياد مزيد من القراء ولفت انتباههم إلى واقع لا يمكن بحال أن يرقى إليه الشك، ما دام صادرا عن قناعة “خبير”!.

وأحيانا أخرى، ولدى عينة من القراء المتمرسين بخبايا “الميديا” المغرضة، يعرضون عن قراءة هذه المواد الصحافية، لاستنادها إلى مرجعية “خبير” بصيغة نكرة مجردة من الاسم والجهة الأكاديمية التي منحته صفة “خبير” .
الخبير من الوجهة الأكاديمية

في معجم أكسفورد Oxford يعرف “الخبير” Expert بأنه “شخص يمتلك مهارة بدرجة عالية في معرفة موضوع معين، وله مرادفات من قبيل Proficient “بارع أو ماهر”. ويستطرد المعجم بإيراد تعريف أوسع: “شخص لديه مهارة أو معرفة واسعة في مجال معين”، “شخص ذو معرفة أو مهارة يؤديها بكيفية مهارية Skillfully”.

الخبير في التربية “شخص بمهارة ومعرفة خاصة في حقل الدراسة التي تتعامل أساسا مع أساليب التدريس والتعليم في المدارس”.

الخبير في الفيروسات “شخص متمرس بمعرفة الفيروسات وتكاثرها وأخطارها”.

الخبير القضائي قاض متمرس فير قضايا المحاكم وذو إلمام بالنصوص القضائية وظروف تنزيلاتها.

الخبير من الوجهة الشعبوية

معظم السياقات التي تحفل بها الميديا الشعبية تعتمد مرجعيات خبراء بمفهوم شعبوي ضيق، لا يرقى إلى المستوى الأكاديمي، يعتبر كل من زاول مهنة لبضع سنوات خبيرا بحكم “تخصصه”، ويعني الأقدمية على منوال:

خبير في اللحوم = جزار +(x)سنوات أقدمية.

خبير في المحاكم= قاض+(x) سنوات أقدمية.

خبير في التربية = أستاذ + (x) سنوات أقدمية.

خبير في الفيروسات = طبيب مختص + (x) سنوات أقدمية.

خبير في الفلاحة = فلاح + (x) سنوات أقدمية.

أي إن مدة الأقدمية، في احتراف مهنة معينة، كفيلة بأن تضفي على صاحبها صفة “خبير” حتى ولو كانت هذه الأقدمية منفصلة عن دراسة أكاديمية واطلاع تراكمي. كل هذه “الخبرة” الشعبوية لا يمكن بحال اعتمادها والوثوق بها، ما دامت الأفكار الشعبوية تختلف من شخص إلى آخر، فما يراه هذا “الخبير” صحيحا قد يراه خبير آخر مجانبا للصواب!.

وفوق هذا وذاك، نجد أن “خبيرنا” إذا هو عرض خبرته على جهات أجنبية سوف لن يجيزها له أحد، ولاعتبرت لاغية، ولا يمكن اعتمادها سوى في بيئة جد محدودة.

مواقع تعتمد الإثارة المبتذلة

كثيرة هي المواقع الإلكترونية التي تنصب فخاخها أمام القارئ، باعتمادها الإثارة المجانية في عناوينها أو توهم القارئ بصور موسومة بـ”الخبرة”، على شاكلة العناوين التالية:

“صدق أو لا تصدق!”، “لا تخطر على بال ديانة أنور حكيمي.!”، “وصية سمير غانم أحدثت انفجارا..!”، “خبير في التغذية يقول إن فيتامين الحياة…!” .

برأيي الشخصي، إن درجة القراءة عموما لدى المواطن العربي باتت منحطة لأسباب يضيق ذكرها، ولما كانت كذلك مع وفرة “الإنتاج” وتعرضه للبوار أصبح القيمون على المواقع الإلكترونية يتنافسون في ابتداع أساليب فخاخية يصطادون بها المتصفح وعابر سبيل على هذه المواقع؛ ومن ثمة وجدتها بعضها مناسبة لتلقيح موادها ومعروضاتها بأساليب إثارة مجانية، وخليعة أحياناً، وما بالك بأخرى “تعرض” مقترحات لها بقصد الاستلاب والاستدراج والاحتيال، حتى إذا تمكنت من ضحاياها أشبعتهم في ما بعد بإشعارات “Notifications” مبتذلة عبر عناوينهم الإلكترونية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.