الإقالة المفاجئة لبن عبدالرحمن تكشف اضطرابا وتخبّطا في سياسات تبون

admin
مغاربية
admin13 نوفمبر 2023آخر تحديث : منذ 6 أشهر
الإقالة المفاجئة لبن عبدالرحمن تكشف اضطرابا وتخبّطا في سياسات تبون

أفادت صحيفة “العرب” اللندنية، أن الجزائر تعيش على وقع إقالات وتعيينات منذ سبتمبر 2022 وصولا إلى إقالة الوزير الأول (رئيس الحكومة) أيمن بن عبدالرحمان أمس السبت كأحدث إجراء يشير إلى محاولات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ضبط إيقاع العمل الحكومي.

ويكشف تواتر الإقالات في ظرف يعتبر وجيزا حالة الاضطراب السياسي ومزاجيات ترسم حالة من عدم الاستقرار في الفريق الحكومي الذي يفترض أنه مكلف بإدارة الشأن العام في فلك الرئيس لا في فلك رئيس الحكومة الذي هو بدوره محدود الصلاحيات.

وتسلط الإقالة المفاجئة لأيمن بن عبدالرحمن الضوء أيضا على ما يصفه متابعون للشأن الجزائري بصراع بين الأجنحة داخل السلطة منذ تولي تبون الرئاسة في 2019 وإلى محاولة أيضا من قبل الأخير لتحصين موقعه استعدادا للانتخابات الرئاسية القادمة بينما لم يعلن بعد ترشحه رسميا للسباق.

والتحق أيمن بن عبدالرحمن بقائمة الوزراء السابقين وكان قد قاد الحكومة ما بين 30 يونيو 2021، تاريخ تكليفه من قبل تبون كأول حكومة بعد تشريعية 12 يونيو 2021 خلفا لعبدالعزيز جراد (2019/2021).

وكان تبون قد عين جراد رئيسا للحكومة خلفا لسلفه صبري بوقادوم الذي تولى إدارة الحكومة بالنيابة.

وأجرى الرئيس الجزائري منذ توليه السلطة عدة تعديلات وزارية بعضها واسع وبعضها محدود، منها تعديل محدود في سبتمبر 2022 إذ عين إبراهيم مراد وزيرا جديدا للداخلية، خلفا للوزير السابق كمال بلجود الذي أصبح وزيرا للنقل. وذكر بيان للرئاسة الجزائرية حينها أن الرئيس عين عبدالحق سايحي وزيرا للصحة ولخضر رخروخ وزيرا للأشغال العمومية والري والمنشآت القاعدية، فيما احتفظ وقتها وزراء الخارجية والعدل والطاقة والمال بحقائبهم الحالية.

ومنها تعديلات في مارس الماضي طالت 11 وزارة من أصل 30، أهمها الخارجية والمالية والتجارة، مع استحداث وزارة جديدة.

ولم تتضح الأسباب التي دفعت الرئيس الجزائري إلى إعفاء مفاجئ لرئيس الحكومة بن عبدالرحمن وتعيين مدير ديوان الرئاسة نذير العرباوي خلفا له، بينما كان من المتوقع أن تكون هناك تعديلات وزارية عميقة تشمل استبدال عدة وزراء سبق لتبون أن اتهمهم بالتقصير وعدم القيام بمسؤولياتهم دون أن يذكرهم بالاسم.

ولم يكن اسم أيمن بن عبدالرحمن مطروحا ولم يصدر عنه ما يثير غضب الرئيس الذي يبدي امتعاضا على أكثر من مستوى في سير العمل الحكومي.

ولم يتم تعيين رئيس الحكومة المقال في أي منصب حكومي آخر لكن من غير المستبعد أن يتم في توقيت معين تعيينه في منصب استشاري ما لم يكن من المغضوب عليهم وربما أيضا يقود فريق الحملة الانتخابية الرئاسية لتبون الذي لم يعلن بعد ترشحه رسميا لولاية رئاسية ثانية لكن كل المؤشرات تشير إلى ترتيبات في هذا الاتجاه.  

ويبدو سيناريو الإقالة وإن اختلف في تفاصيله وتوقيتاته وظروفه يبدو مشابها لإقالة وزير الخارجية السابق رمطان العمامرة وهي الإقالة التي سبقتها إشارات أعطت انطباعا بأن هناك ترتيبات معينة على رأس الدبلوماسية الجزائرية من بينها تغييب لأشهر وتجاهل رسمي للدبلوماسي السابق المخضرم.

لكن العمامرة كان من المعضوب عليهم بسبب ما اعتبر أداء ضعيفا للدبلوماسية الجزائرية، فيما تردد وقتها أنه قد يكون منافسا محتملا لتبون في انتخابات الرئاسة.

