الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب:المسخ اللغوي والميديا الشعبية..

admin
كتاب واراء
admin9 فبراير 2022آخر تحديث : منذ 3 سنوات
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب:المسخ اللغوي والميديا الشعبية..

عبد اللطيف مجدوب

كل وعالمه الأزرق

يكاد المرء وهو يلج فضاء عموميا، مقهى أو مرتفقا إداريا ما؛ ينتابه إحساس أنه صدفة موجود بين جماعة من الصم، لا يأبهون لما يجري حولهم من فرط انكبابهم أو بالأحرى التصاقهم بهواتفهم وانقطاعهم لها؛ همسات وتلونات في ملامح الوجه، وعيون جاحظة، هي كل ما يصدر عنهم، وحتى إذا ما لاقى أحدهم صديقا بالصدفة حياه ثم لا يلبث أن يعود إلى شرنقته وعالمه الأزرق، زائرا أو متسكعا أو عابرا لمواقع إلكترونية، لا يمكن بحال حصرها ولا تصنيفها، وإن كان وجود لأقطاب عملاقة تأوي المليارات منها كـ”فيسبوك” ((Facebook و”أنستغرام” (Instagram) و”يوتيوب” (YouTube) و”تويتر” (Twitter) و”واتساب” (WhatsApp) و”سكاب” (Skype)، و”تيك توك” (Tiktok)..

المغاربة والميديا الشعبية

كل الأبحاث والدراسات الميدانية منها والأكاديمية تؤشر على خطورة الميديا الشعبية Social Media أو وسائل التواصل الاجتماعي التي انتزعت الريادة من الميديا الرسمية والعامة، فأضحى لها تأثير عميق ومباشر على المجتمع بكل أطيافه وأعراقه، وبالنظر إلى هذه المكانة الاستقطابية (polarizing position) التي أصبحت تتبوأ في التواصل الاجتماعي؛ حاولت العديد من الأنظمة السياسية والحكومات في العديد من دول المعمور اختراقها بغية التحكم في مساراتها للحيلولة دون حشد جماهيري، لا سيما في المواسم الانتخابية أو تكسير جموح جماهير غاضبة في اتجاه أحداث ووقائع معينة.
ويمكن القول عموما إن هذه المواقع؛ على وفرتها وتنوعها؛ أضحت ملاذا سيكولوجيا واعتدادا بالذات لكل شخص؛ بغض النظر عن ثقافته وتموضعه داخل النسيج المجتمعي، ليجعل منها سندا لقضاياه وتفجيرا لخلجات نفسه، وفي آن واحد مصدر استشارة في ما يعتري حياته من قضايا ومواقف معقدة. فقد كان مغاربة الأمس مطوقين بعدة تقاليد اجتماعية وأسرية لينفك منها جيل اليوم ويتمرد عليها بوسيلة أو أخرى، فكثيرا من صور الطابوهات والممنوعات أصبحت متاحة دون قيود أو شروط؛ حتى إن “البورطابل” أصبح يشكل عقيدة في حياة الإنسان المغربي، ولا يمكن بحال الإقلاع عن عادة طرق هذه المواقع ورشف مزيد من الثقافات والتوجهات التي تروج لها تحت يافطة ما.

المسخ أو الابتذال اللغوي

العامية المغربية هي أكثر شيوعا في هذه المواقع الشعبوية؛ تعلق الأمر بـ”فيسبوك” أو “أنستغرام” أو “يوتيوب”.. لكنها عامية مبسترة تمتزج فيها الحروف اللاتينية بالأرقام أشبه ما تكون باللغة المشفرة (coded language) التي يقتصر تداولها على شريحة معينة، كانت تدعى في الماضي بـ”لغة الهوص” المبهمة، تختزل معاني عديدة؛ كأن تعبر عن لفافة دخان فتقول “مرتال”، أو شخص دخيل “بتحديد” أو شرطي سري “احناش” أما المال فيدعى في هذه اللغة المشفرة “اللعاقا”، أما اليوم فتحولت لغة الميديا والرسائل القصيرة إلى تركيبات بأحرف مكررة، فعلى سبيل المثال نجد “شكررررررا” للتعبير عن الشكر الزائد؛ يعفي صاحبه من جملة طويلة، ونفس المنحى بالنسبة لـ “لااااااا” للنفي المطلق أو “معندييييييش”، وقد نجد اللغة الإنجليزية هي الأخرى لم تسلم من هذه البسترة؛ كأن نلاحظ ” yess” للتعبير عن الموافقة المطلقة، أو “goaaaaal” بالنسبة للهدف؛ “thankyooooo” أو الشكر “هاااااا”؛ “احتراماتيييييي”؛ “ماباغييييش”، “Maeandi walooooo” ليس لدي شيء.

تبرع [tbarra3]

فراح [fra7]

سوق [sou9]

Rabbi ya7fedak

أستاذ [2stad]

عربي [3arbi]

طيارة [6yyara]

صعب [b93]
تنتشر هذه “اللغة” في تبادل الرسائل الإلكترونية القصيرة “Sms” وأحيانا تتجاوزها إلى خطابات مشفرة بين عناصر شبكة؛ تنشط داخل المواقع الإلكترونية، وقد تكون إرهابية إلكترونية Terrorism Electronic.

وفي الجملة، إن هذه اللغة أو بالأحرى هذه التراكيب الجامعة في مكوناتها بين الأحرف اللاتينية والأرقام، تعد ضربة في الصميم، سواء للفصحى أو لهجاتها، وهي تعمل في العمق على مسخ اللغة الأصل وتحريف أبنيتها، هذا فضلا عن الأعباء التي تشكلها للناشئة، وهم يتلمسون أوليات تعلم اللغات الرسمية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.