الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : حينما تنفرد سلطة المال بالضمير الإنساني!

admin
كتاب واراء
admin9 مارس 2024آخر تحديث : منذ 9 أشهر
الأستاذ عبد اللطيف مجدوب يكتب : حينما تنفرد سلطة المال بالضمير الإنساني!

عبد اللطيف مجدوب

اليوم العالمي للضمير

جاء في الوثائق المتداولة داخل أروقة الأمم المتحدة أن مفهوم “الضمير الإنساني” (Human conscience)، القدرة-بمعناها الأخلاقي-المتأصلة لدى كل إنسان سليم على إدراك الصواب والخطأ، وبقوة هذا التصور، [يكون] قادرا على التحكم في أفعاله ومراقبتها وتقييمها وتنفيذها”.

ونعلم جيداً أن عديدا من المنظمات الإنسانية ولدت من رحم ويلات الحروب، على رأسها الحرب العالمية الأولى والثانية، والتي ما زال الضمير الإنساني يتحسس آلامها، عبر صور الدمار والقتل التي أتت على مدن وأرياف جرفتها نيران الحروب، فأمست أثرا بعد عين، وإدراكا من الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة ” تهيئة ظروف الاستقرار والرفاه وإقامة علاقة سلمية وودية، على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب العرق والجنس أو اللغة”، ولتذكير الإنسان بروح السلام والوئام، بادرت هذه الجمعية إلى استصدار القرار 73/329 باتخاذ يوم 5 أبريل من كل عام يوماً عالميا للضمير الإنساني.

ثم جاءت اليوم حرب غزة بفصولها الدموية غير المسبوقة لتطرح بشدة سؤال: أين الضمير الإنساني من هذه الجرائم الوحشية التي ترتكب على مدى أكثر من خمسة أشهر في حق شعب أعزل؟ وهل هذا الضمير أصيب بالخرس؟ وهل تتوقف مسؤوليته فقط عند كلمة “لا لقتل المدنيين أم يتجاوزها إلى تعبئة وسائل الدعم الإغاثي لهؤلاء الفلسطينيين المحاصرين أم له القدرة على كبح جماح الإبادة الجماعية والتهجير وبالتالي الوصول إلى “وقف الحرب”؟

لاحظنا صورا جانبية من “الضمير الإنساني الجمعي”؛ تتمثل في تظاهرات لاحتجاجات ألفية مما يجري في غزة جابت كبريات العواصم الدولية، بالرغم مما واجهته من أشكال العراقيل والاصطدامات من قبل السلطات المحلية، وهنا يطرح سؤال ولو أنه بليد في رمزيته: ما مدى سلطة ونفوذ دور إسرائيل في فلك السياسة الدولية؟ هل هي المسؤولة الوحيدة فقط عن ارتكاب هذه الجرائم الوحشية في غزة؟ فلقد تكشف للعالم عبر تقارير استخباراتية لم تعد سرية أن قوات عسكرية بجنسيات مختلفة، معظمها أوروبية، تتواجد بجوار القوات العسكرية الإسرائيلية الأم بغزة، كنوع من المؤازرة والدعم لإسرائيل في مشروع الإبادة Genocide & Starvation والتجويع، ومن سخرية القدر وجود تصريحات لحكوماتها بضرورة “الوقف الفوري القتال”، بيد أنها في الوقت ذاته، ومن وراء الستار، تذبح وتقتل وتشرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين!

سلطة المال والضمير الإنساني

وغني عن الإشارة إلى أن الكتل الاقتصادية الكبرى في العالم ترعاها رساميل لوبيات يهودية، تتحكم في ثروات العالم، فضلاً عن هيمنتها على مراكز البحوث والتسويق وعقد الصفقات، وما أمريكا إلا يد مسخرة في قبضة اللوبي اليهودي العالمي، لا تتحرك إلا بإيعاز منه وأخذ مشورته، وقد مضت تجربة “أزمة اقتصادية” في عهد الرئيس الأمريكي أوباما، فقط للتدليل على أن كبريات المؤسسات المالية الدولية بيديه، بدءا بصندوق النقد الدولي، والبنك العالمي… وأنه يدين بآلاف المليارات من الدولارات من الديون المترتبة على معظم دول العالم، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا…، وهذا يعني في القاموس الاقتصادي أن اليهود/إسرائيل هي السيدة الأولى التي تتربع على عروش موارد واقتصاديات العالم، وتعتبر الآخرين مجرد “خدم”، كما تتحدث تعاليم “التلمود” في أكثر من فقرة، ومن هذا المنظور يصح القول بأن مفهوم الضمير الإنساني في العقيدة الإسرائيلية هو شخص أخرس وفقير، ما دام معدوما من السند المالي والاقتصادي، ولعل هذا هو السر الأكبر وراء لا مبالاتها بالنداءات والضغوطات الدولية لفك حصارها على غزة.

وقود حرب غزة

منذ انفجار الشرارة الأولى لطوفان الأقصى، أو بالأحرى “إبادة غزة”، سارع دهاقنة إسرائيل إلى لفت انتباه العالم إلى أنهم يخوضون حربا “مقدسة”، نيابة عن العالم الحر أجمع، أسموها بعدئذ حرب “صيانة للحضارة الغربية”، ثم ما لبثوا أن دعموا توجههم هذا بربطه بحادث 11 سبتمبر، والإرهاب “الإسلامي” الذي ضرب في عدة مناطق من العالم، لا سيما في أوروبا، فربطوا بين طوفان الأقصى والإسلاموفوبيا و11 سبتمبر ليخلصوا إلى أنها محطات على خط متصل بالإرهاب، ورأوا أن حربهم في غزة وبجبهاتها الثلاث، تمثل مشروعا لاجتثاث كل جذور “الإرهاب” وتحرير المنطقة من ينابيع المقاومة، وصولا إلى تحقيق الحلم بإقامة “إسرائيل الكبرى “، بيد أن هذا “الحلم” مازالت تراه بعيدا، ما لم تستفرد بإيران، بوصفها “رأس الأفعى”، التي تغذي المقاومة بكل أشكال الدعم، للحيلولة دون وصولها إلى بسط نفوذها وهيمنتها على الشرق الأوسط.

Description : https://kech24.com/core/views/7ed14117d8/images/whats.svg
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.