الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب: أين الحياد وسط بيئة إعلامية ملوثة؟!

admin
كتاب واراء
admin16 أكتوبر 2022آخر تحديث : منذ سنتين
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب: أين الحياد وسط بيئة إعلامية ملوثة؟!

عبد اللطيف مجدوب
يحار المرء أحيانا؛ وقد يركبه الخبل وهو يبحث عن “معلومة” وسط بحر خضم هائل من المواقع الإلكترونية التي يقدر تعدادها؛ حسب آخر الإحصائيات قرابة المليارين؛ تشد إليها اهتمامات قرابة خمسة مليارات من مستعملي شبكة الإنترنت “Web”، تبعا لآخر إحصائيات الاتحاد الدولي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT (Information and communication technology) ويعني هذا في المقابل ضمور الإعلام الورقي (صحف؛ يوميات؛ مجلات..) واختزاله في نسبة استهلاكية لا تتجاوز%5، في حين نجد منصات التواصل الاجتماعي أو الميديا الشعبية تضارع؛ في ثقلها وخطورتها؛ القنوات الإعلامية العامة، بل تتفوق عليها في أحيان كثيرة في حالات البحث عن المعلومة وصناعة الرأي، في مجال جيوسياسي معلوم، حتى إن الإعلام الرسمي لدى هذه الحكومة أو تلك أصبح يتبنى هذا الجنس الإعلامي الشعبي ويقدر له ألف حساب في تحريك الحوادث وتأجيج الرأي العام، أو استهداف جهة معينة، ما حمله؛ في الآونة الأخيرة؛ على اختراق هذه المنصات، وخلق تيارات وأصوات مضادة لها، فكم من استشعار بمحاولة إنزال أصوات بالتمرد على قرار حكومي أو شجب مواقف معينة وأَدتها في مهدها، وعملت على دحرها والتشكيك في براءتها؛ من خلال تحريك جيوش عرمرمة من المواقف المفندة والمعارضة.
مدونات مأجورة
هناك مدونات على الفضاء الأزرق Websites تحولت في الآونة الأخيرة إلى منصات ضغط وتوسيع فضاء شعبية طرف معين؛ حكومة كان أو حزبا سياسيا، أو حتى شراكة اقتصادية منتجة، فتوفر لها أشكالا من البروباغندا Propaganda؛ يصل مداها إلى قنوات “تويتر” و”فيسبوك” و”أنستغرام” “Twitter”; “Facebook”; ” Instagram” .. في كل أنحاء العالم؛ وقد استغلتها العديد من الجهات؛ وعلى رأسها المترشحون السياسيون، وكان لافتا توظيفها على نطاق واسع من طرف دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق؛ في حملته الرئاسية الأولى، والذي ذهبت به شعبيته إلى مستويات متقدمة بإقدامه على تحريك “أزرار” الاختراق الإعلامي واللعب بنتائج الأصوات الانتخابية لصالحه ضدا على منافسته؛ في الاقتراع الأول؛ هيلاري كلينتون.
الإعلام الحربي
أضحى الإعلام الفضائي أداة فتاكة، لصناعة القرارات من قبل أطراف النزاع، فالحرب الروسية /الأكرانية؛ على سبيل المثال؛ القادرة بقدرة البروباغندا الهائلة “حملات الدعاية” والتحكم في المصادر الإعلامية، أن تحول المنتصر الميداني إلى منهزم لدى قطاع عريض من الرأي العام في كلا البلدين المتنازعين أو بالأحرى بين الغرب الممثل في الاتحاد الأوروبي والغرب وبين روسيا وشعوب أجزاء من آسيا. والإعلام الحربي؛ فقط يمتلكه الطرفان المتحاربان، لتغذية قدراتهما الاستراتيجية وإعادة الحسابات… بيد أن “الإعلام العمومي” يبقى بعيدا عن جبهات القتال بنحو عشرات الكيلومترات، ويكتفي فقط بتسريبات من هذا الطرف أو ذاك، وفي معظمها تتنافى مع الواقع الميداني، ما يرسخ قناعة بأن “الحقيقة المعلوماتية” مصادرة ولا تظهر إلا بشكل ملفق، وبما يخدم مصالح هذه الجبهة أو تلك.
أمريكا وإعلامها الفتاك
في عقيدة العم سام، لا وجود لشعار أكثر من “معنا أو ضدنا” والذي رشح في أعقاب ضربة 11 شتنبر، وفي الفترة الراهنة توظف كل الأساليب لدحر الأعداء وتثبيت عقيدتها في الهيمنة، ولعل أفظعها ترسيخ أدواتها الاستخباراتية؛ في كل أنحاء العالم؛ بما فيها الدول والأنظمة السياسية المارقة، ومن ضمنها وسائط التواصل الاجتماعي والحرب السيبرانية، وإيجاد كبش الفداء، مثلما لاحظنا أخيرا في إيران من تجييش الملايين للعصيان المدني، وتأجيج الشارع الإيراني لمناهضة النظام الإيراني احتجاجا على مقتل الفتاة مهسا أميني الشهر الماضي، ومن ثم تنديدها بكبح الحريات العامة.
والمفارقة اللافتة؛ في هذه البيئة الإعلامية العفنة؛ وجود جمعيات وتنظيمات منتشرة في أرجاء العالم؛ في شكل هيئات “عبدة الشيطان” حينا “ومثلية” حينا آخر؛ تحافظ أمريكا على صيانة “حقوقها”، وهي بدورها توظف “الشر في أفظع صوره” للإيقاع بطرف أو جهات معينة، وذلك من خلال قنواتها الإعلامية على النت.
هذه البيئة الإعلامية؛ بهذه الخصوصيات؛ عملت على صنع “رأي” مهيمن بانتشار عقيدة اللاثقة وتغذية الكراهية تجاه النظام الدولي العام المحكوم بالمال كعقيدة حية؛ قد يكون في ظلها التساهل في الإساءة إلى الأعراق والعلاقات العائلية أمرا ممكنا، ولكنه غير ممكن قيد أنملة مع المال وعبادته وتقديم القرابين لهيكله!

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.