وتعمل دوائر الرئاسة على إزاحة المنافسين المحتملين لتبون في الانتخابات الرئاسية القادمة ومن ضمنهم وزير الخارجية الأسبق صبري بوقادوم الذي عيّن سفيرا لدى الولايات المتحدة في خطوة اعتبرتها مصادر محلية محاولة لإبعاد الرجل عن سباق الرئاسة.

وتردد اسم بوقادوم كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة وإن لم يصدر عنه ما يشير إلى ذلك لكن قرار تعيين سفيرا لدى واشنطن أحيى هذه الفرضية.

وكانت إقالة العمامرة في خضم صراع أجنحة في دائرة الحكم ودفع بأقطاب الرئاسة للهيمنة على العمل الحكومي. وقد لا تخرج إقالة أيمن بن عبدالرحمن المفاجئة عن سياق صراع الأجنحة بين أقطاب السلطة والدفع بأقطاب من الرئاسة في دوائر إدارة الشأن العام لتعزيز وتحصين موقع الرئيس تبون الذي بدأ مبكرا في التحضير للاستحقاق الانتخابي.

وما يعزز هذا الرأي هو أن اختيار تبون وقع على مدير ديوانه نذير العرباوي دون سواه لخلافة رئيس الحكومة المقال دون سابق إنذار قبل عام من موعد الانتخابات الرئاسية.

وأثارت الإقالة المفاجئة لأيمن عبدالرحمان أسئلة كثيرة بينما لم يكن اسمه مطروحا ضمن قائمة التغييرات الوزارية ولم يكن هناك ما يشير إلى امتعاض الرئيس من ادائه وقد كان واضحا في توجيه انتقاداته لوزراء بعينهم.

ويتمتع الوزير الأول في الجزائر بصلاحيات محدودة مقارنة بصلاحيات رئيس الدولة الذي يتولى بنفسه تعيين وإقالة الوزراء والمسؤولين بما يجعل الحكومة التي تدير شؤون البلاد حكومة الرئيس.

وقالت الرئاسة الجزائرية أمس السبت في بيان “عيّن رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون، السيد نذير العرباوي وزيرا أول، خلفا للسيد أيمن بن عبدالرحمان الذي أنهيت مهامه”.

ويأتي تعيين العرباوي (74 عاما) وهو دبلوماسي خبير ومقرب من تبون (77 عاما) في هذا المنصب قبل عام من موعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ديسمبر/كانون الأول 2024، فيما لم يعلن الرئيس الجزائري بعد ما إذا كان يعتزم الترشح لولاية ثانية أم لا.

ولم توضح الرئاسة الجزائرية أسباب إعفاء أيمن بن عبدالرحمن من رئاسة الوزراء التي يتولاها منذ يونيو/حزيران 2021، لكن الموقع الإخباري المحلي “أنترلين” قال إن “تغييرا وزاريا كان مرتقبا منذ فترة”.

وذكر موقع “كل شيء عن الجزائر” الناطق بالفرنسية أن هذا التغيير جاء “بعد عدة انتقادات” عبر عنها الرئيس علنا حول “التعامل مع مشاكل مرتبطة بتوفير مواد غذائية، وتنفيذ بعض القرارات الرئاسية”.

وقبل شهر، أعاد تبون تنظيم مصالح الرئاسة بتعيين عدة مستشارين عهد إليهم على الخصوص بمهمة “تتبع والمشاركة في تنفيذ برنامج وتوجهات وقرارات الرئيس”، الأمر الذي اعتبر مؤشرا واضحا على عدم رضاه عن أداء الحكومة.

وكلف هؤلاء المستشارون بـ”تتبع كل الأنشطة الحكومية” وكافة “المسائل الاقتصادية والسياسية والمؤسساتية والدبلوماسية”.

وقضى العرباوي فترة طويلة في العمل الدبلوماسي وعمل سفيرا في عدة بلدان وتولى منصب مندوب الجزائر في الأمم المتحدة، قبل أن يعين مديرا لديوان الرئيس في مارس 2023.

والوضع بتجلياته الراهنة يعزز حالة التوترات الداخلية وثقة مهزوزة بين أركان السلطة التنفيذية، إذ لم يعد الوزراء المكلفون مطمئنين لبقائهم في مناصبهم وهو ما يؤثر حتما على خططهم وبرامجهم.

ولم تشهد الجزائر حالة استقرار سياسي بسبب تواتر الحكومات منذ 2013 دون نتائج تذكر على مستوى برامج التنمية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.