عبد اللطيف مجدوب
الحجر الصحي يكشف المستور
كشف وباء “كوفيد ـ 19” عن أنماط عديدة تعيشها الأسر المغربية، إذ جاءت الإجراءات الاحترازية بلزوم الدور وعدم الخروج والاختلاط لتعريتها رأسا على عقب، وتسلط الضوء على مقدار المعاناة التي تلاقيها، جراء نفاد القوت اليومي والعجز عن تسديد الرسوم الشهرية (كراء؛ كهرماء، طوارئ…).
وقد لاحظنا جميعا عبر وسائل “الميديا الشعبية” انفلاتات أمنية متفرقة عرفتها بعض المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية، إذ خرج أهاليها، في التحام جماهيري، زرافات ووحدانا، يكبرون تارة ويحتجون تارة أخرى، غير مبالين بصفارات الإنذار وأوامر أعوان السلطة بلزوم مقرات سكنهم والاستجابة لإجراءات الوقاية الصحية من الفيروس الذي لا ترحم طاحونته أحدا. لكن لم يخطر للسلطات الأمنية عامل الجوع والعوز الذي استشعره هؤلاء ودفع بهم إلى خرق إجراء حظر التجول والحجر الصحي الذي فرضته الحماية من تداعيات الفيروس الخبيث.
مبادرات إنسانية و”قفة كورونا”!
في غمرة التهافت على اقتناء وتخزين المواد الغذائية، سارعت بعض الجمعيات والوداديات الإحسانية وبعض ذوي الأريحية الإنسانية إلى إفراد أسر ضعيفة الدخل بمستلزمات صحية وأغذية وأفرشة؛ يبقى استهلاكها محدود الآجال، بينما أسر أخرى محدودة الدخل، أو تعتاش على تقديم خدمات يومية؛ توقفت مواردها في ظل الشلل الاقتصادي الذي ضرب عديد القطاعات الاجتماعية، كأرباب سيارات الأجرة وعمال المقاهي والمطاعم، وكذا القطاعات الاقتصادية غير المهيكلة، مثل عمال الأسواق المحلية و”الفراشة” منهم تحديدا.
تظل هذه الشرائح منسية حتى الآن، تعاني في صمت، وقد تترتب عنها ـ عند استنفاد كل مدخراتها ـ نتائج وخيمة ستضطرها، بطريقة أو أخرى، إلى محاولة تكسير الحجر الصحي والخروج للبحث عن إيجاد قوت لها، مهما كانت مشروعية أو لامشروعية وسائلها وتبعاتها.
الحكومة ملزمة باتخاذ تدابير استثنائية عاجلة
إن استمرار هذه الضائقة الاقتصادية لينذر في المدى القريب بانفجار اجتماعي يخص أوساط الأسر المعوزة، يمكن أن يدوس كل الإجراءات ذات الصلة بحالة الطوارئ الصحية، ما يستلزم تدخلا عاجلا للحكومة، باستصدار رزمة من التدابير الحمائية لصالح الأسر الأكثر تضررا، يمكن الإتيان على بعضها:
* الإعفاء من أداء رسوم الاستهلاك الكهرمائي لأجل ثلاثة أشهر؛ يمكن اعتبارها مساهمة للمكتب الوطني للماء والكهرباء في الصندوق الوطني لمكافحة فيروس كورونا.
* الإعفاء من تسديد الوجيبة الكرائية الشهرية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، تعد إسهاما من قبل الملاكين وأصحاب العقارات في الصندوق الوطني لمكافحة فيروس كورونا.
* كما يلزم إخضاع مبادرة “قفة كورونا” التي سارعت إلى توزيعها بعض الجهات، والمنتخبون منها خاصة، لتنسيق تام مع السلطات المحلية، تحاشيا لكل التبعات اللاصحية.
* باتت الحاجة ماسة إلى إلحاق فئات واسعة من العمال المياومين العاملين بالمرافق الاجتماعية (فنادق، مطاعم، مقاهي، قطاع النقل الحضري..) بصندوق الضمان الاجتماعي، مع استفادتهم من مرتبات شهرية لا تقل عن 80% من أجورهم الشهرية من طرف مشغليهم؛ تعد كمساهمة منهم في الصندوق الوطني لمكافحة فيروس “كورونا” .