المحامي القوي لا يحتاج الى من يحمي حقوقه ..

admin
كتاب واراء
admin8 نوفمبر 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
المحامي القوي لا يحتاج الى من يحمي حقوقه ..

حسوني قدور بن موسى

المحامي بهيأة وجدة    

  قديما كان أهل اليونان ينقسمون الى أحرار وعبيد وقد حرم القانون اليوناني مهنة المحاماة على العبيد لأن العبيد في ذلك الزمان كانوا ضعفاء الشخصية لا يستطيعون محاجة القاضي محاجة الند للند ولأن كلمة محام مشتقة من كلمة الحماية والمحامي الضعيف لا يستطيع حماية الانسان الضعيف الذي يتعرض للظلم و القمع والاضطهاد ولهذا فان المحامي الذي ينتظر من وزيرالعدل الدفاع عن مصالحه و حقوقه لا يدرك قيمة وعظمة البذلة التي يرتديها والتي يدل لونها الأسود على حزن المحامي على غياب العدالة فوق هذه الأرض.

و في هذا الصدد لا بد من التذكير بالاضراب العام النضالي الذي قام به المحامون في فرنسا البالغ عددهم 70000 والمنتمون الى 164 نقابة ضد نظام التقاعد الجديد الذي قررته الحكومة و يهدف الى رفع نسبة المساهمة في صندوق التقاعد الى الضعف أي من 14 في المائة الى 28 في المائة رغم أن أكثر من نصف المحامين الفرنسيين البالغين سن 60 سنة يحصلون على تقاعد قدره 17000 أورو في السنة في حين يحصل المحامي المغربي المتقاعد في سن 60 سنة على مبلغ هزيل جدا قدره 15000 درهم في السنة أي 1300 درهم في الشهر. قال المحامون في فرنسا ” لا يمكن أن ندفع اشتراكات مالية مرتفعة من أجل الحصول على تقاعد هزيل “

كانت احتجاجات فريدة من نوعها قام بها المحامون في فرنسا عبر القاء بذلاتهم السوداء على الأرض احتجاجا على اصلاح نظام التقاعد الذي لم يكن في مصلحتهم و كان ذلك خلال زيارة وزيرة العدل لاحدى المحاكم حيث ألقى العشرات من المحامين المتظاهرين بذلاتهم المهنية السوداء على الأرض في بداية خطاب الوزيرة التي فوجئت بهذا الشكل الاحتجاجي الفريد من نوعه وهي تهم بالقاء كلمة لها داخل المحكمة ” انها رسالة قوية ورمزية ” يقول أحد المحامين الفرنسيين مضيفا بأنها طريقة لاشعارالوزيرة بأن اصلاح أنظمة التقاعد يقتل المحامين، وأضاف قائلا : ” اذا كانت هذه البذلة لا تستطيع الدفاع عن حقوقي  فكيف يا ترى تستطيع الدفاع عن حقوق المواطنين الضعفاء ” وعندما زار الرئيس الفرنسي ” ماكرون” مدينة “دانكارك ” في شمال فرنسا استقبله المحامون وعلى رأسهم النقيب الذي وجه اليه كلمة شديدة اللهجة واتهمه بمحاولة افقار المحامين مؤكدا أنه اذا كان المحامي رجل القانون غير قادرعلى الدفاع عن حقوقه فكيف يا ترى يستطيع المواطن العادي الحصول على حقوقه ، بينما قال أحد النقباء الأثرياء في بلادنا : ” حشومة على المحامي الذي لا يؤدي الضرائب ” متجاهلا أن الذين يؤدون الضرائب في المغرب هم من الطبقة المتوسطة و الفقيرة. 

