ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : المغرب وإسبانيا وتحاشي الاحتكاكات..

admin
كتاب واراء
admin3 يونيو 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
ذ.عبد اللطيف مجدوب يكتب : المغرب وإسبانيا وتحاشي الاحتكاكات..

عبد اللطيف مجدوب

علاقتنا بإسبانيا في سطور

من خلال استحضار كرونولوجيا العلاقة التي تربط المغرب بالجارة إسبانيا، وقبل ميلاد الاتحاد الأوروبى وانضمامها إليه سنة 1986، كانت بنيتها الاقتصادية هشة، مما دفع مواطنيها إلى الهجرة إلى المغرب عبر بوابتي سبتة ومليلية للبحث عن آفاق العيش والاسترزاق؛ فاشتغلوا في تهريب السلع ونقل البضائع والمسافرين عبر خطوط مدن تطوان والناظور وفاس… حتى إن فترة الستينيات إلى أواخر السبعينيات من القرن الماضي ما زالت تحتفظ بلقب تداوله المغاربة والإسبان معا: “الصبنيولي الحازق” أو “El pobre Español”، كناية عن الفقر المدقع الذي عرفه الإسبان في ستينيات القرن العشرين. لكن ما إن انضمت إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي حتى صار لها كيان سياسي واقتصادي آخر، عمل في وقت وجيز على إرساء دعائم تنمية أتت على جميع القطاعات، فاحتلت الصدارة الأوروبية والدولية على أكثر من واجهة، وقد ظل المغرب على الدّوام في مقدمة الشركاء الاقتصاديين، الذين ساهموا بنسبة كبيرة في تنويع السوق الإسبانية بكثير من المنتجات الفلاحية والبحرية؛ مع مفارقة ملحوظة أن تسعيرتها كانت منخفضة و”بخسة” مقارنة بالتسعيرة الأوروبية الموحدة، سيما فيما يخص منتجات الصيد البحري والحوامض والفوسفاط، علاوةً على أن إسبانيا، ولعهود خلت، ظلت متمسكة بمواقفها الهشة وبلامبالاتها تجاه قضية الصحراء المغربية، وعقم استثماراتها داخل المغرب؛ والحال أنها تستفيد من ترويج سلعها عبر الثغور السليبة سبتة ومليلية والجزر، يصل إجمالها إلى مليارات اليورو سنوياً.

هذا إلى جانب صمام الأمن والأمان الذي يقدمه المغرب لإسبانيا من خلال مراقبة والقبض على العناصر الإرهابية والمتطرفة العابرة للصحراء، التي تريد التسلل إلى أراضي أوروبا.

ورقة المقاطعة الاقتصادية

بيد المغرب ورقة اقتصادية استراتيجية جد هامة، تتمثل في السلع الإسبانية والأوروبية المعروضة بأسواق كل من سبتة ومليلية وجزر الكناري، والتي تدر مليارات الدولارات على الخزينة الإسبانية؛ ومعلوم أن استهلاكها، في معظمها، يذهب إلى المغاربة القاطنين بهذه الثغور المغربية بالضفتين المتوسطية والأطلسية، فهل استحضرت إسبانيا حجم خسائرها إذا لوح المغرب بورقة المقاطعة الاقتصادية هذه؟

ورقة التطبيع مع إسرائيل

لا يجادل أحد في أن ورقة التطبيع مع إسرائيل والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء منحا المغرب، في الآونة الأخيرة، ثقلاً استراتيجيا وصفة مفاوض من العيار الثقيل قطعا، إلى حد ما، مع مغرب الأمس، الذي كان يعاني عزلة اقتصادية وسياسية كبيرة، فضلاً عن تهميش مصالحه من قبل دول الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها كل من فرنسا وإسبانيا؛ وقد صار ممكنا للمغرب إعادة النظر في كل الاتفاقيات والشراكات التي تربطه بإسبانيا والاتحاد الأوروبي ندا للند. بل بات ممكنا، أكثر من أي وقت مضى، تحويل هذه الشراكات والمعاهدات إلى كل من إسرائيل وأمريكا، والسماح لهما باستعمال المياه المغربية في الصيد البحري، وفي آن واحد بناء محطات بحرية لمراقبة السفن العابرة.

رأس زعيم الانفصاليين كفدية لتحاشي المواجهة!

ما زالت الدوائر الرسمية في مدريد تتحجج بالجانب “الإنساني” تجاه إيواء زعيم عصابة البوليزاريو، الذي دخل الأراضي الإسبانية بوثائق مزورة، بإيعاز من العدو التقليدي الجزائر. لكن في خضم بعثرة العديد من الأوراق السياسية، حاولت إسبانيا إقحام الاتحاد الأوروبي، أو بالأحرى الاحتماء به للضغط على الرباط في ردع “موجات الهجرة غير الشرعية” وتسللها عبر سبتة ومليلية، وكأن المغرب بنظرها دركي منصّب من قبلها “لله في سبيل الله” لمواجهة هذه الهجرة، علماً بأن المغرب لا يتلقى من الاتحاد الأوروبي سوى الفتات في صد موجات المهاجرين الأفارقة، أو على الأقل تشييد مخيمات ومراكز لإيوائهم؛ مثلما هو موجود داخل دول الاتحاد.

ولإعادة المارد إلى قمقمه، يتعيّن على السلطات الإسبانية، تحاشيا لكل الاحتكاكات المحتملة مع السلطات المغربية، أن تسارع إلى محاكمة رئيس الانفصاليين بصك تهم ثقيلة كالهوية الثبوتية المزورة واغتصاب نساء مغربيات صحراويات.. وتضع نصب أعينها أن صيانة التعاون الأمني أمر حيوي لها، فكم من مجرم أو متابع قضائيا كان للمغرب الفضل في إلقاء القبض عليه وتسليمه إلى سلطات مدريد، فهل ستحذو هذه الأخيرة حذو المغرب في التعاون الأمني المشترك؟

لا التطبيع ولا المقاطعة كافيان لمواجهة إسبانيا

هناك ملف سياسي يثقل كاهل المغرب تلوح به السلطات الإسبانية كلما أرادت أن تستخف بخطاب المغرب ومساعيه في إحقاق الحق ومحاكمة رئيس الجمهورية الوهمية، يتمثل أساساً في بعض التحديات التي يواجهها المغرب على أصعدة الإدارة والحقوق والحريات وتوزيع الثروات… ولكسب هذه التحديات يتوجب على المغرب التعاطي بجدية وصرامة مع أوراش الإصلاح التي ما فتئت تحملها تقاريره؛ كان آخرها تقرير لجنة “النموذج التنموي”، الذي شخص بوضوح العديد من الانحرافات على مسار التنمية المستدامة. وعملا بالمثل المغربي “كن سبع وكولني”، ولتعزيز مواقف المغرب، سواء في المحافل الدولية أو في علاقاته بالشركاء الأوروبيين، عليه الإعلان عن ثورة حقيقية، والقطع مع كل الأساليب البالية في تدبيره للشأن العام، والحرص على نهج أساليب بديلة ترقى به إلى مصاف الدول ذات الوزن الثقيل في الديمقراطية والحقوق والحريات العامة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.