” المحامي الذي لا يستطيع الدفاع عن حقوقه لا يستطيع الدفاع عن حقوق غيره “

admin
كتاب واراء
admin22 يناير 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
” المحامي الذي لا يستطيع الدفاع عن حقوقه لا يستطيع الدفاع عن حقوق غيره “

ذ.حسوني قدور بن موسى

تظاهرالمحامون في فرنسا البالغ عددهم 70000 ينتمون الى 164 نقابة ضد نظام التقاعد الجديد الذي قررته الحكومة و يهدف الى رفع نسبة المساهمة في صندوق التقاعد الى الضعف أي من 14 % الى 28 %  رغم أن اكثر من 50  % من المحامين الفرنسيين البالغين سن 60 سنة يحصلون على تقاعد  قدره 17000 أورو في السنة  في حين يحصل المحامي المغربي المتقاعد على مبلغ هزيل قدره 15000 درهم في السنة أي 1300 درهم في الشهر، وقال المحامون :” لا يمكن ان ندفع اشراكات مالية مرتفعة من اجل الحصول على تقاعد هزيل”.    
 احتجاجات فريدة من نوعها  قام بها المحامون في فرنسا عبر إلقاء بذلهم السوداء أرضا احتجاجا منهم على إصلاح نظام التقاعد، كان ذلك  خلال زيارة وزيرة العدل لإحدى المحاكم، حيث ألقى العشرات من المحامين لباسهم المهني على الأرض في بداية خطاب الوزيرة التي تفاجأت لهذا الشكل الاحتجاجي الفريد، وهي تهم بإلقاء كلمة لها داخل المحكمة،إنها رسالة قوية ورمزية” يقول أحد المحامين الفرنسيين مضيفا أنها طريقة لإشعارالوزيرة بأن هذا الإصلاح لأنظمة التقاعد يقتل المحامين، يأتي هذا الاحتجاج ضمن سلسلة إضرابات نظمتها قطاعات واسعة من الفرنسيين ضد إصلاح  نظام المعاشات، وأعلنت الحكومة بإيعاز من رئيس الجمهورية استعدادها تقديم تنازلات فيما يخص المِهن الشاقة التي لا تسمح لأصحابها بالعمل فترة طويلة كغيرهم ، و ترفض معظم النقابات ” سن التوازن” الذي سيصل سنة 2027 إلى 64 سنة،علماً أن الحكومة و رئيس الدولة يؤكدان أن السن القانوني للتقاعد هو 62 سنة، وتدعم قوى اليسارالسياسي الإضراب و منها “الحزب الجديد المناهض للرأسمالية” و تطالب الحكومة بسحب هذا الإصلاح الذي يضر بمصالح كثير من الطبقات الاجتماعية و منها المحامين.

في سنة 2017  نظم المحامون التونسيون احتجاجات ضد مشروع قانون المالية الذي ينص على فرض ضريبة على كل المحامين تتراوح قيمتها بين 8 و 25 دولارا عن كل قضية يكلف بها المحامي، نظموا وقفات احتجاجية في محاكم تونس و أمام البرلمان ضد سياسة الوزير الأول يوسف الشاهد و أكدوا رفضهم القاطع لكل اجراءات جبائية تمس مبدا المساواة و مجانية التقاضي كما طالبوا باسقاط كل المواد التي تمس عمل المحامي أوالتضييق في مجال عمله و الكف عن استهداف المحاماة و محاولة تشويهها وانتصروا في معركتهم ضد سياسة الحكومة، أما في المغرب فان الأوضاع المأساوية للمحامين تزداد حدة عن طريق فرض ضرائب لا تتناسب مع طبيعة مهنة المحاماة مثل الضريبة على القيمة المضافة التي تخص التجار و بسبب تدهورالوضع المادي للمحامين أصبح معظمهم يسعى وراء الكسب باي طريقة و لا شأن لهم بكرامة المهنة اذ وصل بنا الانحطاط  واذلال المهنة الى مشاهدة أحد المحامين يبكي بالدموع على مسؤول قضائي كبيرانتقل الى مدينة أخرى، وعلى من يجب البكاء على حال المهنة أم على حال المحامين؟

كانت مهنة المحاماة عبرالتاريخ أمل الأمة في تحريرها من الاستعمار و العبودية و الاضطهاد والقمع، كانت دائما أداة للنضال يتطلع اليها الشعب لقيادته في ميادين كثيرة خارج نطاق عملها، وقديما كان أهل اليونان ينقسمون الى أحرار و عبيد وقد حرم القانون اليوناني مهنة المحاماة على العبيد والأرقاء لأن المحامي الذي لا يتمتع بالحرية و الشجاعة و الاستقلال و الكرامة لا يستطيع محاجة القاضي محاجة الند للند، المحاماة هي من الحماية والدعامة الأساسية لتحقيق العدل والإنسان في صراعه من أجل الحياة وبنضاله المستمر في درء الأخطارعن حياته وماله وحريته وكرامته وعرضه بحاجة إلى حماية، والمحاماة وجدت لحماية حقوق الناس والمحامي الضعيف لا يستطيع حماية الانسان الضعيف، و لقد شهد العالم عدد كبير من المحامين العظماء الذين تركوا بصمات على صفحات التاريخ  بنضالهم من اجل حرية شعوبهم أمثال المحامي ” نيلسون مانديلا ” الذي قضى 26 سنة في سجون النظام العنصري بجنوب افريقيا من أجل حرية شعبه، فقال أمام المحكمة العنصرية:”ان الحرية لا تقبل التجزئة لأن القيود التي تكبل شخصا واحدا في بلادي انما هي قيود تكبل أبناء وطني أجمعين” وكذلك المحامي” ماهاتما غاندي” الذي استطاع تحريرالهند من الاستعمارالأنجليزي واستعمل سلاح المقاطعة الاقتصادية فكان  يشرب حليب الماعز بدلا من شراء المنتوجات الانجليزية للضغط على الاستعمار للرحيل عن بلاده والمحامي المصري الكبير سعد زغلول الذي وجه انذارا الى حاكم مصر”الخديوي اسماعيل باشا ” من اجل الابتعاد عن التدخل في شؤون القضاء، لكن مع الأسف اصبح المحامي اليوم هو المضطهد ماديا و معنويا ليبقى القوت اليومي هو هدفه و همه، فأصبح مستهلكا لا منتجا و من اجل قوت عيشه يسعى الى تمويه الحقائق و قللب الوقائع، يقف أمام القاضي موقف الضعيف لا موقف المحامي الشجاع المستقل المدافع عن الحقيقة المنيرة لطريق العدالة.

قال العلامة الفقيه عبد الرزاق السنهوري: ” ليس من عمل المحامين قلب الثوابت أو تضليل الحقائق، فلا تشعر بالفخر كثيرا عندما توزع الرشاوى لكسب القضايا لأنك اصبحت مجرما بسبب مجرم فأنت اذن مثله لأنك تخسر ذاتك لتربح قضية، فالقضية رابحة و ستكون أنت الخاسر، أن تسرق حقوق زملائك المحامين و أن تنافسهم بصورة غير مشروعة فهذا أقرب للدناءة و أبعد ما يكون من الاخلاق الرفيعة التي هي أساس مهنتك و لا تكذب و قبل ذلك كن انسانا لتكن محاميا “.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.