السلطة و المال والعودة الى التيارالليبرالي لسنة 1963..

admin
كتاب واراء
admin14 سبتمبر 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
السلطة و المال والعودة الى التيارالليبرالي لسنة 1963..

حسوني قدور بن موسى                                                                                         

المحامي بهيأة وجدة

خلال حكومة بلافريج لعب أحمد رضا أكديرة دورا كبيرا في تأسيس حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية الذي اشتهر باسم ” الفديك” و ذلك عام 1963أثناء سفر الحسن الثاني الى الولايات المتحدة الأمريكية حيث عقد رضا أكديرة المديرالعام للديوان الملكي ندوة صحفية موضحا فيها أن الغاية من تجنيد جميع قوى البلاد وراء الملك هو صيانة الدستور واحداث ديمقراطية حقيقية و حماية القيم و المثل العليا التي أقرها الشعب من خلال الدستور الأمر الذي سمح للحركة الشعبية و حزب الشورى ليجعل منها مكونات سياسية في صف القصر تقف ضد الاشتراكيين، و كان حزب ” الفديك” يجسد نخبة تكنوقراطية تمثل المشروع الاستعماري البائد التي وصفها المفكر محمد عابد الجابري بالقوة الثالثة ،أحمد رضا أكديرة هو من أشارالى ضرورة الابقاء على الملكية التنفيذية و تمكين الملك من جميع السلطات المطلقة و هو من تزعم التيار الليبرالي في المغرب في وقت تغلغل فيه التيار الاشتراكي في أفكارالكثير من النخب المغربية بما فيهم  الطلبة الجامعيين و حرص رضا أكديرة  شخصيا على تقوية سلطات الملك و تقزيم معارضة الاشتراكيين والاستقلاليين و اصطدم بالمعارضة ثم بالمقربين للملك كالجنرال أفقير و حتى بالملك نفسه في وقت من الأوقات، قليلون هم الذين كانوا يدركون مخاطرهذا الحزب التي ظهرت فيما بعد و نوعية التفكيرالذي كان يخامر مؤسسه ، فهذا الرجل بدلا من تقريب وجهات النظر بين جميع القوى السياسية كان يشعل النارالتي لم تكن في مصلحة المغرب و استقراره و تقدمه، و من أجل تحقيق أهداف حزب “الفديك” وضعت رهن اشارته وسائل مادية و بشرية هائلة محسوبة على الدولة و الدعاية المغرضة المستعملة لتدويخ الشعب مثل شعار(حزب الملك).

و هكذا كان حزب ” الفديك ” يسير في الاتجاه المعاكس لطموحات و أمال الشعب المغربي و لم يكن في مصلحة النظام الملكي نفسه.

 و يظهرأن المغرب يعود الى الوراء الى عهد الستينيات و ذلك عن طريق ظهورأحزاب انتهازية تعتمد على المال للوصول الى السلطة و هذا لا يضر بالشعب المغربي فحسب  بل يضر كذلك باستقرارالبلاد بأكملها، و من خلال نسبة المشاركة الضعيفة جدا لانتخابات 8 سبتمبر 2021 يظهرالرفض الشعبي الصريح لهذه الأحزاب الانتهازية الموسمية التي تعتمد على ” الشكارة ” لكسب عدد كبير من أضوات المواطنين الفقراء و المحتاجين الذين لا يجهلون خطورة بيع أصواتهم بثمن رخيص لا يتعدى 100 درهم بينما ثمن الحمار في السوق يفوق 2000 درهم ليعيشوا 6 سنوات في الفقر و الحرمان …

