عبد اللطيف مجدوب
بانوراما عامة
لاحظ المغاربة قاطبة، وبكثير من مشاعر الفخر والاعتزاز، توالي رسائل الترحيب والدعم كمواقف سياسية للعديد من الجهات، حكومية ودبلوماسية وأممية؛ وذلك في أعقاب إقدام القوات المسلحة الملكية على فتح معبر الكركرات الحدودي جنوب أقصى الصحراء المغربية وتمشيطه، بعد أن ظل محاصرا ومغلقا من قبل عصابات البوليساريو التي استنفدت جميع أوراقها في نزاعها المفتعل مع المغرب في صحرائه؛ آخرها كانت العزلة الدولية التي وجدت الجزائر نفسها مطبقة عليها على أكثر من صعيد، وهي ترى وبشعور من الإحباط العديد من الدول الإفريقية والعربية تعلن عن فتح سفاراتها بمدينة العيون، هذا عدا الأوراش الاقتصادية الضخمة بالمليارات من الدولارات، المزمع تنفيذها في كل من العيون والداخلة والكويرة، وينتظر أن تحمل رساميلها هويات شركات ومؤسسات دولية وازنة؛ سواء في منطقتي الشرق الأوسط أو آسيا.
موقف المغرب الصارم
سبق للعاهل المغربي محمد السادس أن نبّه، في خطابه الأخير 6 نونبر 2020 بمناسبة الذكرى السنوية للمسيرة الخضراء، المنتظم الدولي وكل الذين لا يتوانون عن شيطنة “ملف” الصحراء المغربية إلى أن مواقف المغرب يستمد قوتها من العديد من المواثيق الدولية، وظل وما زال منفتحا على كل حوار بناء وجاد يحفظ للمغرب حقوقه، وفي آن لن “يقف مكتوف الأيدي ” أمام كل المناوشات والعراقيل التي تضعها البوليساريو ومن يمولها.
وقد وجد المغرب نفسه مضطرا، بعد استنفاده لكل الوسائل السلمية، إلى أن يواجه تعنت بعض فلول البوليساريو ويلقنها درسا في عدم أخذهم خطاب المغرب بعين الاعتبار، بالرغم من البروباغندا العرجاء التي وظفتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والدّس الكاذب لمقاطع فيديو زائفة.. كشفت ألاعيبها واقع منطقة الكركرات والرايات المغربية الخفاقة على أبنيتها والهدوء المستتب الذي يعم كل أرجائها، فضلا عن قوافل السلع التي استأنفت رحلاتها من وإلى مناطق المغرب وموريتانيا.
لو يعلم الرأي العام الجزائري..
إن توالي استنكار الشعب الجزائري لسياسة حكامه بإقحام البلاد في دوامة الضياع ليس وليد اليوم، فقد أصبح صريحا بعد أن كان تلميحا، إذ أن هناك العديد من مكوناته السياسية أصبحت تجاهر الحاكم الجزائري بعاصفة من الاحتجاجات إلى درجة الاستنكار؛ وهي ترى الجزائر، في شخص حكامها، حشرت أنفها في ملف الصحراء المغربية لحقبة تنيف عن أربعة عقود، ولم ينالها منه حتى الآن سوى حصاد خيبة تلو أخرى، إن على المستوى الدبلوماسي الأممي أو الميداني، علاوة على العناء العسكري الذي يستنزف ماليتها. والحال أن معظم “الزعماء” والأفراد الرئيسيين الذي شاركوا في تأسيس جبهة البوليساريو عادوا إلى وطنهم الأم المغرب، في إطار نداء “إن الوطن غفور رحيم”، فلم يتبق من هذه الجمهورية الوهمية سوى خليط هجين من المرتزقة وفدوا على المنطقة من بلدان إفريقية عديدة، فارين من وجه العدالة التي تلاحقهم في بلدانهم، والبعض منهم على صلة بتنظيم داعش الذي تأكد أن زعيمها بمنطقة جنوب الصحراء يحمل جنسية جزائرية.
الدبلوماسية المغربية تحظى بتقدير دولي
كانت وما زالت الدبلوماسية المغربية تتسم بالهدوء ورجاحة العقل، وتشتغل في إطار المواثيق الدولية مع احترامها لسيادة الشعوب؛ وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهي إلى هذا منفتحة على الحوار وتتريث في اتخاذ المواقف والقرارات.
ونظرا لهذه الخصوصيات المتميزة، حازت على ثقة كثير من الأطراف الدولية والأممية، وجعلتها تستوعب خطاب المغرب وتفند كل الأطروحات الانفصالية. وبذلك، تضاعف عدد الدول التي تخلت عن تبني الخطاب الانفصالي الذي ما فتئ حكام الجزائر يروجون له في كل المحافل الدولية.
كما أن مساعي المغرب في حلحلة قضية ليبيا حظيت بتقدير ودعم العديد من الشركاء الأوروبيين، وأصبحت توصيات بوزنيقة سابقا وطنجة حاليا تشكل مرجعية أساسية للفرقاء الليبيين أنفسهم، بالنظر إلى البيئة الدبلوماسية الخصبة التي وفرها المغرب للأشقاء الليبيين.
كما لا يمكن، في هذا السياق، إغفال الدور المغربي الريادي في مجاله الإفريقي ومد جسور التعاون بينه وبين العديد من الدول الإفريقية.