عبد اللطيف مجدوب
المواطنة الرقمية
في إطار المؤتمر الدولي الثالث للمواطنة الرقمية الذي انعقد بسان سيبستيان، إسبانيا، يوم 8 مايو الماضي، جرت مناقشة عبر مائدة مستديرة حول استخدام الهاتف الذكي في تعليم المراهقين، وما إذا كانت هذه الوسيلة التكنولوجية المتطورة ذات فوائد أو تهديدات بالنسبة لليافعين، بالرغم من وجود اتجاه سائد بوجوب منع استخدام الهواتف المحمولة داخل الفصول الدراسية. لكن بالنظر إلى أدوار هذه التكنولوجيات في حياتنا اليومية، اعترفت منظمات دولية عديدة بتكنولوجيا الاتصالات المعلوماتية كأداة فعالة في قطاعات التعليم المختلفة.
تطوير الهواتف الذكية وقطاع الشباب
بعد دراسات وأبحاث مستفيضة، مدعمة باستطلاعات ميدانية، توصلت كبريات الشركات المنتجة للهواتف الذكية، مثل “آيفون”، “إلج” و”سامسونغ”، إلى أن الشباب هو أكثر القطاعات الاجتماعية إقبالا على استهلاك منتجاتها، ومن ثم عملت على تطوير وتحديث تكنولوجيا الهواتف الذكية، مما يستجيب لحاجيات وأهواء الشباب، وخاصة المراهقين، كتجويد الكاميرات والصورة، وإخضاع أشرطة الفيديو إلى تقنيات وخصوصيات أكثر تطورا، علاوة على التحكم في خاصيات الصوت ورناته، إلى جانب إمكانية هائلة للنشر والتخزين، مع العمل على تمديد عمر البطارية وشحنها إلى زمن قياسي.
المؤسسات التعليمية وسن المراهقة
بالنظر إلى مرحلة المراهقة، وما تشكله من آثار وأبعاد على حياة الشباب والمراهقين، طورت العديد من المؤسسات التربوية برانم (Softwares) تربوية تتوافق مع هذه المرحلة من العمر المتسمة عموما بالاندفاعية وبروز الأنا، والميل إلى الرومانسية الحالمة، وبتشكل المعالم الرئيسة لشخصية المراهق.
تسري هذه البرانم على كل من الكتاب المدرسي وتقنيات التواصل السمعي البصري (Audio Visual)، في اتجاه جعلها أدوات رافعة للعملية التعليمية التعلمية، ومركزا لشخصية التلميذ(ة)/المراهق(ة) واهتماماته.
حظر ولوج “البورطابل” إلى المؤسسات التعليمية
المشرع التربوي المغربي، ومن خلال المذكرات والدوريات التربوية التي يصدرها، ينظر إلى “مرحلة المراهقة” في المؤسسات التعليمية وكأنها مرحلة “أزمة” يعبر منها التلميذ(ة)/المراهق(ة)، المتسمة بسمات العنف والغضب وثورانه في وجه كل ما هو تقليدي مألوف.
لذلك، أصدر مذكرات وتعليمات تلو أخرى بوجوب كبح جماح “المراهق الثائر”، ومصادرة كل آلياته المستعملة داخل المؤسسات التعليمية في التصوير والاستماع والاتصال، ويأتي على رأسها الهاتف الذكي… لكن بعد حين أصبح هذا الكم الهائل من التشريعات الحظرية والزجرية (مذكرات ودوريات… وزارية) مجرد حبر على ورق، فتعاطي التلاميذ لهواتفهم الذكية داخل المؤسسات ربما زادت وتيرته أكثر من ذي قبل، أو بالأحرى بعد وجوب حظرها، وهكذا تتحول بعض الحصص الدراسية وفترات الاستراحة البينية ـ داخل المؤسسات التعليمية ـ إلى معرض لتبادل مواد الهواتف بين التلاميذ أو نشرها، وهي بالكاد مقطوعة الصلة بمواد ومواضيع الحصص الدراسية المقررة لديهم.
التعلم المحمول (P-Learning)
التعلم المحمول، أو التعلم بواسطة الهاتف المحمول، (Portable Learning)، يعني التعلم في سياقات متعددة، من خلال التفاعل الاجتماعي باستخدام الأجهزة الإلكترونية الشخصية. هذا الاتجاه في التربية والتعلم جاء ثمرة لدراسات وأبحاث ميدانية أجريت على عينات من التلاميذ والطلبة في علاقاتهم بالأجهزة الرقمية الصغيرة كالهواتف الذكية والألواح الإلكترونية. ومن ثم، تم بناء برانم خاصة، ودعوة هؤلاء التلاميذ للتفاعل معها، من خلال شبكة من الفحوصات والروائز (Tests) لقياس مدى درجات المهارات والتعلمات التي يكونوا قد اكتسبوها، وبالتالي إيجاد معامل التعلم لديهم بخصوص مادة تعليمية معينة، سواء في اللغة أو فن الرسم.
مدارسنا والهواتف…
مناهجنا التعليمية حاليا، واقتصارا على مرحلة التعليم الأساسي، ما زالت في معظمها مشدودة إلى الوسائل التقليدية كالكتاب المدرسي والسبورة والكراسة وطرفي العملية التعليمية التعلمية، الأستاذ والتلميذ، في حين إن هناك تحديا تكنولوجيا ما زال قائما في وجه مؤسساتنا التعليمية، يتمثل في هيمنة التكنولوجيات الحديثة على حياتنا اليومية، وغزوها للأسر المغربية على مختلف طبقاتها، تتجلى في تعاملنا اليومي مع التلفزة الرقمية والألواح الإلكترونية والحواسيب… فضلا عن الهواتف الذكية التي هبطت أسعارها إلى مستويات قياسية، حتى بات الأب والأستاذ والطالب والتلميذ… لا يكتفي بامتلاك صنف واحد، بيد أن توظيفها في مجال التعلم الوظيفي جد ضعيف، إما نظرا لوجود نقص في عملية تأهيل الأساتذة أو انتفاء برانم محددة موازية مع البرامج المدرسية، وهو ما يجعل “البورطابل” بيد التلميذ(ة)/المراهق(ة)، في نهاية الطاف، مجرد أداة لتزجية الوقت والتسلية، وتبادل الصور والأشرطة أو الترويج لها.