يتساءل الكثير من الناس ما علاقة رجل الأعمال بالمناصب السياسية و هل يصح لرجل الأعمال بحكم عمله و خبرته أن يقود حكومة ؟ لا شك أن رجال الأعمال لهم دور مؤثر في الحياة الاقتصاذية و الاجتماعية و ذلك من خلال استثماراتهم وأنشطتهم الاقتصادية المختلفة وعلاقاتهم بالجمعيات والأعمال الخيرية و الاجتماعية ، و من أجل ضمان حماية مصالحهم و مؤسساتهم الانتاجية فانهم يحرصون دائما على خلق لوبي خاص بهم يؤثر في صنع القرار السياسي في الدولة و كذلك اغراء الفقراء و المساكين بالصدقات للتصويت لفائدتهم و قد  يرى المحللون أن هذا أمر حتمي لحماية استثماراتهم الهائلة و خاصة مؤسساتهم الانتاجية التي لا ترحم الفقراء والمساكين ، فالدولة الرأسمالية ترعاهم و تستمع لمطالبهم و ذلك من خلال مواقعهم في السلطة التنفيذية و هي مواقع تمكنهم من الزيادة في ثرواتهم و سيطرتهم على كامل القطاعات الاقتصادية في الدولة ، و تختلف رؤية رجل السياسة عن رؤية رجل الأعمال الى الأمور و التطورات و التحديات ، فرجل الأعمال تتحكم فيه غرائز الأرباح و الهيمنة و اقتناص الفرص الاستثمارية التي تحقق له المزيد من الثراء و التوسع كما أن معالجته للقضايا الاقتصادية كمسؤول في الدولة تعتمد على الربح السريع ، على سبيل المثال عندما يتعامل رجل الأعمال كوزير مع العجز المالي و المديونية الخارجية قد يلجأ الى رفع نسبة الضرائب من دون اعتبار الأبعاد الاجتماعية الخطيرة التي يخلفها هذا القرارالذي يضر بالمستوى المعيشي للطبقة الفقيرة و المتوسطة بينما رجل السياسة عندما يفكر في فرض رسوم أو رفع نسبة الضريبة فهو لا ينظر بذلك فقط الى زيادة الايرادات المتوقعة و انما الى جملة من المتغيرات الاقتصادية مثل المستوى المعيشي و ارتفاع الأسعار و التضخم و الاستهلاك واجمالي الناتج المحلي و سعر الصرف و الفقر الخ… وهذا يعني أن المبادئ العامة التي يدار بها الاقتصاد عند رجل السياسة تختلف بشكل كلي عن تلك التي يستخدمها رجل الأعمال الذي يتحكم في السلطة كما أنه من الأخطاء السياسية الاعتقاد بأن رجل الأعمال الناجح في أعماله يكون ماهرا في صنع القرارات السياسية و رسم السياسة الاقتصادية ، ان رجل الأعمال الذي استطاع أن يحصل على ثروة هائلة من المال ليس قادرا بالضرورة على ادارة اقتصاد دولة أو حتى وزارة من وزارات الدولة ، و كما يقول ” بول كروجمان” الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2008 ” ان طريقة التفكيرالمطلوبة في التحليل الاقتصادي و مهارة صنع القرارعلى مستوى الاقتصاد الكلي تختلف بشكل كبير عن الطريقة التي تحقق النجاح في مجال الأعمال “

و تكشف لنا الكثير من الدراسات و التجارب الدولية أن الفساد الاداري يتفشى بشكل كبير في السلطات التنفيذية التي يغلب عليها رجال الأعمال لأن هؤلاء يعملون على خدمة استثماراتهم بدلا من خدمة مصالح المواطنين فهم لا يهمهم المصلحة العامة بقدر ما يهمهم خدمة مصالحهم الخاصة، و الدول العربية تشهد مثل هذه المصائب حيث تعاني الافلاس و الفقر المدقع و الحرمان و البطالة و انعدام السكن و العلاج و الجهل و هجرة الأدمغة بسبب فساد رجال الأعمال في السلطة التنفيذية .

يقال : ” ما اجتمعت السلطة و المال الا و كان الفساد ثالثهما ” ان العلاقة بين السطة و المال لا تكون نظيفة، فاذا أردت افساد مجتمع  معين فما عليك الا  فتح باب الزواج بين السلطة و المال.

ان رجل الأعمال ان لم تكن لديه تقوى و أخلاق فانه قد يتحول الى شيطان يستخدم ماله للوصول الى مركز صنع القرار السياسي بهدف انتزاع تسهيلات غير مشروعة و تحقيق مصالح شخصية خارج اطار القانون لم يكن باستطاعته الحصول عليها الا من خلال تواجده في السلطة ، الأمر الذي يغيب عن أهل السياسة أن المردود المادي الذي يحصده رجل الأعمال و هو جاثم على كرسي المسؤولية  يفوق بكثير المقابل الذي يتقاضاه رجال السلطة السياسيين نظير التسهيلات التي يحصل عليها و من بينها اعفاء رجل الأعمال من دفع مستحقات كبيرة للدولة الذي يؤدي الى تعاظم ثرواته على حساب المواطنين الذين تثقل كاهلهم الضرائب و غلاء المعيشة و الخاسر في هذه الحالة هو الشعب الذي صوت لرجل الأعمال والمال في الوقت الذي نشاهد فيه نسبة البطالة في تزايد خاصة في صفوف الشباب الذين اختاروا الهجرة في اتجاه مجهول بدلا من العيش في الزلط والمزيرية ، و من الأمور الخطيرة هي عودة مسؤولين محكوم عليهم باختلاس أموال عمومية الى السلطة بدلا من ايداعهم في السجن ، بينما نشاهد في الدول الديمقراطية أن مجرد شبهة توجه الى مسؤول فانه ينسحب من الحياة السياسية الى الأبد كما فعل العديد من الشخصيات السياسية في أوروبا أمثال نيكولا ساركوزي و ألان جيبي  في فرنسا وغيرهم من السياسيين لكن في بلادنا فان السياسي المتهم باختلاس أموال الشعب يزداد تمسكا بكرسي المسؤولية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.