 كانت احتجاجات المحامين في فرنسا ضمن سلسلة اضرابات نظمتها قطاعات واسعة من الفرنسيين ضد اصلاح نظام المعاشات وعلى اثر تلك الاحتجاجات أعلنت الحكومة بأمر من رئيس الجمهورية استعدادها لتقديم تنازلات في ما يخص المهن الشاقة التي لا تسمخ لأصحابها بالعمل فترة طويلة كغيرهم. وترفض معظم النقابات سن التوازن الذي سيصل سنة 2027 الى 64  سنة علما أن الحكومة و رئيس الجمهورية يؤكدان على أن السن القانونية للتقاعد هو 62 سنة.  و في سنة 2017 نظم المحامون في تونس احتجاجات ضد مشروع قانون المالية الذي ينص على فرض ضريبة على كل المحامين تتراوح قيمتها بين 8 و 25 دولارعن كل قضية يكلف بها المحامي و قد نظموا احتجاجات في محاكم تونس و أمام البرلمان ضد سياسة الوزيرالأول يوسف الشاهد وأكدوا رفضهم القاطع لكل الاجراءات الجبائية التي تضرب مستواهم المعيشي و تمس مبدأ المساواة و مجانية التقاضي كما طالبوا باسقاط كل المواد التي تمس عمل المحامي أو التضييق في مجال عمله و الكف عن استهداف مهنة المحاماة و محاولة تشويهها و انتصروا أخيرا  في معركتهم ضد سياسة الحكومة.أما في المغرب فان المحامين لا يحركون ساكنا ضد الأوضاع المأساوية التي تعيشها المهنة والتي  تزداد سوءا يوما عن يوم بسبب مشاكل عديدة وأهمها الضرائب غير العادلة المفروضة عليهم التي تثقل كاهلهم و التي لا تتناسب مع طبيعة مهنة المحاماة و منها الضريبة على ” القيمة المضافة ” التي تخص التجار اذ استطاع العدول و الأطباء و منهم أطباء الأسنان الحصول على الاعفاء منها هذا فضلا عن تزايد عدد المحامين كل سنة الذي يستوجب التفكير في ايجاد حلول لها ومنها احداث معهد خاص لتكوين المحامين المتمرنين على غرار مدرسة  تكوين المحامين في فرنسا.

كانت مهنة المحاماة عبرالتاريخ أمل الأمة في تحريرها من العبودية والاضطهاد والقمع فكانت أداة للنضال يتطلع اليها الشعب لقيادته و شهد العالم عددا كبيرا من المحامين العظماء الذين تركوا بصمات على صفحات التاريخ بنضالهم من أجل حرية شعوبهم أمثال محامي شعب جنوب افريقيا “نيلسون مانديلا” الذي خاطب المحكمة العنصرية قائلا لها : ” ان الحرية لا تقبل التجزئة لأن القيود التي تكبل شخصا واحدا في بلادي انها قيود تكبل أبناء وطني أجمعين”، و كذلك المحامي “ماهاتما غاندي” الذي استطاع تحريرالهند من الاستعمارالانجليزي  كان يشرب حليب الماعز بدلا من شراء حليب المستعمر، والمحامي المصري الكبير سعد زغلول الذي واجه حاكم مصرالخديوي اسماعيل باشا وطلب منه الابتعاد عن التدخل في شؤون مهنة المحاماة والقضاء، لكن للأسف أصبح المحامي اليوم هوالمضطهد فيبقى الجانب المادي هو هدفه وهمه الوحيد و من أجل قوت عيشه  يقف أمام القاضي موقف الضعيف لا موقف محامي العزة و الكرامة الشهم الشجاع المدافع عن العدالة والحق ضد الظلم والطغيان.

 الشيء الذي لا يليق بسمعة المحاماة هو سماع أصوات بعض  المحامين في بلادنا يكيلون التهاني والتبريك والمدح والمديح والتبجيل والتعظيم لبعض المسؤولين الجدد يأملون منهم الدفاع عن حقوق ومصالح مهنة المحاماة وهم يجهلون أن المحامي ينتزع حقوقه بيده كما فعل المحامون المناضلين في فرنسا و تونس …

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.