عبد اللطيف مجدوب
“الزعيم في الذكاء الاصطناعي سيحكم العالم!” – الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
أضحت الاستخبارات؛ بكل أوجهها البشعة وتشعباتها الميدانية والرقمية؛ برأي الخبراء الاستراتيجيين Strategists أشد الأسلحة فتكا ومضاء في قلب كل معادلة؛ أيا كان نسيجها، اقتصادية أو عسكرية أو مالية.. فالوصول إلى بنك المعلومات لدى هذه الدولة والكشف عن أسرارها؛ هو في حد ذاته يعتبر زِرّا نفيسا في يد الآخر، لإحداث هزة معلوماتية في أنظمة الخصم، وبالتالي التحكم أو تعطيل اقتصادياته وأداته الحربية، ويعني هذا فعالية تضافر عنصرين أساسيين: الجاسوسية وتوظيف معطياتها وصولا إلى مكامن القوة والضعف لدى الخصم، وأبعادها القصوى في مجالات حيوية، أبرزها المجالات الحربية العسكرية والسياسية والديبلوماسية.
إن القوى الاستخباراتية؛ وبهذا المعنى الشمولي؛ ظهرت غداة الحرب العالمية الأولى، بيد أنها شهدت تطورا عميقا في ركاب التوسع التكنولوجي واقتحامه الحياة العامة، لا سيما في الإدارة والمحاسبة والرقمنة بشكل عام Digital، ولها أدوات عديدة، منها:
– الدبلوماسية التجسسيةSpy diplomacy وتتولاها عادة نساء فاتنات يمتلكن قدرات خاصة للإيقاع بأشخاص مهمين؛
– العمالة وهي دس أشخاص داخل قطاعات حيوية بالمؤسسات الحكومية؛ يشتغلون لحساب قوة معادية، وهذا الصنف توظفه إسرائيل على نطاق واسع في نزاعها مع الفلسطينيين؛
– القدرة السبرنيتية: وهي أخطر الأدوات لخصوصياتها في اختراق المواقع الحيوية، ومن ثمة الوصول إلى معلومات على جانب كبير من الحيوية والخطورة.. للتحكم في معطياتها ورسائلها المشفرة، منها اختراق حسابات مصرفية دولية، ومنظومات تجميع الأصوات الانتخابية لإعادة توجيه مساراتها.
الأقمار التجسسية الاستخباراتية (Spy satellites)
“القمر الصناعي في المدار؛ يستخدم في مراقبة دولة معادية، أو تشكيلات عسكرية من الفضاء؛ تقوم أجهزة التصوير بالرادار المأخوذة من أقمار التجسس بمسح سطح جغرافي معين..”، وفي هذا السياق؛ وفي إطار التخفي والانفلات من المراقبة القمرية satellitic عملت بعض الدول على تطوير أقمارها بابتكار آليات تكنولوجية معقدة للتجسس على الخصم، بقصد الاطلاع وبالتالي توجيه ضربات استباقية، أو تغذية بنك المعطيات Data Bank بمعلومات حيوية؛ قابلة للاختراق والتعطيل.
الاستخبارات السياسية والعسكرية
تعد الحرب السبرنتيكية المواكبة للنزاعات السياسية والعسكرية، أشد الأدوات الاستخباراتية إيلاما وخطورة، لما لها من أبعاد على اتخاذ القرارات الاستراتيجية؛ سياسية كانت أو عسكرية، فقد يجد الخصم (حلفا؛ دولة؛ شركة..) مُخترقا، وباتت كل أسراره مكشوفة للآخر؛ يوظفها كيف يشاء؛ يحولها إما لصالح هذا الخصم أو ضده، وأقرب الأمثلة في هذا الاتجاه الحملات الانتخابية عموما، كما شهده العالم غداة انتخابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سباقه مع المترشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والتي كان يديرها في الخفاء القراصنة الروس، ثم هناك الحروب العسكرية والتي يتم اختراق منظوماتها والنفوذ إلى بنك معطياتها، وبالتالي شلها تماما وتخريب” قنوات الاتصال بأجهزتها، أو باختراق وصْلات شرائحها الإلكترونية، ليبدو دماغ المنظومة مشلولا غير قادر على إحداث الشرارات الحرارية اللازمة.
تأجيج الصراعات
كان ومازال التجسس بمفهومه الواسع أكبر عوامل التنافسية والسباق في مضمار معين، كالاقتصاد مثلا، بغية الوصول إلى الريادة في الأسواق، فالمنتوج الصيني؛ في الظرفية الراهنة؛ عصيّ عن المنافسة والسباق من طرف دولة أخرى، لأنها دائما تتكتم عن تقنياتها التكنولوجية المستخدمة في دعم اقتصادياتها، ولا تقبل بالتعاون التكنولوجي مع أيّ كان، حتى تحتفظ لنفسها بالريادة في غزو الأسواق وبسط هيمنتها الاقتصادية العالمية، ما خلق لها أعداء يسعون بكل الوسائل إلى تقويض إنتاجيتها، وعلى رأس هؤلاء أمريكا التي تنظر إلى الصين على أكبر تهديد يستهدف ثقافتها ووجودها.